مضمون الشبهة:
يزعم أعداء الإسلام أن الإسلام يكره التجارة والزراع ويحرمهما ، ويستدل أعداء الإسلام بالحديث التالي:
[حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ جَعْفَرُ بْنُ هَارُونَ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَمْعَانُ بْنُ الْمَهْدِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "شِرَارُ النَّاسِ التُّجَّارُ وَالزُّرَّاعُ"]
------------------------
الرد على هذه الشبهة السخيفة:
الحديث السابق هو حديث باطل وليس بصحيح ، وهو حديث مكذوب منسوب زوراً إلى النبي كما أخبرنا علماء الحديث قديماً؛ فمثلاً:
ذكر الإمام الجورقاني بطلان هذا الحديث في كتاب (الأباطيل والمناكير) (٢ /١٥٥).
وذكره الإمام ابن الجوزي في كتاب (الموضوعات) (٣ /٧) ووصف إسناده بأنه يحوي أشخاصاً مجهولين أي أن الحديث جاء لنا من قِبل أشخاص مجهولين.
وذكره الشوكاني في كتاب (الفوائد المجموعة) (١٤١) وأخبرنا أن راو الحديث شخص مرفوض متروك الحديث.
وعلَّق عليه المعلمي بأن في إسناده شخص مجهول.
وذكره الفَتَّني في كتاب (تذكرة الموضوعات حديث رقم 990) ووصفه بأنه لا يصح
فالحديث باطل وسنده ضعيف أصلاً، وأنت إذا نظرت إلى سند الحديث فستجد فيه الراوي/ محمد بن مقاتل الرازي وهو متروك الحديث كما وصفه البخاري.
ويوجد في السند الراوي/ أبو العباس جعفر بن هارون الواسطي وهو شخصية مجهولة.
ويوجد في السند الراوي/ سمعان بن مهدي وهو كذاب وله كتاب يحوي أكثر من 300 حديث معظمها أحاديث مكذوبة منسوبة زوراً لأنس بن مالك.
============
وهناك حديث آخر مشابه وهو كالتالي:
[حدثنا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْيَمَانِيِّ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "بُعِثْتُ مَرْحَمَةً وَمَلْحَمَةً ، وَلَمْ أُبْعَثْ تَاجِرًا وَلا زَارِعًا ، أَلا وَإِنَّ شِرَارَ هَذِهِ الأُمَّةِ التُّجَّارُ وَالزَّارِعُونَ ، إِلا مَنْ شَحَّ عَلَى نَفْسِهِ"]
والحديث السابق هو أيضاً حديث ضعيف ولم تَثبت نسبته إلى النبي ؛ فهذا الحديث ورد من طريق الراوي/ أبو موسى اليماني وهو شخصية مجهولة كما قال أبن القطان الفاسي والذهبي وابن حجر العسقلاني.
وقد ورد نفس الحديث السابق من طريق آخر ضعيف هكذا:
[حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الآمُلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ نُصَيْرٍ الْقَصَّابِ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي نَبِيًّا بِرَحْمَةٍ وَمَلْحَمَةٍ ، وَلَمْ يَبْعَثْنِي تَاجِرًا وَلا زَرَّاعًا ، وَإِنَّ شِرَارَ هَذِهِ الأُمَّةِ التُّجَّارُ وَالزَّرَّاعُونَ ، إِلا مَنْ شَحَّ عَلَى دِينِهِ"]
والحديث السابق أيضاً ضعيف ؛ فالراوي/ عمرو بن عبد الحميد الآملي هو راوٍ مجهول.
والراوي/ أبو الأسود نصير القصاب ليس له توثيق معتبر في كتب الجرح والتعديل.
والراوي/ الضحاك بن مزاحم لم يقابل النبي ولا سمع منه وهو ليس صحابياً أصلاً.
وحتى لو افترضنا أن الحديث صحيح ، فإن الحديث يتكلم عن التاجر والزارع المفرط في دينه فهو شرير ، ولذلك ستلاحظ أن الحديث استثني التاجر والزارع الذي شح على دينه ولم يفرط فيه.
ولذلك يقول الشيخ/ عبد الرؤوف المناوي في كتاب (فيض القدير) ٣/٢٠٥ — ما يلي:
[((وإن شرار الأمة))؛ أي من شرارهم ، ((التجار والزارعون إلا مَن شَحَّ على دينه)) ؛ أي أمسك عليه ولم يفرط في شيء من أحكامه بإهمال رعايته. قيل أراد تجار الخمر وقيل أعم والمراد مَن ينفق سلعته بالأيمان الكاذبة أو لا يتوقى الربا ونحو ذلك ، وعلى نقيضه يُحمَل مدحه للتجارة في عدة أخبار.]
وخلاصة كلام الشيخ عبد الرؤوف المناوي السابق أن الحديث يتكلم عن التاجر الشرير الذي يفرط في دينه ويدير تجارته بالحلف الكاذب والربا والسلع المحرمة، وعلى الجانب وردت أحاديث فيها مدح للتجارة النافعة.
=================
إلى هنا ، أكون قد فندت الشبهة بالكامل بفضل الله تعالى
لا تنسونا من صالح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته