الرد على شبهة رؤية النبي لله في صورة شاب أمرد موفر قطط جعد في حلة حضراء

الرد على شبهة: رؤية النبي لله في صورة شاب أمرد جعد قطط موفر عليه حلة ورجلاه في خف وعليه نعلان من ذهب وعلى وجهه فراش من ذهب وكأنه عروس كشف عنه حجابه

مضمون الشبهة:

يزعم الشيعة الوثنيون أن أهل السُنة يعبدون إلهاً له شكل شاب أمرد ، ويستدل الشيعة الوثنيون ببعض الروايات المكذوبة التي سنعرضها ثم سنعلق عليها
====================

الرد على هذه الشبهة السخيفة:

أولاً:
أحاديث رؤية الله بصورة شاب أمرد كلها أحاديث ضعيفة ، ولم تَثبت نسبتها إلى النبي ، ولهذا أشار الأئمة القدماء إلى ضعف حديث الشاب الأمرد؛ فمثلاً:
يقول السخاوي في كتاب (الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية) ٣/‏١٠٨٠ — ما يلي:
[وعن ابن عباس رفعه: «أنه رأى ربه عز وجل شاب أمرد جعد قطط في حلة خضراء». أخرجه الدارقطني ثم ابن الوزي في العلل المتناهية وقال: إنه لا يَثبت.]

وقال تاج الدين بن السبكي في كتاب (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي) ٢/‏٣١٢ — ما يلي:
[وَحَدِيث فى صُورَة شَاب أَمْرَد - مَوْضُوع مَكْذُوب على رَسُول الله ﷺ]

بل إنك ستلاحظ التناقضات بين أحاديث الشاب الأمرد ؛ فمرة تزعم هذه الأحاديث أن النبي رأى ربه في حُلة حضراء ، وأحياناً أخرى تزعم أن النبي رآه في حُلة حمراء، ومرة تزعم هذه الأحاديث أن النبي رأى ربه شاباً موفراً أي ذو شعر غزير يتخطى شحمة الأذن ، وأحياناً أخرى تزعم هذه الأحاديث أن النبي رآه في صورة شاب جعد قطط أي ذو شعر أجعد قصير!!!

والآن تعالوا بنا نعرض لكم تلك الروايات ثم نثبت زيفها
الرواية الأولى:
يستدل الشيعة بالرواية التالية من كتاب (الكامل في ضعفاء الرجال) لابن عدي حيث يذكر:
[حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عاصم، حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي سُوَيْدٍ الذَّارِعُ، حَدَّثَنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنا مُحَمد بْنُ رافع، حَدَّثَنا اسود بن عامر، حَدَّثَنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَن قَتادَة، عَنْ عِكرمَة، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَأَيْتُ رَبِّي جَعْدًا أَمْرَدَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ خضراء.]

وأنا أرد وأقول:
الحديث السابق هو حديث ضعيف جداً ولم تصح نسبته إلى النبي ؛ فالسند يوجد به الراوي/ قتادة ،  وهو راوٍ مشهور بالتدليس بل هو في الدرجة الثالثة من المدلسين المكثرين من التدليس، وهذه الدرجة لا يُقبَل فيها حديث الراوي المدلس إلا إذا صرَّح هذا المدلس بسماعه لهذا الحديث من شيخه من خلال أن يقول: [سمعتُ فلان يقول هذا الحديث] أو [حدثني فلان بهذا الحديث]. فإذا لم يقل المدلس هذه العبارات فلا يكون حديثه حجة علينا بل يكون حديثاً ضعيفاً مشكوكاً فيه. 
ومعنى التدليس هنا هو أن الراوي المدلس قد يسمع كلاماً من أشخاص مجهولين أو كذابين، وهؤلاء الكذابون ينسبون الكلام إلى شيخ معين، فيقوم الراوي المدلس بحذف أسماء هؤلاء الكذابين من السند وينسب كلامهم مباشرةً إلى الشيخ بدون أن ينبه المستمع إلى أنه أخذ الكلام من الأشخاص المجهولين أو الكذابين...
وحديث الشاب الأمرد يرويه قتادة عن عكرمة بالعنعنة بدون أن يصرح بأنه سمع هذا الحديث بالذات من فم عكرمة...  
وقد قال الإمام الذهبي عن قتادة أنه مدلس معروف بالتدليس ، ويمكنك أن تراجع كتاب (سير أعلام النبلاء)  5/ 271 
- وقال ابن حبان في كتاب (المجروحين) ٢/‏٨٦ — ما يلي:  
[الثقات المدلسون الذين كانوا يدلسون في الأخبار مثل قتادة ... كانوا يكتبون عن الكل ويروون عمَن سمعوا منه، فربما دلَّسوا عن الشيخ بعد سماعهم عنه عن أقوام ضعفاء لا يجوز الاحتجاج بأخبارهم. فما لم يقل المدلس: (حدثني) أو (سمعت) فلا يجوز الاحتجاج بخبره حتى وإن كان ثقة.]

