في هذا المقال ، سوف نرد على منكري السُنة الذين ينشرون عدة شبهات سخيفة حول معجزة الإسراء والمعراج ، لذلك نرجو قراءة المقال حتى النهاية
الشبهة الأولى:
يقول منكرو السُنة: لماذا القرآن لم يذكر المعراج بنفس التفصيل الذي ذكرته الأحاديث؟
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
مِن المعروف أن القرآن الكريم يميل إلى الاهتمام بجوهر القصة بدون حشو وبدون الدخول في تفاصيل فرعية. وهذا ما نلاحظه دائماً في الأسلوب القرآني ؛ فمثلاً: في سورة المسد ستجد أن القرآن تحدث عن أن أبا لهب سيدخل النار هو وزوجته ، ولكن القرآن لم يذكر التفاصيل حول هوية أبي لهب وزوجته ولا تحدث القرآن صراحةً عن سبب دخوله النار ولا تحدث عن حياة أبي لهب بالتفصيل.
وحتى بالنسبة للنبي محمد ، فإن القرآن لم يذكر كل التفاصيل حول حياة النبي محمد بل القرآن ذكر أهم الأمور فقط عن النبي محمد ثم ترك الشأن للأحاديث لكي تتكلم في التفاصيل والأمور الفرعية حول حياة النبي محمد.
مثلاً: حادثة مجيء جبريل للنبي في غار حراء لم يذكرها القرآن بالتفصيل، ولا ذَكَرَ القرآنُ حادثة الهجرة بالتفصيل.
تعال معي أعطيك مثالاً آخر: القرآن الكريم تحدث عن معجزة انشقاق القمر بدون أن يعطينا التفاصيل الكاملة حولها ولكن الأحاديث تحدثت باستفاضة حول التفاصيل.
ومن هنا ، يتبين لنا أن القرآن كثيراً ما يتجنب الخوض في التفاصيل الفرعية منعاً للحشو الزائد والملل في السرد.
مع العلم أن القرآن لم يذكر سدرة المنتهى فقط كما يروج أعداء الإسلام بل القرآن ذكر أيضاً نقطة اقتراب النبي من الله عز وجل وأن النبي رأى الملكوت السماوى.
===========
الشبهة الثانية:
يقول منكرو السنة: كيف تمكن النبي ﷺ بالبراق من الصعود إلى السماوات دون أن ينقطع التنفس علماً بأن الأكسجين لا يوجد بالأعلى؟
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
منكرو السُنة هكذا سيطعنون في القرآن أيضاً ؛ فالله عز وجل قد تحدث مثلاً عن هبوط آدم وحواء من السماء إلى الأرض حيث قال الله تعالى:
﴿فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّیۡطَـانُ عَنۡهَا فَأَخۡرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِیهِۖ وَقُلۡنَا ٱهۡبِطُوا۟ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوࣱّۖ وَلَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرࣱّ وَمَتَـاعٌ إِلَىٰ حِینࣲ﴾ [البقرة ٣٦]
﴿قُلۡنَا ٱهۡبِطُوا۟ مِنۡهَا جَمِیعࣰاۖ فَإِمَّا یَأۡتِیَنَّكُم مِّنِّی هُدࣰى فَمَن تَبِعَ هُدَایَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ﴾ [البقرة ٣٨]
فالآيات السابقة ☝ تدل بشكل صريح على أن الله أنزل آدم وحواء من السماء وجعل لهم الأرض مستقراً بعد ذلك.
إذن بنفس منطق منكري السنة الأغبياء ، لماذا لم يمت آدم وهو ينزل في الفضاء ما بين الجنة والأرض؟!
ونجد في القرآن أيضاً أن الله رفع المسيح إلى السماء لينجو من الصلب وأن المسيح سيعود وينزل مع اقتراب يوم القيامة.
فإذا كان منكرو السنة الأغبياء سيطعون في الأحاديث النبوية، فإنهم هكذا سيطعنون في القرآن أيضاً بسبب غبائهم.
وعلى فكرة، حتى في كتب اليهود والمسيحيين ، نجد أن الرب رفع أخنوخ وإيليا إلى السماء ، وفي كتب المسيحيين نجد أن المسيح صعد للسماء وكذلك صعدت أمه بعد وفاتها.
والأمر الآخر الذي أود الإشارة إليه وهو أن رواد الفضاء يصعدون إلى السماء ويأخذون معهم الأكسجين ، وكذلك الله قادر على أن يرفع نبيه إلى السماء ويوفر له الأكسجين حوله حتى يتمكن من التنفس مثلما يفعل رواد الفضاء.
ثم إن انتقال النبي بين السموات لم يكن بطيئاً ولم يتطلب الكثير من الوقت والأكسجين؛ فالبراق الذي ركبه النبي كان سريع التنقل ، ولذلك ورد عنه في الحديث أنه: [يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أقْصى طَرْفِهِ] ، [خُطوتُهُ مَدَّ بَصرِهِ]
ويُقال أن اسم (البُراق) مشتق من البرق نظراً لسرعة هذا الكائن وكأنه يسير بسرعة الضوء.
===============
الشبهة الثالثة:
يقول منكرو السنة أن عدد الأنبياء بلغ مئات الآلاف بحسب روايات السُنة ، ولو أن لكل سماء نبي واحد، فأين باقي الأنبياء والسموات؟
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
أولاً: ليس هناك حديث صحيح يحدد عدد الأنبياء بالضبط؛ وأما الحديث الذي ينص على أن عدد الأنبياء يساوي 124 ألف فهو حديث ضعيف والذي روى هذا الحديث هو [مُعان بن رِفاعة ، عن ، علي بن يزيد الألهاني] ، وكلاهما راويان ضعيفان في الحديث ومرفوضان كما أخبرنا أئمة الحديث رحمهم الله.
ثم إن السُنة النبوية لم تذكر أبداً أن لكل سماء نبي واحد فقط بل إن السُنة النبوية ذكرت مثلاً أن النبي محمد قابل أكثر من شخص في السماء الثانية وهما عيسى ويحيى، فمن أين اخترع منكرو السُنة أن لكل سماء نبي واحد فقط؟!
ووقد ورد في صحيح البخاري حديثاً يتضمن ما يلي:
[كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أنْبِيَاءُ قدْ سَمَّاهُمْ، فأوْعَيْتُ منهمْ فلان وفلان وفلان وفلان...]
