الرد على شبهة قراءة أبي الدرداء وابن مسعود لآية {والذكر والأنثى} بدلاً من {وما خلق الذكرَ والأنثى}

الرد على شبهة أن ابن مسعود وعلقمة كانوا يقرأون سورة الليل هكذا: {والذكر والأنثى} بدلاً من {وما خلق الذكر والأنثى} وأن أبا الدرداء كان يفعل كذلك

مضمون الشبهة:

يزعم أعداء الإسلام أن القرآن حدث به تحريف ، ويضربون مثالاً على ذلك بسورة الليل حيث يزعم أعداء الإسلام أن آية: ﴿وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰۤ ۝٣﴾ كانت في الأصل هكذا👈: {والذكر والأنثى} بدون: {وما خلق}

ويستشهد أعداء الإسلام بالحديث التالي:

[دَخَلْتُ في نَفَرٍ مِن أصْحابِ عبدِ اللَّهِ الشَّأْمَ فَسَمِعَ بنا أبو الدَّرْداءِ، فأتانا فَقالَ: أفِيكُمْ مَن يَقْرَأُ؟ فَقُلْنا: نَعَمْ، قالَ: فأيُّكُمْ أقْرَأُ؟ فأشارُوا إلَيَّ، فَقالَ: اقْرَأْ، فَقَرَأْتُ: ((واللَّيْلِ إذا يَغْشى، والنَّهارِ إذا تَجَلّى، والذَّكَرِ والأُنْثى))، قالَ: أنْتَ سَمِعْتَها مِن فِيِّ صاحِبِكَ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: وأَنا سَمِعْتُها مِن فِيِّ النبيِّ ﷺ، وهَؤُلاءِ يَأْبَوْنَ عَلَيْنا.]

===============

الرد على هذه الشبهة السخيفة:

أولاً:

الحديث السابق لا يثبت وجود تحريف في القرآن الكريم بل الحديث يتكلم عن أحد أحرف القرآن المنسوخة؛ وكلنا يعرف أن القرآن نزل على هيئة سبعة أحرف، ومنها أحرف رفعها الله ومنع قراءتها ولذا لم تعد تُقرأ، وهناك أحرف ما زالت باقية وأمر الله بالاستمرار في تلاوتها.

يقول الله تعالى في القرآن الكريم:

﴿۞ مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَایَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَیۡرࣲ مِّنۡهَاۤ أَوۡ مِثۡلِهَاۤۗ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ﴾ [البقرة ١٠٦]


وآية: {والذكر والأنثى} هي شكل من أشكال الأحرف القرآنية المنسوخة التي منع الله قراءتها ولم تعد تُقرأ.

وإذا جمعنا الأحاديث معاً وركزنا فيها جيداً فسنلاحظ أن أبا الدرداء كان يتساءل عن الأحرف والأشكال القرآنية ، وإليك الدليل👇

عندما ننظر إلى الرواية الموجودة في مسند أحمد 26890 فسنجدها تقول:

[حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ إِبْرَاهِيمَ ، يُحَدِّثُ ، قالَ: أَتَى عَلْقَمَةُ الشَّامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ وَفِّقْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا ، قَالَ: فَجَلَسْتُ إِلَى رَجُلٍ ، فَإِذَا هُوَ أَبُو الدَّرْدَاءِ ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْتُ : مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، فَقَالَ أبو الدرداء: هَلْ تَدْرِي كَيْفَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ: ((وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى)) سورة الليل آية 1 - 3 ، فَقُلْتُ: كَانَ يَقْرَؤُهَا: ((وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى)) ، فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقْرَؤُهَا ، فَمَا زَالَ بِي هَؤُلَاءِ حَتَّى كَادُوا يُشَكِّكُونِي]

من خلال الحديث السابق☝، نلاحظ أن أبا الدرداء كان يتكلم عن حرفين من أحرف القرآن السبعة ، بل ويشير الحديث السابق إلى أن أبا الدرداء كان يعرف الآية هكذا أيضاً👈: {وما خلقَ الذَكرَ والأنثى} ، ولهذا قرأ أبو الدرداء الآية بهذا الشكل أولاً أمام علقمة👈 {وما خلقَ الذَكرَ والأنثى}.

إذن ، نستفيد من الحديث السابق أن أبا الدرداء كان يتكلم عن حرفين من حروف القرآن السبعة، وهو كان يعرف جيداً آية: {وما خَلَقَ الذكرَ والأنثى} ، ولكنه أراد الاستفسار عن الحرف الآخر أو الشكل الآخر وهو👈: {والذكر والأنثى}.

=================

ثانياً:

أبو الدرداء نفسه كان يقرأ سورة الليل كما نقرؤها الآن ، وكان يقرأ آية: {وما خلقَ الذكر والأنثى} كما نقرؤها اليوم، ولذا ورد الحديث في تفسير عبد الرزاق الصنعاني ٣/‏٤٣٤ هكذا: 

[عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، إِنَّهُ قَدِمَ الشَّامَ فَأَتَاهُمْ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ يَقْرَأُ كَمَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقْرَأُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَقَالُوا لِعَلْقَمَةَ اقْرَأْ عَلَيْنَا فَقَرَأَ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾ [سورة الليل] ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَأَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «وَاللَّهِ لَسَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْلَمُونَ»]

ومن خلال الحديث السابق ☝، يتبين لنا أن آية {وما خلق الذكرَ والأنثىَ} قد سمعها أبو الدرداء أيضاً من رسول الله وكان يقرأ بها القرآن كما سنبين أيضاً بعد قليل.