- وقال الطبري - في كتاب (تهذيب الآثار | مسند عمر) 2/ 871 - ما يلي:
[قَتَادَةَ مِنْ أَهْلِ التَّدْلِيسِ، وَلَا يُحْتَجُّ عِنْدَهُمْ مِنْ حَدِيثِ الْمُدَلِّسِ فِي الدِّينِ إِلَّا بِمَا قَالَ فِيهِ: (سَمِعْتُ) أَوْ (حَدَّثَنَا) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ]

- وقال بدر الدين العيني - في كتاب (عمدة القاري ١٠/‏٣٠٤) ما يلي:
[شُعْبَة قَالَ: كنت أنظرُ إِلَى فَم قَتَادَة، فَإِذا قَالَ: (حدثنا) كتبتُ، وَإِذا قَالَ: (عَن فلَان) أَو (قَالَ فلَان) لم أكتبه، وَهُوَ مُدَلّس دلّس عَن مجهولين. وَقَالَ الْكَرَابِيسِي وَغَيره: فَإِذا قَالَ المدلس: (حَدثنَا)، يكون حجَّة، وَإِذا قَالَ: (فلَان قَالَ)، أَو (عَن فلَان)، لَا يكون حجَّة، فَلَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ]


- وقال الإمام/ ابن رجب الحنبلي - في كتاب (شرح علل الترمذي) ٢/‏٥٨٢ — ما يلي: 
[وقال الشاذكوني: مَن أراد التدين بالحديث فلا يأخذ عن الأعمش، ولا عن قتادة إلا ما قالا: (سمعناه).]

- ويقول الزيلعي في كتاب (نصب الراية) 3/ 155 ما يلي:
[قَتَادَةَ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: (حَدَّثَنَا)، وَلَا (سَمِعْت)، وَهُوَ إمَامٌ فِي التَّدْلِيسِ]

فـ(قتادة) معروف أنه يدلس الإسناد ، وقد يسمع الرواية من شخص مجهول ثم يُخفِي اسمه من السند. وبالتالي فإن الحديث السابق ضعيف ولا يصح...، ونحن لا نعرف هل قتادة سمع هذا الحديث بالذات من عكرمة...، ولا يمكن إثبات أن الحديث السابق من الأحاديث الستة التي سمعها قتادة من عكرمة نظراً لأن قتادة يأخذ الأحاديث أيضاً من ناس آخرين مجهولين أو كذابين ثم ينسبها مباشرةً إلى عكرمة كما وضَّح الإمام ابن حبان منذ قليل.

وهناك مشكلة أخرى في سند الرواية؛ حيث يوجد في السند الراوي/ حماد بن سلمة ، وهو يخطيء كثيراً إذا روى عن قتادة ، وهذه النقطة قد أشرتُ لها من قبل في منشور منفصل. وسأذكر بعضاً من المراجع:
* قال الشيخ/ أبو أويس الكردي - في كـتاب (سلسة الفوائد الـحـديثية والفقهية) ١/‏٣٤٩ — ما يـلي:
[قال الإمام مسلـم في «التـميـيز له» (ص: ٢١٨): قَالَ يـحيى القطَّان ويـحـيى بن مَعِين وأحمد بن حنبل وغيرهم من أهل الـمعرفَة: «حماد يُعَدّ عندهم إذا حَـدَّث عن غير ثَابت، كـحـديـثه عن قتادة، وأيوب، ويونس، وداود بن أبي هند، والـجُرَيْري، ويـحـيى بن سعيد، وعمرو بن دينار، وأشباههم، فإنه يُـخْطِئ في حـديثـهم كثيرًا».]

ولذلك علَّق الإمام ابن الجوزي على الحديث السابق في كتابه (العلل المتناهية) ١/‏٢٣ قائلاً:
[قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هَذَا الْحَدِيثُ لا يَثْبُتُ، وَطُرُقُهُ كُلُّهَا عَلَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ.]

فالخلاصة أن الحديث السابق ضعيف بسبب عنعنة قتادة وهو مشهور بالتدليس، والسبب الآخر أن حماد بن سلمة يخطيء في الأحاديث التي ينقلها عن قتادة.

=================
الرواية الثانية:
يستدل الشيعة الوثنيون بالرواية التالية من كتاب (إبطال التأويلات لأخبار الصفات) حيث ورد فيه ما يلي:
[أنبأنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ: أَجَازَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ لُؤْلُؤٍ ، قَالَ: حدثنا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ الدُّورِيُّ ، قَالَ: حدثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ: قَالَ الضَّحَّاكُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : "رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ بِعَيْنَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ"]

وأنا أرد وأقول:
الحديث السابق هو حديث ضعيف ؛ فالسند يوجد به الراوي/ ابن جريج، وهو معروف بالتدليس ولا تُقبَل روايته التي يرويها بالعنعنة ، ولذا قال الدارقطني عنه:
[تجنب تدليس ابن جريج، فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح.]

وقد علَّق المحقق الدكتور الشيخ/ محمد بن حمد الحمود النجدي - في هامش كتاب (إبطال التأويلات - ط غراس) صفحة  ١/‏١٦٣ قائلاً ما يلي:
[إسناده ضعيف، فيه عنعنة ابن جريج وهو مدلس
فالحديث السابق هو حديث ضعيف ، ولم تَثبت نسبته إلى النبي محمد أصلاً.

=====================
الرواية الثالثة:
يستدل الشيعة الوثنيون بالرواية التالية من كتاب (الكامل في ضعفاء الرجال) وهي كالتالي:
[حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ بْنُ عَبد الحميد الواسطي، حَدَّثَنا النضر بن سلمة شاذان، حَدَّثَنا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنُ سَلَمَةَ، عَن قَتادَة، عَنْ عِكرمَة، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ مِنْ دُونِهِ سِتْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ قَدَمَيْهِ أَوْ قَالَ رجليه في خصره.]
وأنا أرد وأقول:
الحديث السابق حديث ضعيف جداً لعدة أسباب ؛ أولاً:- الراوي قتادة مدلس كما قلنا ولا تُقبَل عنعته ، والسبب الثاني أن حماد بن سلمة يخطيء في حديثه عن قتادة ، والسبب الثالث أن الراوي/ النضر بن سلمة هو راوٍ كذاب كان يخترع الأحاديث كما أخبرنا الدارقطني والعباس بن عبد العظيم العنبري وأبو حاتم الرازي وابن عدي الجرجاني وابن حبان البستي وغيرهم.


=====================
الرواية الرابعة:
يستدل الشيعة الوثنيون بما رواه الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) حيث ذكر الرواية التالية:
 [أَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ، قَالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ هُوَ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أُمِّ الطُّفَيْلِ امْرَأَةِ أُبَيٍّ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ ﷺ يَذْكُرُ: «أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ تَعَالَى فِي الْمَنَامِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ شَابًّا مُوفَرًا، رِجْلاهُ فِي خُفٍّ عَلَيْهِ نَعْلانِ مِنْ ذَهَبٍ، عَلَى وَجْهِهِ فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ».]

وأنا أرد وأقول:
الحديث السابق هو حديث ضعيف أصلاً ولم تَثبت نسبته إلى النبي؛ فالراوي الذي روى الحديث هو مروان بن عثمان، وقد ضعَّفه علماء الحديث مثل أبو حاتم الرازي وابن حجر العسقلاني ، ووصفه النسائي بالكذب على الله حيث قال:
[مَن مروانُ بن عثمان حتي يَصدُق علي الله عز وجل؟!]
والخطيب البغدادي نفسه قد شكَّك في مصداقية الحديث السابق وكأنه يشير إلى أنه من أكاذيب واختراعات مروان بن عثمان، ولذلك إذا أكملنا كلام الخطيب البغدادي فسنجده يقول:
[حَدَّثَنِي الصوري، قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الغني بن سعيد الحافظ، وأَخْبَرَنَا علي بن إبراهيم بن سعيد النحوي، جميعا بمصر، قالا: حَدَّثَنَا أَبُو إسحاق إبراهيم بن مُحَمَّد الرعيني، قال: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الحداد، يقول: سمعت أبا عَبْد الرَّحْمَن النسوي، يقول: ومَن مَرْوَان بن عثمان حتى يَصدُق على الله؟!

ثم إن سند الحديث به مشكلة أخرى حيث يوجد به الراوي/ عمارة بن عامر ، وهو شخصية مجهولة الحال وليس لها أي توثيق معتبر في كتب الحديث ، بالإضافة إلى أنه لم يسمع أم الطفيل أصلاً، ولهذا قال ابن حجر العسقلاني في كتاب (لسان الميزان) ٦/‏٥٨ — ما يلي:
[ عمارة بن عمير: عن أم الطفيل بحديث الرؤية، لا يُعرَف. وذكره البخاري في الضعفاء.
وفي كتاب (ثقات ابن حبان): عمارة بن عامر عن أم الطفيل، فذكر حديث الرؤية وقال: مُنكَر، لم يسمع عمارة من أم الطفيل، وإنما ذكرته لكي لا يغتر الناظر فيه فيحتج به.]

وذكر البخاري في كتاب (التاريخ الكبير) ٦/‏٥٠٠ ، و(التاريخ الأوسط) ١٤١٩ أن عمارة بن عامر مجهول ولم يَثبت سماعه من أم الطفيل أصلاً.

وذكر الذهبي في كتابه (أحاديث مختارة من موضوعات الجورقاني وابن الجوزي) ١/‏٤٢ — ما يلي:
[حَدِيث عمَارَة بن عَامر عَن أم الطُّفَيْل: «روية الْمَنَام» مُنكَر.]