والعبارة السابقة صريحة في أن أي سماء من تلك السموات لا يوجد فيها نبي واحد فقط بل أنبياء كثيرين، والأسماء التي ذكرها النبي محمد كانت مجرد أمثلة (أي على سبيل المثال لا الحصر). وهؤلاء الأنبياء كانوا مثل: عيسى ويحيى ويوسف وإبراهيم وموسى.
ثم إن مقابلة النبي محمد لشخص في أي سماء لا تعني أبداً أن هذه السماء مخصصة لهذا الشخص وحده دون غيره ؛ فمثلاً: أنت عندما تذهب إلى قرية معينة وتقابل شخصاً هناك وتتحدث معه، فهذا لا يعني أن هذه القرية مخصصة لهذا الشخص وحده فقط دون غيره.
================
الشبهة الرابعة:
يقول منكرو السُنة: لماذا الله أصلاً فرض 50 صلاة في البداية ، فلو افترضنا أن النبي محمد ﷺ لم يسمع نصيحةً موسى وبقيت كما هى 50 صلاة ، فهل هناك أحد سيستطيع تأديتها، وهل الله يريد أن يجعلنا نفعل أشياء مستحيلة؟
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
حتى لو افترضنا أن النبي محمد لم يكن سيقابل موسى ولم يكن سيسمع نصيحته، فإن الله قدَّر منذ الأزل أن تكون الصلوات خمسةً في اليوم ، ولذا فإن الله قادر على نسخ حكم الصلاة وتقليل عددها حتى لو لم ينصح موسى محمداً؛ فمثلاً: الله تكلم عن أمور الجهاد وأن المائة من جيش المسلمين يغلبوا ألفاً من الكفار ، ثم خفف الله على المسلمين وأخبرهم أن المائة مسلم يغلبوا مائتين من الكفار، وكل هذا بدون مساعدة النبي موسى.
قال الله تعالى:
﴿یَا أَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ حَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ عَلَى ٱلۡقِتَالِۚ إِن یَكُن مِّنكُمۡ عِشۡرُونَ صَـابِرُونَ یَغۡلِبُوا۟ مِا۟ئَتَیۡنِۚ وَإِن یَكُن مِّنكُم مِّا۟ئَةࣱ یَغۡلِبُوۤا۟ أَلۡفࣰا مِّنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا یَفۡقَهُونَ ٦٥ ٱلۡآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِیكُمۡ ضَعۡفࣰاۚ فَإِن یَكُن مِّنكُم مِّا۟ئَةࣱ صَابِرَةࣱ یَغۡلِبُوا۟ مِا۟ئَتَیۡنِۚ وَإِن یَكُن مِّنكُمۡ أَلۡفࣱ یَغۡلِبُوۤا۟ أَلۡفَیۡنِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـابِرِینَ ٦٦﴾ [الأنفال ٦٥-٦٦]
ونجد التخفيف أيضاً في القرآن عندما أشار الله إلى صلاة الليل حيث خفف الله على المسلمين لكي لا يجبرهم على الصلاة لمدة ثلثي الليل أو نصفه أو ثلثه نظراً لأن المسلمين لن يتحملوا ذلك.
يقول الله تعالى:
﴿۞ إِنَّ رَبَّكَ یَعۡلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَیِ ٱلَّیۡلِ وَنِصۡفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ وَطَاۤىِٕفَةࣱ مِّنَ ٱلَّذِینَ مَعَكَۚ وَٱللَّهُ یُقَدِّرُ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَیۡكُمۡۖ فَٱقۡرَءُوا۟ مَا تَیَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ عَلِمَ أَن سَیَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ وَءَاخَرُونَ یَضۡرِبُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ یَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَءَاخَرُونَ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۖ فَٱقۡرَءُوا۟ مَا تَیَسَّرَ مِنۡهُۚ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقۡرِضُوا۟ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰاۚ وَمَا تُقَدِّمُوا۟ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَیۡرࣲ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَیۡرࣰا وَأَعۡظَمَ أَجۡرࣰاۚ وَٱسۡتَغۡفِرُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمُۢ﴾ [المزمل ٢٠]
ونفس الأمر يتكرر حينما أشار الله إلى الصيام حيث كان يُمنَع المسلم من الأكل والشرب والجماع إذا نام بعد المغرب، ولكن الله خفف على المسلم وأباح له الأكل والشرب والجماع إلى أن يحين الفجر.
يقول الله تعالى:
﴿أُحِلَّ لَكُمۡ لَیۡلَةَ ٱلصِّیَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَاۤىِٕكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسࣱ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسࣱ لَّهُنَّۗ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَیۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ فَٱلۡـَٔـٰنَ بَـاشِرُوهُنَّ وَٱبۡتَغُوا۟ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّوا۟ ٱلصِّیَامَ إِلَى ٱلَّیۡلِۚ وَلَا تُبَـاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَـاكِفُونَ فِی ٱلۡمَسَـاجِدِۗ تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَقۡرَبُوهَاۗ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ ءَایَـٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ یَتَّقُونَ﴾ [البقرة ١٨٧]
فالتخفيف هو أمر رئيسي أكَّد عليه القرآن الكريم عدة مرات.
والخلاصة من كلامي أنه حتى لو لم يكن موسى قد نصح محمداً ، فإن الله بإرادته كان سيوحي إلى النبي محمد فيما بعد وينسخ حكم الصلاة ويخفف على المسلمين.
مع العلم أن الله هو مَن ألهم موسى أن يطالب النبي محمد بالتخفيف، حيث يقول الله تعالى:
﴿وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیمًا حَكِیمࣰا﴾ [الإنسان ٣٠]
﴿وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـالَمِینَ﴾ [التكوير ٢٩]
فلولا أن الله ألهم موسى بذلك ، فإن موسى لم يكن سيرجو التخفيف أبداً.
=====================
الشبهة الخامسة:
يقول منكرو السُنة: لماذا موسى بالذات هو الذي نصح النبي محمد بالعودة إلى الله لتخفيف الصلوات بالرغم من أن النبي محمد مر على أنبياء قبله؛ فمثلاً: لماذا لم ينصحه إبراهيم أو نوح أو عيسى مع أن هؤلاء لهم مكانة خاصة عند الله أيضاً؟
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
أولاً: أحاديث المعراج حين تكلمت عن عودة النبي محمد لأول مرة من عند الله، فإن الأحاديث لم تذكر مقابلة النبي محمد لجميع الأنبياء في السماء أثناء العودة بل الأحاديث ذكرت مقابلة النبي محمد لموسى في طريق عودته في السماء. وبالتالي من البديهي أن يكون موسى هو الناصح بالتخفيف في قصة المعراج نظراً لأن موسى هو الذي قابل النبي في طريق عودته وسأله عما جرى بينه وبين ربه.