============

ثالثاً:

بالنسبة لحرف {والذكر والأنثى} فإن هذا الحرف منسوخ وقد رفعه الله ولذا لم يعد يُقرَأ كجزء من القرآن الكريم...، ولذا كان ابن مسعود وأبو الدرداء لا يقرأون هذا الحرف كجزء من القرآن فيما بعد. 

يقول ابن حجر في كتاب «فتح الباري» (٨/ ٧٠٧) ما يلي:

[والعجب مِن نقل الحفاظ من الكوفيين هذه القراءة عن علقمة وعن ابن مسعود وإليهما تنتهي القراءة بالكوفة؛ ثم لم يقرأ بها أحد منهم، وكذا أهل الشام حملوا القراءة عن أبي الدرداء ولم يقرأ أحد منهم بهذا؛ فهذا مما يقوي أن التلاوة بها نسخت».] 

إذن ، من خلال كلام ابن حجر السابق يتبين لنا أن أهل الكوفة أخذوا قراءة القرآن من علقمة ومن أستاذه عبد الله بن مسعود، وكان ابن مسعود وأهل الكوفة لا يقرأون عبارة {والذكر والأنثى} بل كانوا يقرأون الآية هكذا👈: {وما خلقَ الذكر والأنثى}.

وكذلك أهل الشام تعلموا قراءة القرآن من أبي الدرداء ، وكان أبو الدرداء وأهل الشام يقرأون الآية هكذا👈: {وما خلقَ الذكر والأنثى} ، وليس {والذكر والأنثى}

وهذا يدل على أن حرف: {والذكر والأنثى} قد نسخه الله ومنع قراءته كجزء من القرآن.

ويقول ابن حزم في كتاب (الإحكام في أصول الأحكام) 4/‏171— ما يلي: 

[قال أبو محمد: إنهما قراءة منسوخة لأن قراءة عاصم المشهورة المأثورة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود عن النبي ﷺ وقراءة ابن عامر مسندة إلى أبي الدرداء عن رسول الله ﷺ فيهما جميعاً ﴿وما خلقَ الذكرَ والأنثى﴾ فهي زيادة لا يجوز تركها.]

من خلال كلام ابن حزم السابق، يتبين لنا أن ابن مسعود نفسه وأبو الدرداء كذلك كانوا يقرأون الآية هكذا👈: {وما خلقَ الذكرَ والأنثى}

====================

رابعاً:

يزعم أعداء الإسلام أن أبا الدرداء رفض قراءة الآية هكذا👈: {وما خلقَ الذكرَ والأنثى} ، ويتحجج أعداء الإسلام بأن أبا الدرداء قال: [وهَؤُلاءِ يُرِيدُونِي على أنْ أقْرَأَ: ﴿وَما خَلَقَ الذَّكَرَ والأُنْثى﴾ واللَّهِ لا أُتابِعُهُمْ.]

وأنا أرد على هذا الهراء وأقول:

أبو الدرداء لم يقصد أنه سيمتنع عن قراءة الآية هكذا👈 {وما خلقَ الذكر والأنثى} ، بل كان يقصد أن أهل الشام كانوا يشككونه في قراءة {والذكر والأنثى}، ولكن لَمَّا دار الحوار بينه وبين علقمة فإنه تيقن أن حرف {والذكر والأنثى} هو حرف قد سمعه فعلاً من رسول الله...، ولذلك ورد في باقي الأحاديث أن أبا الدرداء قال:

[مَا زَالَ هَؤُلَاءِ حَتَّى كَادُوا يستنزلوني عَن شَيْء سمعته من رَسُول الله ﷺ، والله لا أتابعهم.]

وفي رواية أخرى أنه قال: [فما زال هؤلاءِ حتّى كادوا يرُدُّونَني عنها]


إذن ، قول أبي الدرداء: [والله لا أتابعهم] أي أنه يقصد أن حرف {والذكر والأنثى} هو حرف قد قاله النبي فعلاً ، وأن أبا الدرداء لن يستمع لكلام الناس الذين زعموا أن هذا الحرف لم ينطق به النبي أبداً من قبل.


=================

خامساً:

الغريب أن أرى النصارى يرددون هذه الشبهات السخيفة حول القراءات القرآنية بالرغم من أن كتابهم المقدس يوجد به أربع أناجيل تختلف فيما بينها في القراءة وفي العبارات التي قالها يسوع.


================

إلى هنا ، أكون قد فندت الشبهة بالكامل بفضل الله تعالى

لا تنسونا من صالح دعائكم 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا
حقوق النشر © درب السعادة 🥀 جميع الـمواد متاحـة لك
x