ونبَّه السيوطي إلى أنه حديث مكذوب ، ويمكنك مراجعة كتابه (اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) ١/‏٣٣ 

وذُكِرَ في كتاب (السنة لابن أبي عاصم ومعها ظلال الجنة للألباني) ١/‏٢٠٥ — ما يلي:
[إسناده ضعيف مظلم ؛ عمارة بن عامر أورده ابن أبي حاتم ٣/‏١/٣٦٧ من هذه الرواية ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
ومروان بن عثمان هو ابن أبي سعيد بن المعلى الأنصاري الزرقي ضعيف كما في «التقريب». وذكر المزي في «التهذيب» أنه روى عَنْ أُمِّ الطُّفَيْلِ امْرَأَةِ أُبَيِّ بن كعب فتعقبه الحافظ في «تهذيبه» بقوله: ((وفيه نظر ، فإن روايته إنما هي عن عمارة بن عمرو بن حزم عَنْ أُمِّ الطُّفَيْلِ امْرَأَةِ أُبَيِّ في الرؤية ، وهو متن مُنكَر)).]

وقال الأستاذ الدكتور/ خلدون الأحدب - في كتاب (زوائد تاريخ بغداد على الكتب الستة) ٩/‏٢٥٤ — ما يلي: 
[ورواه ابن الجَوْزِي في«العلل»(١/ ١٥)، عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، وقال في (١/ ١٥ - ١٦): ((ذكر أبو بكر الخَلَّال في كتابه «العلل»، قال: أخبرني محمد بن عليّ قال: حدَّثنا مُهَنَّا قال: سألت أبا عبد اللَّه أحمد بن حنبل عن هذا الحديث، فَحَوَّلَ وجهه عئِّي، قال: هذا حديث منكر. وقال: لا يُعْرَفُ. هذا رجل مجهول -يعني مروان بن عثمان-. قال: ولا يُعْرَفُ أيضًا عن عُمَارَة بن عامر)).
ورواه ابن الجَوْزِي أيضًا في«الموضوعات»(١/ ١٢٥ - ١٢٦)، عن الخطيب من طريقه المتقدِّم، وقال: ((أمَّا نُعَيْم فقد وثَّقه قوم. وقال ابن عدي: كان يضع الحديث. وكان يحيى بن مَعِين يُهَجِّنه في روايته حديث أُمِّ الطُّفَيْل. وكان يقول: ما كان ينبغي له أن يحدِّث بمثل هذا، وليس نُعَيْم بشيء في الحديث«. ثم ذكر قول النَّسَائي وأحمد في مروان)).
وتعقَّبه السُّيُوطيُّ في«اللآلئ المصنوعة» (١/ ٢٨ - ٣١)، وتابعه ابن عَرَّاق في«تنزيه الشريعة المرفوعة»(١/ ١٤٥) ولخَّص كلامه، فقال:((تُعُقِّبَ بأن (عُمَارة) ذكره البخاري في الضعفاء. وقال ابن حِبَّان: لم يسمع من أُمِّ الطُّفَيْل. وسمَّاه الطبراني، فقال: عُمَاَرة بن عامر بن حزم الأنصاري.))]


ونفس الأمر ينطبق على الحديث المكذوب الموجود في كتاب (الرؤيا للدارقطني) وكتاب (إبطال التأويلات لأخبار الصفات) حيث يقول:
[وأخبرنا أَبُو بَكْرِ بْنُ بِشْرَانَ ، أخبرنا الدَّارَقُطْنِيُّ ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَارِسِيُّ ، أخبرنا أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ ، أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، أخبرنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلالٍ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ أُمِّ الطُّفَيْلِ ، امْرَأَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ، يَذْكُرُ: " أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ فِي النَّوْمِ فِي صُورَةِ شَابٍّ ذِي وَفْرَةٍ ، قَدَمَاهُ فِي الْخُضْرِ ، عَلَيْهِ نَعْلانِ مِنْ ذَهَبٍ ، عَلَى وَجْهِهِ فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ".]

فالحديث السابق قد رواه مروان بن عثمان الكذاب، وليس هناك ما يثبت أن عمارة بن عامر المجهول سمع هذا الحديث من أم الطفيل.

ونفس الأمر ينطبق على الحديث الذي ورد أيضاً في كتاب (إبطال التأويلات لأخبار الصفات) حيث يقول:
[وحدثنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ ، قَالَ : أخبرنا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ ، فِي الإِجَازَةِ ، قَالَ : حدثنا بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ أَخِي وَهْبٍ ، قَالَ : حدثنا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ عُثْمَانَ حَدَّثَهُ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ أُمِّ الطُّفَيْلِ ، امْرَأَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ : "رَأَيْتُ رَبِّي فِي الْمَنَامِ فِي خُضْرٍ مِنَ الْفِرْدَوْسِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ ، فِي رِجْلَيْهِ نَعْلانِ مِنْ ذَهَبٍ ، عَلَى وَجْهِهِ فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ"]

وهذا الحديث ضعيف كما قلنا؛ فالراوي/ مروان بن عثمان هو راوٍ ضعيف.
والراوي/ عمارة بن عامر المجهول لم يثبت سماعه من أم الطفل.
والراوي/  أحمد بن عبد الرحمن بن أخي وهب هو راوٍ ضعيف الحديث.
والراوي/ ابن سليمان المعروف بـ(محمد بن محمد بن سليمان الباغندي) هو راوٍ كثير الخطأ والتصحيف كما وصفه الدارقطني وأبو بكر الإسماعيلي والذهبي. 

ولذلك ذكر الشوكاني في كتاب (الفوائد المجموعة) ما يلي: 
[حديث رقم 1070: ((رَأَيْتُ رَبِّي فِي الْمَنَامِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ شَابًّا مُوَقَّرًا ، رِجْلاهُ فِي خُضْرٍ ، عَلَيْهِ نَعْلانِ مِنْ ذَهَبٍ ، عَلَى وَجْهِهِ فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ)) ، رواه الخطيب ، عن أم الطفيل امرأة أُبي بن كعب ، وهو حديث موضوع ، وفي إسناده وضَّاع وكذاب ومجهول]

وحتى لو افترضنا أن الأحاديث السابقة صحيحة ، فإنها لا تتحدث عن شكل الله الحقيقي بل تتحدث عن رؤيا منامية ليست واقعية ، ولذلك ستجد الأحاديث السابقة ذكرت عبارة: [رَأَى رَبَّهُ فِي النَّوْمِ فِي صُورَةِ شَابٍّ]

يعني الأمر كان مجرد حلم
===============
الرواية الخامسة:
يستدل الشيعة الوثنيون بما رواه الدارقطني في كتاب (الرؤيا) حيث يقول:
[حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ ، بِمِصْرَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُكَيْرٍ الْبَزَّارُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ نَجِيحٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : " رَأَيْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي مَنَامِي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ كَالشَّابِّ الْمُوَفَّرِ عَلَى كُرْسِيِّ الْكَرَامَةِ ، حَوْلَهُ فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ ، فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ ، فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا عَلَى كَبِدِي....]

وأنا أرد وأقول:
الحديث السابق حديث مكذوب زائف ؛ فقد جاءنا من طريق الراوي/ إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، وهو راوٍ متروك الحديث وليس بالقوي في الحديث.
والراوي/ خالد بن نجيح هو راوٍ كذاب بحسب كتب الرجال.
والراوي/ عبد الرحمن بن خالد بن نجيح هو راوٍ ضعيف مُنكَر الحديث.
والراوي/ أبو العباس أحمد بن يحيى بن زُكير هو راوٍ ضعيف وليس بشيء في الحديث.


====================
الرواية السادسة:
يستدل الشيعة الوثنيون بما ذكره الحصني الدمشقي في كتاب (دفع الشبه عن الرسول) كالتالي:
[وزاد فروى من حديث ابن عباس أن النبي عليه السلام قال: (لما أُسري بي رأيت الرحمن على صورة شاب أمرد نوره يتلألأ، وقد نُهيت عن صفته لكم، فسألت ربي أن يكرمني برؤيته، فإذا كأنه عروس حين كشف عنه حجابه مستوٍ على عرشه).]

وأنا أرد وأقول:
الكلام السابق قد اقتطعه الشيعة من سياقه؛ فالحصني الدمشقي كان يذكر هذا الكلام لكي ينتقده وليس لأنه يؤمن به ، ولهذا إذا قرأنا كلام الحصني كاملاً فسنجده يقول:
[وقد تمسك بهذا الحديث ابن حامد المشبِّه، فأثبت لله سبحانه وتعالى صفات وزاد فرَوى من حديث ابن عباس أن النبي عليه السلام قال: ((لما أُسري بي رأيت الرحمن على صورة شاب أمرد نوره يتلألأ، وقد نُهيت عن صفته لكم، فسألت ربي أن يكرمني برؤيته، فإذا كأنه عروس حين كشف عنه حجابه مستو على عرشه)). وهذا من وضعه وافترائه وجرأته على الله - عز وجل - وعلى رسوله. ومَن أعظم فرية ممن شبَّه الله - عز وجل - بأمرد وعروس؟!]

فالحصني ذكر الكلام السابق لكي ينتقده ويقول أنه حديث مكذوب مزيف...، ولكن أعداء الإسلام بتروا كلام الحصني من سياقه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وعلى فكرة ، الحديث السابق هو فعلاً مكذوب ولكنه ليس من اختراع ابن حامد نفسه كما ظن الحصني بل هو من اختراع أشخاص آخرين مجهولين قبل أن يُولَد ابن حامد أصلاً، ولذلك عندما نرجع إلى كتاب مثل (بيان تلبيس الجهمية) ٧/‏٣٢٢ — فسنجد ابن تيمية يقول:
[ثم المثبتة تزيد في الأحاديث لفظًا ومعنى فيثبتون بعض الأحاديث الموضوعة صفات ويجعلون بعض الظواهر صفات ولا يكون كذلك والنافية تنقض الأحاديث لفظًا ومعنًا فيكذبون بالحق ويحرفون الكلم عن مواضعه ، ومن هذا ما رواه الخلال حدثنا عمرو بن إسحق حدثنا أبو مسلم الحضرمي حدثنا أبو معاوية وهب بن عمرو الأحموسي عن أبي عبد الرحمن عن مقاتل بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس أنه حدَّث عن النبي ﷺ أنه قال: ((لَمَّا أُسري بي إلى السماء فرأيت الرحمن الأعلى بقلبي في خلق شاب أمرد نور يتلألأ وقد نُهيت عن صفته لكم فسألت إلهي أن يكرمني برؤيته فإذا هو كأنه عروس حين كُشفت عن حجلته مستويًا على عرشه في وقاره وعزه ومجده وعُلوِّه ولم يؤذن لي في غير ذلك من صفته لكم سبحانه في جلاله وكريم فِعاله في مكانه العلي نوره المتعالي)) وهذه الألفاظ ينكر أهل المعرفة بالحديث أن تكون من ألفاظ رسول الله ﷺ]

فهنا👆، ابن تيمية يخبرنا أن علماء الحديث يعرفون أن الحديث السابق حديث مكذوب منسوب زوراً إلى النبي، وقد ذكر ابن تيمية سند الحديث لكي نعرف من أين جاء هذا الحديث حيث أن سند الحديث كالتالي:
[رواه الخلال : حدثنا عمرو بن إسحق ، حدثنا أبو مسلم الحضرمي ، حدثنا أبو معاوية وهب بن عمرو الأحموسي ، عن أبي عبد الرحمن ، عن مقاتل بن حيان ، عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي]  
وسند هذا الحديث 👆يوجد به الكثير من الرواة المجهولين والذين لم تَثبُت وثاقتهم في كتب الرجال؛ فمثلاً: الراوي/ وهب بن عمرو الأحموسي هو راوٍ مجهول وليس له أي توثيق في كتب الرجال.
والراوي/ عمرو بن إسحاق في السند هو شخصية مجهولة أيضاً.
 والراوي/ أبو مسلم الحضرمي هو شخصية مجهولة وليس لها توثيق في كتب الحديث.
والراويان عمرو بن إسحاق وأبي عبد الرحمن لا أعرفهما وبحثتُ ولم أجد لهما أي توثيق.
وقد جاء هذا الحديث المكذوب من خلال هؤلاء الرواة المجهولين الذين هم بلا توثيق في كتب الحديث.


====================
الرواية السابعة:
يستدل الشيعة الوثنيون بما ورد في كتاب (العلل المتناهية لابن الجوزي) حيث ورد فيه ما يلي:
[أَخبرنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الزَّاغُونِيُّ ، قَالَ: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ الْبُسُرِيِّ ، قَالَ: أخبرنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ العُكْبَرِيُّ ، قَالَ: أخبرنا أَبُو ذَرٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيُّ ، قَالَ: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ ، قَالَ : أخبرنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ بَعَثَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ ، هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ ؟ فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَنْ نَعَمْ قَدْ رَآهُ ، فَرَدَّ رَسُولُهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: كَيْفَ رَآهُ ؟ فَقَالَ:"رَآهُ عَلَى كُرْسِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي صُورَةٍ رَجُلٍ ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ أَسَدٍ ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ ثَوْرٍ ، وَمَلَكٌ فِي صُورَةِ نَسْرٍ ، فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ دُونَهُ فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ"]

وأنا أرد وأقول:
ابن الجوزي نفسه قد ذكر الحديث السابق؛ لكي ينبه القاريء إلى أنه حديث مكذوب ، ولذلك إذا أنت أكملت كلام ابن الجوزي مباشرةً فستجده يقول:
[قَالَ الْمُصَنِّفُ: هَذَا حَدِيثٌ لا يَصِحُّ تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، وَقَدْ كَذَّبَهُ مَالِكٌ ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ.]

ثم إن الاسم الكامل لكتاب (العلل المتناهية) هو (العلل المتناهية في الأحاديث الواهية) ، وهو كتاب مخصص أصلاً لذكر الأحاديث الضعيفة والمكذوبة وتبيين سبب ضعفها.
وهناك مشكلة أخرى في سند الحديث السابق وهو الراوي/ يونس بن بكير ، فهو مختلف فيه بين علماء الحديث ، وكذلك الراوي/ عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش مختلف في حاله بين علماء الحديث وقد ضعَّفه بعض العلماء مثل النسائي وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني.
وهنا مشكلة أخرى في سند الحديث تثبت زيف هذا الحديث ، وهذه المشكلة قد أشار إليها البيهقي في كتاب (الأسماء والصفات - حديث 919) حيث قال:
[قُلْتُ: فَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ ؛ تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ ، وَقَدْ مَضَى الْكَلامُ فِي ضَعْفِ مَا يَرْوِيهِ إِذَا لَمْ يُبَيِّنْ سَمَاعَهُ فِيهِ ، وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ الرَّاوِي عَنْهُ ، وَلَيْسَ مِنْ هَذِهِ الأَلْفَاظِ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ضَعِيفٍ.]

فالبيهقي يقول أن راوي الحديث لم يسمع هذا الكلام من ابن عباس أصلاً وهنا انقطاع بينهما.
وحتى لو افترضنا أن الحديث السابق صحيح فإن الحديث لم يذكر أن النبي رأى الله في صورة شاب أصلاً. 

=================
الرواية الثامنة:
يستدل الشيعة الوثنيون بما رواه المتقي الهندي في كتاب (كنز العمال) حيث يقول:
[حديث: رأيت ربي في حظيرة من الفردوس في صورة شاب عليه تاج يلتمع البصر. (رواه الطبراني في السنة عن معاذ بن عفراء).]

وأنا أرد وأقول:
أولاً: كتاب (كنز العمال) مليء بالكثير من الأحاديث الضعيفة والمكذوبة ، ثم إن المتقي الهندي يخبرنا أنه أخذ الحديث السابق من الطبراني، ولذا تعالوا بنا نرجع إلى الطبراني لكي نرى سند الحديث بالكامل وما مصدره 👇
يقول السيوطي في كتاب (اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) ما يلي:
[وقال الطبراني: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَعِيد الرازي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حاتِم المؤدب ، حَدَّثَنَا القاسم بْن مالك المزني ، حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن زياد ، عَن عمه سليم بْن زياد ، قَالَ : لقيتُ عكرمة مولى ابن عَبَّاس ، فقال لا تبرح حتى أشهدك عَلَى هذا الرجل ابن لِمعاذ بْن عفراء ، فقال أخبرني بِما أخبرك أبوك عَن قول رسول الله. فقال: حدَّثَنِي أَبِي ، أن رسول الله حدّثه أَنَّهُ " رأى رب العالمين عَزَّ وَجَلَّ فِي حظيرة من القدس ، فِي صورة شاب عَلَيْهِ تاج يلتمع البصر" . قَالَ سُفْيَان بْن زياد: فلقيتُ عكرمة بعد فسألته الحديث ، فقال : نعم ، كذا حدَّثَنِي إلا أَنَّهُ قَالَ: رآه بفؤاده.] 

ومن خلال السند السابق يتبين لنا أن الحديث ضعيف جداً ولم تَثبت نسبته إلى النبي؛ فقد جاء لنا الحديث عن طريق الراوي/ سليم بن زياد وسفيان بن زياد ، وهما شخصيتان مجهولتان وليس لهما توثيق في كتب الرجال.
ثم إن الحديث لا يتكلم عن رؤية بالعين بل بالفؤاد.
=================
الرواية التاسعة:
يستدل الشيعة الوثنيون بما ورد في كتاب (إبطال التأويلات لأخبار الصفات) حيث ذُكِرَ ما يلي:
[وَأخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : أخبرنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ الصَّلْتِ ، قَالَ : أخبرنا أَبُو عُمَرَ حَمْزَةُ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَاشِمِيُّ ، أخبرنا عُمَرُ بْنُ مُدْرَكٍ أَبُو حَفْصٍ الْقَاضِي ، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، قَالَ : أخبرنا شَاذَانُ ، قَالَ : أخبرنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " رَأَيْتُ رَبِّي ، عَزَّ وَجَلَّ ، فِي حُلَّةٍ خَضْرَاءَ فِي صُورَةِ شَابٍّ عَلَيْهِ تَاجٌ يَلْمَعُ مِنْهُ الْبَصَرُ"]

والحديث السابق ضعيف👆؛ فالراوي/ عمر بن مدرك البلخي الملقب بـ(أبو حفص القاضي) هو راوٍ كذاب ضعيف الحديث.
والراوي/ حماد بن سلمة يخطيء كثيراً في أحاديث قتادة كما ذكرتُ منذ قليل.
والراوي/ قتادة مدلس كثير التدليس ولم يصرح بالسماع لهذا الحديث من عكرمة. 
=================
وأخيراً:
حتى لو افترضنا أن الأحاديث السابقة صحيحة ، فإنها لا تتحدث عن شكل الله الحقيقي بل تتحدث عن رؤيا منامية ليست واقعية ، ولذلك ستجد الأحاديث السابقة ذكرت عبارة: [رَأَى رَبَّهُ فِي النَّوْمِ فِي صُورَةِ شَابٍّ]
واعلم أنه ليس شرطاً أن تكون الصورة المنامية مثل الصورة الحقيقية ؛ فمثلاً: القرآن الكريم أخبرنا أن النبي يوسف رأي إخوانه في المنام على شكل كواكب ، ورأى أباه على شكل شمس ورأى أمه على شكل قمر بالرغم من أن هذه ليست أشكالهم الحقيقية. وكذلك صورة الشاب الأمرد في المنام ليست هي صورة الله الحقيقية في الواقع.
ثم إن الله أخبرنا في القرآن الكريم أنه لم يكلم أحداً بشكله الحقيقي:
يقول الله تعالى:
﴿۞ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن یُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡیًا أَوۡ مِن وَرَاۤىِٕ حِجَابٍ أَوۡ یُرۡسِلَ رَسُولࣰا فَیُوحِیَ بِإِذۡنِهِۦ مَا یَشَاۤءُۚ إِنَّهُۥ عَلِیٌّ حَكِیمࣱ﴾ [الشورى ٥١]