يعني الموضوع باختصار هو أنه: نظراً لأن موسى قابل النبي محمد في العودة وسأله وعرف الحوار الذي دار بينه وبين ربه، فكانت النتيجة أن موسى نصح النبي محمد بالتخفيف.
الموضوع بسيط ومش محتاج ذكاء يعني
ثم إن بعض الأحاديث النبوية ذكرت أن موسى كان أيضاً في السماء السابعة وهذا يعني أن موسى سيكون من أوائل الناس الذين سيمر عليهم النبي محمد أولاً في طريق عودته من عند الله، ولذا من البديهي أن يكون موسى هو السائل...
ورد في صحيح البخاري ومسلم ما يلي:
[كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قد سمَّاهم، فوعيت مِنْهُمْ .....، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ بِتَفْضِيلِ كَلَامِ اللَّهِ]
والعبارة السابقة صريحة في أن موسى كان قريباً جداً من النبي محمد في طريق عودته ، ولذلك كان هو السائل الأول له.
وورد في بعض الأحاديث أن النبي محمد مر في طريق عودته على إبراهيم أيضاً ولكن إبراهيم لم يخطر على باله أن يسأل النبي محمد عما جرى بينه وبين ربه ، ولذلك لم ينصح إبراهيم النبي محمد بالتخفيف نظراً لأنه لم يعرف أصلاً ماذا جرى:
ورد في السنن الصغرى للنسائي ما يلي:
[....فَرَجَعْتُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَلَمْ يَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ ، ثُمَّ أَتَيْتُ عَلَى مُوسَى ، فَقَالَ : كَمْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ؟....]
ثم إنه من المعلوم أن موسى موجود في السماء السادسة والسابعة أما بالنسبة لعيسى فإنه موجود أسفل منه في السماء الثانية ، وكذلك ربما يكون نوح موجوداً في سماء أدنى من موسى أيضاً، وهذا يعني أن النبي محمد حين عاد منعند الله فإنه مر أولاً على موسى قبل عيسى ونوح ولذلك دار حوار التخفيف بين محمد وموسى وليس محمد وعيسى أو محمد ونوح.
وأما بالنسبة لماذا موسى هو الذي نصح النبي محمد دوناً عن غيره ؛ فالجواب ببساطة هو أن النبي موسى هو الوحيد الذي خطر على باله أن يسأل النبي محمد عما حدث بينه وبين ربه، وليس من المعقول أن كل الأنبياء سيسألون النبي محمد في نفس الموقف.
والسبب الثاني في أن موسى نصح النبي محمد بالتخفيف هو أن النبي موسى مر بنفس التجربة مع قومه ؛ ولذلك نصح بالتخفيف، وقد ورد في الحديث على لسان موسى:
[ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذلكَ، فإنِّي قدْ بَلَوْتُ بَنِي إسْرائِيلَ وخَبَرْتُهُمْ]
وفي رواية أخرى:
[قَالَ مُوسى: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ]
فالنبي موسى نصح النبي محمد بالتخفيف نظراً لخبرته السابقة مع قومه في هذه النقطة حيث مر النبي موسى بنفس التجربة.
وورد في الحديث أن موسى قال للنبي محمد:
[يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ لَقَدْ راودتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَوْمِي عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا فَتَرَكُوهُ، فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْدَانًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا، فَارْجِعْ فليخفِّف عَنْكَ رَبُّكَ.]
وقال النبي موسى أيضاً:
[قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فليخفِّف عَنْكَ أَيْضًا]
وهذا يدل على أن النبي موسى عنده خبرة بهذا الشأن ولذلك كان هو الناصح للنبي محمد.
باختصار، السبب في أن موسى هو الذي نصح محمد هو كالتالي:
1- موسى هو الذي خطر على باله أن يسأل النبي محمد عما جري بينه وبين ربه ، ولمَّا عرف ما دار بينه وبين ربه ، فإنه نصحه بالتخفيف.
2- النبي موسى كان من أوائل الناس الذين التقاهم النبي بعد العودة من عند الله.
3- النبي موسى نصح النبي محمد بالتخفيف نظراً لأنه عنده خبرة سابقة بهذه الأمور.
==================
الشبهة السادسة:
يقول منكرو السُنة: لماذا النبي موسى هو الذي خطر على باله أن يسأل النبي محمد عما جرى بينه وبين ربه؟!
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
إن النبي موسى كان يظن أن الله رفعه إلى مقام سماوي لن يبلغه أي شخص آخر ، ولكن موسى وجد النبي محمد قد عُرِجَ به إلى مقام أسمى وأعلى لم يكن موسى يتخيله ولم يصل إليه، ولذلك تشوق النبي موسى لأن يعرف ماذا حصل للنبي محمد بعد ذلك.
ورد في صحيح البخاري ما يلي:
[ومُوسى في السّابِعَةِ بتَفْضِيلِ كَلامِ اللَّهِ، فَقالَ مُوسى: رَبِّ لَمْ أظُنَّ أنْ يُرْفَعَ عَلَيَّ أحَدٌ]
وورد في صحيح مسلم أيضاً:
[قَالَ النبيُ:فأتَيْتُ على مُوسى عليه السَّلامُ، فَسَلَّمْتُ عليه، فقالَ: مَرْحَبًا بالأخِ الصّالِحِ والنبيِّ الصّالِحِ، فَلَمّا جاوَزْتُهُ بَكى، فَنُودِيَ: ما يُبْكِيكَ؟ قالَ: رَبِّ، هذا غُلامٌ بَعَثْتَهُ بَعْدِي يَدْخُلُ مِن أُمَّتِهِ الجَنَّةَ أكْثَرُ ممّا يَدْخُلُ مِن أُمَّتِي]
فالخلاصة أن النبي موسى تشوق لأن يعرف ماذا دار بين النبي محمد وربه نظراً لأن الله رفع النبي محمد في مقام أسمى لم يكن يتخيله موسى.
================
الشبهة السابعة:
يقول منكرو السُنة: لماذا موسى أصلاً نصح النبي محمد ﷺ بأن يعود لله ويسأل التخفيف ، هل موسى أعلم من الله، وهل موسى كان يعلم أهمية التخفيف ولم يكن الله يعلم ذلك؟
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
إن استجابة الله لما يريده عباده الصالحون لا تعني أن هؤلاء الصالحين أعلم من الله ؛ فمثلاً: الله قد فرض المسجد الأقصى كقِبلة للمسلمين في بادئ الأمر ولكن النبي محمد كان يتمنى أن يجعل اللهُ الكعبةَ قِبلةً للمسلمين ؛ ولذلك حقَّق الله لنبيه ما أراد وجعل الكعبةَ قبلةً للمسلمين. وهذا لا يعني أن النبي أعلم من الله.
وقد وردت قصة تحويل القبلة في القرآن الكريم حيث يقول الله تعالى:
﴿قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِی ٱلسَّمَاۤءِۖ فَلَنُوَلِّیَنَّكَ قِبۡلَةࣰ تَرۡضَاهَاۚ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَیۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ وَإِنَّ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـابَ لَیَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـافِلٍ عَمَّا یَعۡمَلُونَ﴾ [البقرة ١٤٤]
ونفس الشيء ينطبق على النبي موسى ، فالنبي موسى أراد التخفيف من عند الله، والله قد استجاب له مثلما يستجيب الله دعاءنا.
ومن هنا ، يتبين لنا أن منكري السنة لا يفقهون شيئاً في القرآن الكريم بل هم مجرد كفار ملاحدة.
======================
الشبهة الثامنة:
يقول منكرو السُنة: لماذا يعود النبي ﷺ في كل مرة للتخفيف ، ولماذا ليس التخفيف مرة واحدة وينتهى الأمر؟
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
سبب رجوع النبي محمد عدة مرات هو أن الله يحب إلحاح العبد في الدعاء والترجي، فلو أن الله استجاب لكل عبد من البداية ، لم يكن أحد سيترجى الله ويلجأ له مراراً.
وتخفيف الله عن النبي في كل مرة يدل على حلم الله المتكرر وسعة رحمته.
=================
الشبهة التاسعة:
يقول منكرو السُنة:كيف الله يقبل سؤال النبي ﷺ بالتخفيف في حين أن الله يقول في القرآن: {مَا یُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَیَّ}؟
وأنا أرد على هذا الاعتراض السخيف وأقول:
منكرو السُنة يقتطعون هذه العبارة القرآنية من سياقها لكي يخدعوا عوام المسلمين، وعندما نقرأ هذه العبارة القرآنية في سياقها فسنعرف مقصود القرآن بهذه العبارة.
يقول الله تعالى:
﴿وَقَالَ قَرِینُهُۥ هَـٰذَا مَا لَدَیَّ عَتِیدٌ ٢٣ أَلۡقِیَا فِی جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِیدࣲ ٢٤ مَّنَّاعࣲ لِّلۡخَیۡرِ مُعۡتَدࣲ مُّرِیبٍ ٢٥ ٱلَّذِی جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ فَأَلۡقِیَاهُ فِی ٱلۡعَذَابِ ٱلشَّدِیدِ ٢٦ ۞ قَالَ قَرِینُهُۥ رَبَّنَا مَاۤ أَطۡغَیۡتُهُۥ وَلَـٰكِن كَانَ فِی ضَلَالِۭ بَعِیدࣲ ٢٧ قَالَ لَا تَخۡتَصِمُوا۟ لَدَیَّ وَقَدۡ قَدَّمۡتُ إِلَیۡكُم بِٱلۡوَعِیدِ ٢٨ مَا یُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَیَّ وَمَاۤ أَنَا۠ بِظَلَّامࣲ لِّلۡعَبِیدِ ٢٩ یَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِیدࣲ ٣٠ وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِینَ غَیۡرَ بَعِیدٍ ٣١ هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِیظࣲ ٣٢ مَّنۡ خَشِیَ ٱلرَّحۡمَـٰنَ بِٱلۡغَیۡبِ وَجَاۤءَ بِقَلۡبࣲ مُّنِیبٍ ٣٣ ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَامࣲۖ ذَ ٰلِكَ یَوۡمُ ٱلۡخُلُودِ ٣٤ لَهُم مَّا یَشَاۤءُونَ فِیهَا وَلَدَیۡنَا مَزِیدࣱ ٣٥﴾ [سورة ق]
الآية في سياقها تتكلم عن وعيد الله للكافر بالعذاب الشديد وقد أخبر الله بأنه لن يتراجع عن هذا الوعيد ولن يغير هذا القول؛ فالكافر خالد في نار جهنم للأبد، وهذا هو معنى عبارة {ما يُبدَل القول لدي} في الآيات السابقة.
أما بالنسبة للتشريعات والفرائض الدينية، فإن الله يغيرها بحسب حكمته ، وقد غيَّر الله بعض التشريعات التوراتية في عهد عيسى، وكذلك هناك أحكام بدَّلها الله كما شرحتُ منذ قليل.
=================
الشبهة العاشرة:
يقول منكرو السُنة: كيف حمل النبيُ ﷺ الأنبياءَ بالبراق لكي ينزلوا للصلاة في المسجد الأقصى بالرغم من أن عددهم يصل للآلاف، وكيف للبراق أن يحملهم كلهم؟
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
لم تذكر السنة النبوية الصحيحة أن النبي محمد حمل باقي الأنبياء بالبراق لكي ينزلوا للأسفل.
ثم إن هؤلاء الأنبياء كانوا أرواحاً بلا جسد ما عدا النبي عيسى ، وبالتالي ليس صعباً انتقال هذه الأرواح هنا وهناك، ولذلك نلاحظ أن النبي رأى هذه الأرواح وهي متشكلة في عدة أماكن مثلما رأى موسى عند الكثيب الأحمر على الأرض ورآه أيضاً في السماء السادسة والسابعة.
ثم إن السُنة النبوية أخبرتنا أن البُراق كان كائناً كبير الحجم ، ولذلك ورد في الحديث عن البراق أنه: [أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ ، طَوِيلٌ ... يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ]
وورد في سنن الترمذي (3147) عن البُراق ما يلي:
[أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ بِدَابَّةٍ طَوِيلَةِ الظَّهْرِ مَمْدُودَةٍ هَكَذَا ، خَطْوُهُ مَدُّ بَصَرِهِ ]
والحديث السابق يدل على طول هذه الدابة لدرجة أن أطرافها تصل لمد البصر.
==================
الشبهة الحادية عشر:
يقول منكرو السُنة: كيف صلى آلاف الأنبياء داخل المسجد الأقصى، وكيف احتوى المسجد هذا العدد الهائل؟!
