الرد على شبهة آية {يا حسرة على العباد}

الرد على شبهة آية {يا حسرة على العباد} ، وهل الآية معناها أن الله يتحسر ويندم ، وهل القرآن يصف الله بأنه يتحسر ويندم ويتألم ، وهل إله الإسلام يتحسر

 مضمون الشبهة:

يزعم أعداء الإسلام أن القرآن يصف الله بأنه يتحسر ويندم ، ويستدل أعداء الإسلام بالآية التالية:

﴿یَـا حَسۡرَةً عَلَى ٱلۡعِبَادِۚ مَا یَأۡتِیهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا۟ بِهِۦ یَسۡتَهۡزِءُونَ﴾ [يس ٣٠]

-----------------------------------

الرد على هذه الشبهة السخيفة:

أولاً:

الآية السابقة لم تذكر أن الله يتحسر ، ولم تصف الله بالحسرة ، ولم تنسب الحسرة إلى الله أصلاً؛ فالله لم يقل في الآية: {يا حسرتي} بل الآية ذكرت فقط: {يا حسرةً على العباد}. وليس في الآية أي أداة ملكية تنسب الحسرة إلى الله نفسه.

فمن أين جاء أعداء الإسلام بأن الله نفسه يتحسر مثل تحسرنا؟!

إن الآية لم تنسب الحسرة إلى الله نفسه ، وليس شرطاً أن تُنسَب الحسرة إلى الله نفسه في الآية. ودعني أعطيك أمثلة لكي تفهم الأمر من ناحية لغوية:

إذا أنا رأيت قوماً يهلكون أمام عيني وقلتُ: [يا هلاكاً للقوم] ، فليس شرطاً أن أكون أنا مَن أهلكتهم ولا أنا هلكت معهم.

وعندما أقول لهؤلاء الهالكين: [يا خراباً لهم] ، فليس شرطاً أن أكون أنا مَن خرَّبتهم.

وعندما أراهم ملعونين، فإني أقول: [يا لعنة عليهم] ، وليس هذا معناه أنني مَن لعنتهم بل أنا أصف حالهم ، وأداة (يا) هي للتنبيه.

وعندما أقول على شخص صالح متوفي: [يا رحمةً على فلان] ، فليس هذا معناه أنني مَن رحمته.

وعندما أرى شخصاً عليه عبء وهموم، فإني أقول: [يا عبئاً على فلان]، وليس شرطاً أن أكون أنا مَن وضعت العبء عليه ولا أنا صاحب العبء. 

وعندما أرى شخصاً مغتاظاً فإني أقول: [يا غيظاً لفلان]، وليس شرطاً أن أكون أنا مَن أغظته ولا أني أنا المغتاظ.

ونفس الأمر ينطبق على عبارة: [يا حسرةً على العباد] ، حيث أنه ليس شرطاً أن يكون الله هو المتحسر نفسه بل هو يصف حال العباد.

وإذا قارنا آيات القرآن ببعضها فسنعرف مَن المتحسر أصلاً 👇

ورد في القرآن الكريم ما يلي:

﴿قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِلِقَاۤءِ ٱللَّهِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةࣰ قَالُوا۟ یَـا حَسۡرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطۡنَا فِیهَا وَهُمۡ یَحۡمِلُونَ أَوۡزَارَهُمۡ عَلَىٰ ظُهُورِهِمۡۚ أَلَا سَاۤءَ مَا یَزِرُونَ﴾ [الأنعام ٣١]

﴿أَن تَقُولَ نَفۡسࣱ یَـا حَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِی جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـاخِرِینَ﴾ [الزمر ٥٦]

من خلال النظر للآيات السابقة يتضح أن العاصين هم مَن يتحسرون يوم القيامة وليس الله.

ولذلك يقول الطبري في تفسيره لآية {يا حسرةً على العباد} ما يلي:

[يقول تعالى ذكره: يا حسرةً من العباد على أنفسها وتندّماً وتلهفاً في استهزائهم برسل الله]


* ويقول السمعاني في تفسيره لآية {يا حسرةً على العباد} ما يلي:

[وَأما قَوْله: إِن الْحَسْرَة على الله لَا تجوز، قُلْنَا: نعم، وَمعنى الْآيَة: يَا حسرة على الْعباد من أنفسهم؛ وَكَأَنَّهُم يتحسرون على أنفسهم غَايَة الْحَسْرَة]


* ويقول ابن كثير في تفسيره لآية {يا حسرةً على العباد} ما يلي:

[وَمَعْنَى هَذَا: يَا حَسْرَتَهُمْ وَنَدَامَتَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا عَايَنُوا الْعَذَابَ، كَيْفَ كَذَّبُوا رُسُلَ اللَّهِ، وَخَالَفُوا أَمْرَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي الدَّارِ الدُّنْيَا الْمُكَذِّبُونَ مِنْهُمْ.]

----------------------

وأخيراً ، أود أن أوضح أن اليهود والمسيحيين هم مَن يؤمنون أن إلههم يندم حيث ورد في الكتاب المقدس:

ورد في سفر الخروج 32: 14

"فندم الربُ على الشر الذي قال إنه يفعله بشعبه."


وورد في سفر صموئيل الأول - الأصحاح 15 - العدد 10، 11 ما يلي:

((وكان كلام الرب إلى صموئيل قائلاً: ندمتُ على أني قد جعلت شاول ملكاً))


 وكذلك يبكي إله اليهود والمسيحيين وترن أحشاؤه حيث ورد في كتابهم:

ورد في سفر إشعياء 16 ما يلي:

9- لذلك أبكي بكاء يعزير على كرمة سبمة، أرويكما بدموعي يا حشبون وألعالة، لأنه على قطافك وعلى حصادك قد وقعت جلبة.

10- وانتزعُ الفرح والابتهاج من البستان، ولا يُغنَى في الكروم ولا يُترَنم، ولا يدوس دائس خمراً في المعاصر. أبطلتُ الهتاف.

11- لذلك ترنُ أحشائي كعود من أجل موآب وبطني من أجل قير حارس.

12- ويكون إذا ظهرتْ وإذا تعبتْ موآبُ على المرتفعة ودخلتْ إلى مقدِسها تصلي، أنها لا تفوز.

13- هذا هو الكلام الذي كلَّم به الربُ موآبَ منذ زمان.


فلماذا لا يسخر اليهود والمسيحيون من إلههم؟!

==========================

إلى هنا أكون قد فندتُ الشبهة بالكامل بفضل الله تعالى

لا تنسونا من صالح دعائكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x