وفي النهاية ، أود أن أقتبس هذا الاقتباس الرائع للشيخ/ طارق بن عوض الله - في كتابه (الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات) ١/‏١٢٢ — حيث يقول:
[حديث: مروان بن عثمان، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل - امرأة أُبي بن كعب - أنها سمعت رسول الله ﷺ يذكر أنه، رأى ربه في المنام في صورة شاب مُوَفِّر، رجلاه في حضر، عليه نعلان من ذهب، على وجهه فراش من ذهب!
فهذا حديث؛ باطل منكر، لا يشك مَن اشتم رائحة العلم في ذلك.
وقد أنكره جماعة من أهل العلم: فقد سُئل عنه الإمام أحمد، فحوَّل وجهه عن السائل، ثم قال: «هذا مُنكَر؛ مروان بن عثمان هذا رجل مجهول، وعمارة بن عامر هذا الذي روى عنه مروان لا يُعرَف»
وقال النسائي: «ومَن مروان بن عثمان حتى يَصدُق على الله عز وجل؟!».
وقال عبد الخالق بن منصور: «رأيت يحيى بن معين كأنه يهجن نعيم بن حماد في حديث أم الطفيل (حديث الرؤية هذا) ويقول: ما كان ينبغي له أن يُحدِّث بمثل هذا الحديث».
قلتُ: يعني - والله أعلم- أنه ما كان لنعيم - وهو من أهل السنة - أن يُحدِّث بهذا الحديث المُنكَر، الذي تُشتَم منه رائحة التجسيم.
وقال ابن حبان في ترجمة عمارة بن عامر من كتاب «الثقات»: «يروي عن أم الطفيل - امرأة أُبي بن كعب، عن النبي ﷺ، قال: ((رأيت ربي...)) حديثًا منكرًا، لم يسمع عمارة من أم الطفيل؛ وإنما ذكرته لكي لا يغتر الناظر فيه، فيحتج به من حديث أهل مصر».
وقال الحافظ ابن حجر: «وهو متن منكر».
وقد أخرجه: ابن أبي عاصم في «السنة» (٤٧١) بإسناده مختصرًا، فحذف القدر المُنكَر منه، واكتفى بقوله: «رأيتُ ربي في المنام في أحسن صورة»، وقال «وذكر كلامًا».
فلم يَتَنَبَّه بعض أفاضل أهل العلم لنكارة متنه، فاعتبره صحيحًا بالأحاديث التي قبله، والتي فيها: «رأيت ربي في أحسن صورة».
وهذا؛ من عيب الاختصار من جهة، ومن جهة أخرى من عيب تقوية الرواية بغيرها من الشواهد التي توافقها في المعنى، قبل النظر في حال الرواية بذاتها، واستفراغ البحث في نقدها بخصوصها، وهل هي منكرة، أم محتملة،
لأنه إذا ثبت أنها منكرة، وأن الراوي أخطأ في المتن، فأتى به بلفظ منكر، فما المانع من أن يكون قد أخطأ في السند أيضًا، وأتى به على غير وجهه، وهو قد تفرد بالإسناد والمتن معًا.
ومعلوم؛ أن الخطأ في الأسانيد أكثر من الخطأ في المتون، فإن الأسانيد كثيرة ومتشعبة، بخلاف المتون، ولذا تجد الرواة كثيرًا ما يتفقون على المتن، وإن اختلفوا في إسناده، بل كثيرًا ما يجيء الضعفاء بأسانيد متعددة لمتن واحد، فيتفقون في المتن، وإن تفرد كل منهم بإسناد له.
فما ثبت في متنه نكارة، لا ينفع إسناده في باب الشواهد، إذا كان راويه قد تفرد بالإسناد والمتن معًا.]

فالخلاصة أن حديث رؤية الرب في صورة شاب أمرد هي أحاديث ضعيفة ولم تثبت أصلاً.
==================
إلى هنا ، أكون قد فندت الشبهة بفضل الله تعالى ، وسيكون هناك جزء ثان عن: [هل آمن السلف بأن النبي رأى ربه في صورة شاب أمرد]
لا تنسوا نشر المقال أو نسخه
لا تنسونا من صالح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x