وأنا أرد على هذا السؤال وأقول:
المسجد الأقصى ليس كما يتخيله بعض العوام ؛ فالمسجد الأقصى ليس فقط القبة الذهبية بل المسجد الأقصى هو كل المساحة والخلاء الموجود داخل السور على الهضبة.
انظر للصورة التالية لكي تعرف حدود المسجد الأقصى👇
وعلى فكرة ، المسجد الأقصى تبلغ مساحته حوالي 144000 متر مربع ويتسع لحوالي 180 ألف شخص.
وخلال الجمعة في شهر رمضان ستجد عدد المصلين الذين يُصلّون هناك قد يصل لـحوالي 160 ألف شخص مصلي.
ثم إنني قلتُ من قبل أن هؤلاء الأنبياء (ما عدا عيسى) كانوا أرواحاً بلا جسد أصلاً ، وبالتالي لن يشغلوا أمكنة كثيرة، ويمكنهم ببساطة أن يصلوا في المسجد الأقصى سواء على الأرضية أو في الهواء ؛ فهم أرواح.
ورد في كتاب (فتح الباري) (2/ 113) ما يلي:
[وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي: والذي رآه في السماء من الأنبياء إنما هو أرواحهم، إلا عيسى ، فإنه رُفِعَ بجسده إلى السماء.]
ثم إن النبي محمد صلى بجماعة من الأنبياء وليس بكل الأنبياء، ولذلك ورد في صحيح مسلم (172) أن النبي قال:
[وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ ، فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي ، فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ ، كَأَنَّهُ مِنَ رِجَالِ شَنُوءَةَ ، وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام ، قَائِمٌ يُصَلِّي أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ " ، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام ، قَائِمٌ يُصَلِّي أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ يَعْنِي نَفْسَهُ ، فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ]
ومن خلال الحديث السابق ☝، يتبين أن النبي كان يصلي مع جماعة من الأنبياء وليس كل الأنبياء.
وأما بالنسبة للحديث الآخر الموجود في مسند أحمد والذي ينص على أن النبي صلى بالأنبياء جميعاً ، فهذا حديث ضعيف ؛ وقد رواه الراوي/ قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه ، وقد قال الإمام ابن حبان عن هذا الراوي:
[قابوس كان رديء الحفظ ، ويتفرد عن أبيه بما لا أصل له ، وربما رفع المراسيل وأسند الموقوف]
وأما بالنسبة للحديث الآخر الذي يقول: [ثُمَّ بُعِثَ لَهُ آدَمُ ، فَمَنْ دُونَهُ مِنَ الأَنْبِيَاءَ، فَأَمُّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ] ، فهذا أيضاً حديث ضعيف ، والذي رواه هو الراوي/ عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة ، وهو مجهول الحال وليس له توثيق في كتب الجرح والتعديل.
==================
الشبهة الثانية عشر:
يقول منكرو السُنة: ما هى القبلة التي استقبلها النبي ﷺ أثناء إمامته للأنبياء في الصلاة مع أن القبلة لم تكن قد شُرِعَت بعد؟!
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
الصلاة كانت موجودة أصلاً قبل رحلة الإسراء والمعراج، ولذا ورد في الموسوعة الفقهية (27 / 52-53) ما يلي:
[أَصْل وُجُوبِ الصَّلاَةِ كَانَ فِي مَكَّةَ فِي أَوَّل الإْسْلاَمِ؛ لِوُجُودِ الآْيَاتِ الْمَكِّيَّةِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي بِدَايَةِ الرِّسَالَةِ تَحُثُّ عَلَيْهَا. وَأَمَّا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ بِالصُّورَةِ الْمَعْهُودَةِ فَإِنَّهَا فُرِضَتْ لَيْلَةَ الإْسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ.]
وقد ورد الأمر بآداء الصلاة في سورة المزمل مع العلم أن سورة المزمل نزلت قبل سورة الإسراء.
وقد كان المسلمون في البداية يُصلّون ناحية بيت المقدس ولذلك سُمي بــ(أولى القبلتين)، ويُحكَى أن الأنبياء من قبل محمد كانوا يصلون ناحية بيت المقدس.
وحتى لو لم يكن هناك قبلة ولا تُعرَف اتجاهها، فإن الله يتقبل صلاتك إن شاء الله.
==============
الشبهة الثالثة عشر:
يقول منكرو السُنة: ما هى تلك الصلاة التي صلاها النبي ﷺ بالأنبياء ، هل هى نافلة أم صلاة خاصة أم ماذا؟
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
إن الصلاة التي صلاها النبي محمد مع جماعة الأنبياء لم تكن صلاة خاصة بل كانت صلاة عادية مثل صلاتنا. والغالب أنها كانت صلاة الفجر ؛ فقد ورد في السُنة النبوية أن النبي عُرِجَ به إلى السماء بالليل ثم نزل من السماء إلى الأرض.
================
الشبهة الرابعة عشر:
يقول منكرو السُنة: أليست الشرائع تختلف من نبي إلى آخر ، فكيف صلى النبي محمد ﷺ إماماً بجميع هؤلاء الأنبياء؟
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
أولاً: في الصلاة ، يقوم المصلي بتقليد الإمام في طريقة آداءه للصلاة ، ولذلك كان الأنبياء يتبعون طريقة صلاة النبي، وليس صعباً أن يقلد الأنبياءُ النبيَ محمد في القيام والركوع والسجود وتلاوة القرآن والتكبير.
ثم إن الصلاة التي نصليها اليوم كانت معروفة أصلاً عند الأنبياء قديماً؛ فمثلاً: في زمن النبي إبراهيم كانت هناك صلاة وكانت تشبه صلاتنا؛ فقد ورد في القرآن الكريم:
﴿رَّبَّنَاۤ إِنِّیۤ أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّیَّتِی بِوَادٍ غَیۡرِ ذِی زَرۡعٍ عِندَ بَیۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِیُقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱجۡعَلۡ أَفۡـِٔدَةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهۡوِیۤ إِلَیۡهِمۡ وَٱرۡزُقۡهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمۡ یَشۡكُرُونَ﴾ [إبراهيم ٣٧]
﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡنِی مُقِیمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّیَّتِیۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلۡ دُعَاۤءِ﴾ [إبراهيم ٤٠]
وكان للنبي إبراهيم صلاة مثلنا؛ حيث قال الله تعالى:
﴿وَإِذۡ بَوَّأۡنَا لِإِبۡرَاهِیمَ مَكَانَ ٱلۡبَیۡتِ أَن لَّا تُشۡرِكۡ بِی شَیۡـࣰٔا وَطَهِّرۡ بَیۡتِیَ لِلطَّاۤىِٕفِینَ وَٱلۡقَاۤىِٕمِینَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ﴾ [الحج ٢٦]
فبحسب الآية السابقة☝، فإن النبي إبراهيم كان يصلي عن طريق: القيام والركوع والسجود مثلما نصلي اليوم ، وأما الطواف فهو يعتبر صلاةً أيضاً ، ولكن الطواف خاص الكعبة عندما تكون في الحرم المكي نفسه، أما خارج مكة ، فلا يمكنك الطواف بل تقتصر فقط على القيام والركوع والسجود.
النبي زكرياً كان يصلي أيضاً، وكانت صلاته تتضمن القيام مثلنا ، ولذلك قال الله تعالى:
﴿فَنَادَتۡهُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَهُوَ قَاۤىِٕمࣱ یُصَلِّی فِی ٱلۡمِحۡرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحۡیَىٰ مُصَدِّقَۢا بِكَلِمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَیِّدࣰا وَحَصُورࣰا وَنَبِیࣰّا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ﴾ [آل عمران ٣٩]
وكانت السيدة مريم تركع وتسجد مثلنا ، ولذلك قال الله تعالى:
﴿یَـا مَرۡیَمُ ٱقۡنُتِی لِرَبِّكِ وَٱسۡجُدِی وَٱرۡكَعِی مَعَ ٱلرَّاكِعِینَ﴾ [آل عمران ٤٣]
وكان النبي داود يركع مثلنا، ولذلك قال الله تعالى:
﴿وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّـاهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّ رَاكِعࣰا وَأَنَابَ ۩﴾ [ص ٢٤]
وورد في صحيح مسلم أن النبي محمد رأى موسى وعيسى وإبراهيم وهم يصلون قائمين مثل صلاتنا:
[وقدْ رَأَيْتُنِي في جَماعَةٍ مِنَ الأنْبِياءِ، فإذا مُوسَى قائِمٌ يُصَلِّي، فإذا رَجُلٌ ضَرْبٌ، جَعْدٌ كَأنَّهُ مِن رِجالِ شَنُوءَةَ، وإذا عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ عليه السَّلامُ قائِمٌ يُصَلِّي، أقْرَبُ النَّاسِ به شَبَهًا عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وإذا إبْراهِيمُ عليه السَّلامُ قائِمٌ يُصَلِّي، أشْبَهُ النَّاسِ به صاحِبُكُمْ، يَعْنِي نَفْسَهُ، فَحانَتِ الصَّلاةُ فأمَمْتُهُمْ]
ولذلك، لا تستعجب عندما تعرف أن النبي محمد قد صلَّى بالأنبياء في رحلة الإسراء والمعراج.
بل حتى إن وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة كان أمراً معروفاً عند الأنبياء قديماً؛ فقد ورد حديث صحيح متصل كالتالي:
[عن العباس بن محمد المجاشعي قال: حدثنا محمد بن أبي يعقوب الكرماني قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس عن النبي محمد أنه قال: إنَّا معاشر الأنبياء، أُمرنا أن نُعجِّل الإفطار، وأن نؤخر السحور، وأن نضرب بأيماننا على شمائلنا.]
وفي رواية أخرى:
((أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة))
وعبارة (نضرب أيماننا على شمائلنا) ؛ أي نضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في الصلاة؛ فالأنبياء جميعهم كانوا يضعون أيديهم اليمنى على أيديهم اليسرى في الصلاة.
================
الشبهة الخامسة عشر:
يقول منكرو السُنة: كيف فعل النبي ﷺ كل هذه الأشياء بجسده البشري في ليلة واحدة بالرغم من أن المسافة بين الارض والسماء كبيرة جداً، فما بالك بالسبع سماوات؟
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
بالنسبة للزمن المستغرق ، فإنني قلتُ من قبل أن النبي استخدم البُراق في التنقل وهو كائن سريع الحركة جداً.
وأما بالنسبة لجسد النبي ، فإن الله قادر على أن يجعل جسده يتحمل التنقل والصعود للأعلى؛ فمثلاً: في القرآن الكريم سنجد أن الله جعل أجساد أصحاب الكهف تتحمل الجوع والعطش وعوامل الجو لمدة 309 سنة.
والله نفسه أخبرنا في القرآن بأنه قد رفع عيسى إلى السماء بكل بساطة.
فالله ليس عاجزاً عن فعل شيء؛ فهو الذي خلق قوانين الكون وهو القادر على تغييرها متى أراد.
=================
الشبهة السادسة عشر:
يقول منكرو السُنة: هناك فئة من الشيوخ لم ينكروا المعراج تماماً ولكن قالوا أنه رؤية قلبية أو معنوية أو شيء من ذاك القبيل واستشهدوا بقوله تعالى: {ما كذب الفؤاد ما رأى}
وأنا أرد على هذا الكلام وأقول:
لا علاقة بين الرؤية القلبية وإنكار المعراج، فالرؤية القلبية لا تنفي المعراج أصلاً؛ وهؤلاء العلماء قد أشاروا إلى أن النبي صعد فعلاً إلى السماء ، وفي السماء رأى ربه بقلبه وليس بالعينين.
وسبب عدم رؤية النبي لله بالعينين هو أن لله نور شديد ، لدرجة أنه قد يتلف عين الإنسان العادية ، ولذلك ورد في صحيح مسلم ما يلي:
[حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: نُورٌ ، أَنَّى أَرَاهُ؟!».]
فالحديث السابق يشير صراحةً إلى أن النبي لم يستطع رؤية الله ببصره نظراً لأن النور شديد.
وورد في صحيح مسلم ما يلي:
[حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ ... حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ.»]
والحديث السابق يشير صراحة إلى أن لله حجاباً من نور وأن لو شاهد جسمنا العادي ما وراء هذا الحجاب فسنحترق.
==================
الشبهة السابعة عشر:
يقول منكرو السُنة: هل دخل النبي ﷺ الجنة في المعراج أم رآها رؤية ، وإن كان دخلها فعلاً فكيف نوفِّق بين ذلك وإتهام الكفار له في القرآن: ﴿أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
لا علاقة بين قصة المعراج وآية ﴿...أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا...﴾؛ فهذه الآية في سياقها تتحدث عن أن كفار قريش أرادوا أن يشاهدوا جنة أرضية عند النبي محمد بحيث تعطي محصولاً يأكل منه النبي أمامهم على الأرض ، أما قصة المعراج فقد حدثت في السماء أصلاً، وجنة الخلد تكمن في السماء وليس على الأرض.
تعالوا بنا نرى الآية في سياقها الكامل👇
ورد في سورة الفرقان - الآية 7، 8 ما يلي:
﴿وَقَالُوا۟ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ یَأۡكُلُ ٱلطَّعَامَ وَیَمۡشِی فِی ٱلۡأَسۡوَاقِ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِ مَلَكࣱ فَیَكُونَ مَعَهُۥ نَذِیرًا ٧ أَوۡ یُلۡقَىٰۤ إِلَیۡهِ كَنزٌ أَوۡ تَكُونُ لَهُۥ جَنَّةࣱ یَأۡكُلُ مِنۡهَاۚ وَقَالَ ٱلظَّـالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلࣰا مَّسۡحُورًا ٨﴾ [الفرقان ٧-٨]
إذا تدبرت الآية السابقة فستفهم معناها جيداً حيث أن المشركين انتقدوا مشي النبي في الأسواق أمامهم لشراء الطعام منها ؛ لذا قال المشركون: لماذا لا ينزل كنز من السماء إلى النبي محمد ، ولماذا لا ينزل إليه ملاك من السماء ليتكلم مع الناس ، ولماذا لا تكون هناك جنة للنبي بحيث يأكل منها.
والجنة المقصودة في الآية ليست جنة الخلد التي في السماء بل جنة أرضية أراد المشركون وجودها أمامهم ، مع العلم أن كلمة (جنة) في اللغة العربية تأتي بمعنى حديقة كبيرة، وقد تُطلَق هذه الكلمة على أي حديقة فاخرة نراها في حياتنا ، ولذلك استخدم القرآن هذه الكلمة أحياناً للإشارة إلى الحدائق الأرضية الفاخرة كما ورد مثلاً في سورة الكهف:
﴿۞ وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلࣰا رَّجُلَیۡنِ جَعَلۡنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَیۡنِ مِنۡ أَعۡنَـابࣲ وَحَفَفۡنَـاهُمَا بِنَخۡلࣲ وَجَعَلۡنَا بَیۡنَهُمَا زَرۡعࣰا * كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَیۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَیۡـࣰٔاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَالَهُمَا نَهَرࣰا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمࣱ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَاۤ أَظُنُّ أَن تَبِیدَ هَـٰذِهِۦۤ أَبَدࣰا﴾
* وقال الله تعالى عن جنة سبأ:
﴿لَقَدۡ كَانَ لِسَبَإࣲ فِی مَسۡكَنِهِمۡ ءَایَةࣱۖ جَنَّتَانِ عَن یَمِینࣲ وَشِمَالࣲۖ كُلُوا۟ مِن رِّزۡقِ رَبِّكُمۡ وَٱشۡكُرُوا۟ لَهُۥۚ بَلۡدَةࣱ طَیِّبَةࣱ وَرَبٌّ غَفُورࣱ﴾ [سبأ ١٥]
* وقال الله تعالى عن الأشخاص الذين منعوا المساكين من الأكل من حديقتهم:
﴿إِنَّا بَلَوۡنَـاهُمۡ كَمَا بَلَوۡنَاۤ أَصۡحَـابَ ٱلۡجَنَّةِ إِذۡ أَقۡسَمُوا۟ لَیَصۡرِمُنَّهَا مُصۡبِحِینَ ١٧ وَلَا یَسۡتَثۡنُونَ ١٨ فَطَافَ عَلَیۡهَا طَاۤىِٕفࣱ مِّن رَّبِّكَ وَهُمۡ نَاۤىِٕمُونَ ١٩ فَأَصۡبَحَتۡ كَٱلصَّرِیمِ﴾ [سورة القلم]
وحتى لو افترضنا أن آية ﴿...أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا...﴾ تتكلم عن جنة سماوية ، فإن الآية ليس فيها أي نفي من الله لوجود جنة سماوية ولا يوجد فيها نفي لدخول النبي تلك الجنة.
====================
الشبهة الثامنة عشر:
يقول منكرو السنة: هل أصابت النبي تغيرات جسدية مثل أن يصبح طوله 60 ذراعاً أو ما شابه أم أنه بقي على حاله خلال المعراج لسدرة المنتهى؟!
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
إن السُنة النبوية لم تذكر حدوث أي تغيرات في حجم النبي بل السُنة تحدثت فقط عن أن التغيرات الجسمية والحجمية تحدث للجماعات التي تدخل الجنة يوم القيامة ولم تتحدث السُنة النبوية عن أي تغيرات حجمية حدثت للنبي إثر دخوله الجنة في المعراج.
ورد في صحيح البخاري (٣٣٢٧) ما يلي:
[قالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ أوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ على صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ على أشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ في السَّماءِ إضاءَةً، لا يَبُولونَ ولا يَتَغَوَّطُونَ، ولا يَتْفِلُونَ ولا يَمْتَخِطُونَ، أمْشاطُهُمُ الذَّهَبُ، ورَشْحُهُمُ المِسْكُ، ومَجامِرُهُمُ الألُوَّةُ الأنْجُوجُ، عُودُ الطِّيبِ وأَزْواجُهُمُ الحُورُ العِينُ، على خَلْقِ رَجُلٍ واحِدٍ، على صُورَةِ أبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِراعًا في السَّماءِ.]
فهنا ☝، تلاحظون أن الحديث يتكلم بصيغة الجمع عن الجماعات التي تدخل الجنة يوم القيامة حيث حينها ستتغير أجسادهم بحيث لا يتبولون ولا يتبرزون ولا يُخرِجون مخاط الأنف وغير ذلك، أما النبي محمد فقد ظل يذهب لقضاء الحاجة مثلما نحن نذهب لقضاء الحاجة (التبول والتبرز).
===================
الشبهة التاسعة عشر:
يقول منكرو السُنة: [[كيف سيصعد النبي ﷺ إلى السماء ، والكفار لما تحدوه قالوا: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} ، والعجيب أن النبي ﷺ لما رد على هذا التحدي فإنه لم يقل {سأفعل بإذن الله} ، بل قال: {سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً} ، يعني ليس بيده أي شيء من ذلك، فكيف إذاً؟]]
وأنا أرد على هذا الاعتراض السخيف وأقول:
أولاً: نحن كمسلمين نؤمن أن الأمر بيد الله وحده وليس بيد الأنبياء ؛ فالأنبياء بشر لا يتحكمون في الكون ولا يتحكمون في مصائر الناس ولا يفعلون المعجزات بقدرتهم الذاتية بل يفعلونها بقدرة الله وحده، ولذلك خاطب الله النبي محمد في القرآن قائلاً:
﴿لَیۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَیۡءٌ أَوۡ یَتُوبَ عَلَیۡهِمۡ أَوۡ یُعَذِّبَهُمۡ فَإِنَّهُمۡ ظَـالِمُونَ﴾ [آل عمران ١٢٨]
وأما بالنسبة لآية: {قل سبحان ربي هل كنت إلا بشر رسولاً}، فإن هذه العبارة لا تنفي المعراج ولا هي تنفي معجزات النبي الأخرى بل العبارة ببساطة تتضمن تسبيحاً لله بأنه مُنزَه عن النقص ، وكذلك تنص الآية على أن النبي محمد هو مجرد بشر ينزل عليه الوحي ولا يتحكم في الكون أو يفعل المعجزات بقدرته الذاتية.
والقرآن الكريم أمر النبي محمد بأن يخبر الكفار بأن الله قادر على فعل المعجزات لهم:
﴿وَقَالُوا۟ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَیۡهِ ءَایَةࣱ مِّن رَّبِّهِۦۚ قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰۤ أَن یُنَزِّلَ ءَایَةࣰ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ﴾ [الأنعام ٣٧]
وكذلك أمر القرآن النبي محمد بأن يخبر الكفار أن الغيب لله وأن عليهم انتظار حدوث المعجزات التي يطلبونها:
﴿وَیَقُولُونَ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ ءَایَةࣱ مِّن رَّبِّهِۦۖ فَقُلۡ إِنَّمَا ٱلۡغَیۡبُ لِلَّهِ فَٱنتَظِرُوۤا۟ إِنِّی مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِینَ﴾ [يونس ٢٠]
ومن خلال الآية السابقة نلاحظ أن القرآن لم ينكر معجزات النبي بل أمر الكفار بانتظار حدوث المعجزات التي يطلبونها.
=================
الشبهة العشرين:
يقول منكرو السُنة: إذا كان النبي صعد إلى السماء ولم يره الكفار حينئذ، إذن كيف سيطبق التحدي الذي تحداه الكفار للنبي حين قالوا: {أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا}
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
لو فكرنا بنفس منطق منكري السُنة ،فإننا سنكفر بالقرآن كله وليس بمعجزة المعراج ؛ فنحن عندما نقرأ الآية في سياقها الكامل فسنجدها تقول:
﴿وَقَالُوا۟ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ یَنۢبُوعًا ٩٠ أَوۡ تَكُونَ لَكَ جَنَّةࣱ مِّن نَّخِیلࣲ وَعِنَبࣲ فَتُفَجِّرَ ٱلۡأَنۡهَـارَ خِلَالَهَا تَفۡجِیرًا ٩١ أَوۡ تُسۡقِطَ ٱلسَّمَاۤءَ كَمَا زَعَمۡتَ عَلَیۡنَا كِسَفًا أَوۡ تَأۡتِیَ بِٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ قَبِیلًا ٩٢ أَوۡ یَكُونَ لَكَ بَیۡتࣱ مِّن زُخۡرُفٍ أَوۡ تَرۡقَىٰ فِی ٱلسَّمَاۤءِ وَلَن نُّؤۡمِنَ لِرُقِیِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَیۡنَا كِتَـابࣰا نَّقۡرَؤُهُۥۗ قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّی هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرࣰا رَّسُولࣰا ٩٣﴾ [الإسراء ٩٠-٩٣]
فالكفار تحدوا النبي بأن يُسقِط السماء عليهم أو يُحضِر لهم اللهَ والملائكةَ ، وهذا لم يحدث لهم ، فهل سيكفر منكرو السُنة بالقرآن أيضاً؟!
وكذلك لم يكن للنبي أي بيت من زخرف بل كان بيته بسيط الصنع ، فهل سيكفر منكرو السُنة بالقرآن أيضاً؟!
وسبب رفض الله لإحداث هذه المعجزات لهم هو علمه المسبق بأنهم سيُكذِّبون بها مثلما كَذَّبوا بغيرها من قبل.
===================
الشبهة الواحدة والعشرون:
يقول منكرو السُنة: إذا كان الأنبياء أموات ، إذن كيف صلوا وهم أموات؟!
وأنا أرد على هذا السؤال السخيف وأقول:
هذا السؤال قد رد عليه علماء الإسلام منذ زمن بعيد حيث قالوا أن أرواح الأنبياء تشكلت على شكل أجسادهم القديمة بدون أن تحيا أجسادهم وبدون أن تعود أرواحهم إلى أجسادهم ثم مكَّن الله نبيه محمد من رؤية هذه الأرواح، ولذلك ورد في صحيح مسلم ما يلي:
[مَرَرْتُ علَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي عِنْدَ الكَثِيبِ الأحْمَرِ، وَهو قَائِمٌ يُصَلِّي في قَبْرِهِ.]
الحديث السابق ☝يتحدث عن روح النبي موسى وليس جسده؛ لأنه ليس من المعقول أن جسد موسى سيصلي قائماً في حين أنه مدفون تحت الأرض.
وورد أيضاً في صحيح مسلم ما يلي:
[وقدْ رَأَيْتُنِي في جَماعَةٍ مِنَ الأنْبِياءِ، فإذا مُوسَى قائِمٌ يُصَلِّي، فإذا رَجُلٌ ضَرْبٌ، جَعْدٌ كَأنَّهُ مِن رِجالِ شَنُوءَةَ، وإذا عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ عليه السَّلامُ قائِمٌ يُصَلِّي، أقْرَبُ النَّاسِ به شَبَهًا عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وإذا إبْراهِيمُ عليه السَّلامُ قائِمٌ يُصَلِّي، أشْبَهُ النَّاسِ به صاحِبُكُمْ، يَعْنِي نَفْسَهُ، فَحانَتِ الصَّلاةُ فأمَمْتُهُمْ]
===================
إلى هنا ، أكون قد فندت الشبهة بالكامل
لا تنسوا نشر المقال أو نسخه
لا تنسونا من صالح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته