مضمون الشبهة:
منكرو السُنة يقولون أنه يحق للمرأة أن تتسكع خارج بيتها متى شاءت ولا يجب عليها أن تلزم بيتها ولا أن تقر فيه بل إن منكري السُنة يقولون أن الآية 33 التي وردت في سورة الأحزاب نزلت فقط في زوجات النبي دون غيرهن من النساء....
____________________________________
الرد على الشبهة :
أولاً:
تعالوا نستعرض لكم الآيات التي وردت في سورة الأحزاب :
{يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً * وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 33}
الآيات السابقة تأمر المرأة بأن تلزم بيتها وألا تخرج منه إلا للحاجة ؛ أي أن الآيات تنهى المرأة عن التسكع خارج البيت (عمَّال على بطَّال).
بعض منكري السُنة تمردوا على كلامنا السابق وقالوا أن هذه الآيات خاطبت نساء النبي فقط ولم تخاطب نساء الأمة كلها بدليل أنها قالت : (يا نساء النبي) ......
وأنا أرد عليهم وأقول :
أي آية فيها أمر للنبي أو زوجاته أو صحابته ، فإنها آية عامة في الحكم على جميع المسلمين والمسلمات ؛ أي أنها لا تأمر النبي أو زوجاته أو صحابته فقط بل تأمر جميع المسلمين سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل ، ولذلك توجد قاعدة فقهية تقول : (العبرة بعموم الحكم لا بخصوص اللفظ)..... ، ولهذا دعوني أثبت صحة كلامي لكم:
يقول الله تعالى مخاطباً النبي محمد :
{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ 114} سورة هود
الآية السابقة فيها أمر للنبي محمد بأن يصلي صلاة طرفي النهار وصلاة الليل (العشاء) ، فهل النبي محمد هو المأمور فقط بأن يصلي هذه الصلوات دون غيره من المسلمين؟!
الإجابة : لا لا لا ؛ لأن جميع المسلمين مأمورون -أيضاً- بهذه الصلوات بل إن منكري السُنة أنفسهم لا يستطيعون أن يتملصوا من هذه النقطة وخصوصاً أنهم يستشهدون بهذه الآية كثيراً. وبهذا نرى التناقض في عقول منكري السُنة!
وحتى لو افترضنا أن الآيات فيها أمر للنبي وحده ، فأنا أرد على منكري السُنة وأقول:
لقد أمرنا الله بتقليد النبي حين قال :
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِير 21} سورة الأحزاب
إذن أنت مطالب بالاقتداء بالنبي سواء كانت الآيات موجهة له فقط أو حتى موجهة إلى المسلمين ككل ....
وكذلك يتوجب على المرأة المسلمة أن تقتدي بزوجات النبي وأن تلزم بيتها ولا تخرج منه لغير ضرورة.
بعض منكري السُنة قد يسألون عن الدليل على وجوب اقتداء المسلمات بزوجات النبي ....... ، وأنا أرد عليهم وأقول :
الله عز وجل قد أمر المسلمين والمسلمات باتباع صحابة النبي حيث يقول الله تعالى:
{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ 100} سورة التوبة
ركِّز في عبارة: (والذين اتبعوهم بإحسان) ؛ فهذا العبارة فيها أمر لنا باتباع صحابة النبي محمد. ومن المعلوم أن زوجات النبي يدخلن أيضاً ضمن دائرة صحابة النبي بل إن القرآن قد أطلق لقب (صاحبة) على الزوجة حيث يقول الله تعالى:
{یُبَصَّرُونَهُمۡۚ یَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ یَفۡتَدِی مِنۡ عَذَابِ یَوۡمِىِٕذِۭ بِبَنِیهِ ١١ وَصَـٰحِبَتِهِۦ وَأَخِیهِ 12} سورة المعارج
{مَّتَـٰعا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَـٰمِكُمۡ ٣٢ فَإِذَا جَاۤءَتِ ٱلصَّاۤخَّةُ ٣٣ یَوۡمَ یَفِرُّ ٱلۡمَرۡءُ مِنۡ أَخِیهِ ٣٤ وَأُمِّهِۦ وَأَبِیهِ ٣٥ وَصَـٰحِبَتِهِۦ وَبَنِیهِ ٣٦} [عبس ٣٢-٣٦]
إذن زوجات النبي كن صحابيات ، وهناك منهن من هاجرت مع النبي مثل سودة بنت زمعة ، وبالتالي فإن جميع المسلمات مُطالبَات باتباع زوجات النبي ، ولذلك فإن الآية التي تأمر زوجات النبي بالقرار في البيت تأمر أيضاً جميع المسلمات بذلك.
بعض النسويات تزعمن أن الإسلام يـحـتـقـر المرأة ويسلبها حريتها في حين أنه يعطي للرجل حريته في الخروج من بيته كما يشاء ...... ، وأنا أرد على هذا الهـراء وأقول:
الإسلام يأمر الرجل أيضاً بأن يلزم بيته وألا يخرج منه إلا للضرورة ؛ ولقد ورد حديث عن النبي أنه قال للصحابي (عقبة بن عامر):
[أمسِكْ عليْكَ لسانَكَ، وليسعْكَ بيتُكَ، وابْكِ على خطيئتِكَ] صحيح الترمذي 2406.
وعبارة (ليسعك بيتك) ؛ أي الزم بيتك.
وبالتالي ، نستنتج أن الرجل والمرأة متساويان في هذا الأمر وليس كما تزعم النسويات الكـافـرات.
بعض المسيحيين يـسـخـرون من هذه التشريعات الإسلامية ويقولون : لماذا تلزم المسلمة بيتها ولا تخرج منه إلا للضرورة ؟!
وأنا أرد عليهم وأقول:
المشكلة في المسيحيين هي أنهم لا يقرأون كتابهم ولا يعرفون دينهم أصلاً ؛ لأنهم لو كانوا فتحوا الكتاب المقدس ، فإنهم سيجدون أن الكتاب المقدس يأمر المرأة بأن تلزم بيتها وأن تخـضـع لزوجها ، وإذا لم تنفذ هذه الأوامر ، فإنها بذلك تكون مجدفة على كلام الرب.
يقول بولس في رسالته إلى تيطس - الأصحاح 2:
5- متعقلات عفيفات ملازمات بيوتهنّ صالحات خاضعات لرجالهنّ ؛ لكي لا يُجدَف على كلمة الله.
النص السابق ☝ يأمر المرأة المسيحية بأن تقعد في بيتها وأن تخضع لزوجها ، وإلا فإنها ستكون مجدفة على الرب ، فلماذا أرى المسيحيين يـسـخرون من تشريعات الإسلام؟!
بعض المسلمات قد يسألن : هل الآية 33 من سورة الأحزاب تأمر المرأة أن تقعد في بيتها وألا تخرج منه أبداً مهما حصل ؟!
وأنا أرد على هذا السؤال وأقول:
الآية 33 من سورة الأحزاب تأمر المرأة بأن تمكث في بيتها ولكن يمكنها أن تخرج منه وقت الحاجة والضرورة ، فمثلاً: أبوك عندما يقول لك : (اقعد في دارك وبطَّل لف على السكك) ، هل هذا معناه أن أباك يأمرك بأن تقعد في بيتك وألا تخرج منه أبداً مهما حصل إلى أن تموت؟!
الإجابة : لا لا لا ، بل المقصود من كلام أبيك هو أنه ينهاك عن الخروج من البيت فيما لا فائدة منه ، ولهذا نرى النبي محمد قد سمح لزوجاته بالخروج من البيت لقضاء حاجاتهن وهكذا.
بالإضافة إلى أننا نجد السيدة عائشة قد خرجت للقصاص من قـتـلـة عثمان وأيضاً خرجت للصلح بين المسلمين ، وهذا يدل على مشروعية الخروج من أجل الضرورة.
بعض الشيعة الروافض يستنكرون على السيدة عائشة أنها خرجت من بيتها عندما أرادت أن تصلح بين المسلمين .... ، وأنا أرد عليهم وأقول:
إن السيدة فاطمة عندكم قد خرجت من بيتها لتطلب ميراث أبيها من أبي بكر الصديق ، فلماذا لم تستنكروا عليها ذلك الخروج؟!
بعض الشيعة حاولوا الترقيع فقالوا أن السيدة فاطمة خرجت من بيتها إلى بيت أبي بكر ، وهذه المسافة تبلغ عدة أمتار فقط لكن عائشة خرجت آلاف الكيلو مترات........ ، وأنا أرد عليهم وأقول:
العبرة بالفعل نفسه وليس بمقدار الفعل ، فمثلاً: افترض أن هناك شابان أحدهما زنـى مرة واحدة ، والآخر زنـى عشرين مرة ...... ، فهل من المعقول أن أقول أن الشاب الأول برئ والثاني مذنب؟!
الإجابة : لا لا لا ، الشابان كلاهما مذنب وآثم بغض النظر عن مقدار الجرم ؛ لأن العبرة بالفعل نفسه وليس بمقدار الفعل ، ولذلك يا روافض إذا أنتم استنكرتم فعل السيدة عائشة ، فإنكم بذلك ستطعنون في السيدة فاطمة والعكس بالعكس.
بالإضافة إلى أن السيدة عائشة كانت تتنقل داخل هودج مغطَى وسط الصحراء حيث لا يوجد أحد ، أما السيدة فاطمة فإنها لم تكن في هودج بل كانت تسير وسط الناس عندما ذهبت إلى أبي بكر.
بعض العالمانيين يقولون أنه يجب على المرأة أن تخرج للعمل لأن ذلك من حقها ولأجل بناء الوطن ، وأنا أرد عليهم وأقول:
أولاً:
قطيع العالمانجية وعبيد الغرب يروجون لموضوع أن مستقبل الوطن ونهضته يتوقفان على خروج المرأة للعمل وبدون ذلك سينهار الوطن حتماً ويتخـلـف ، ولكن الواقع والمنطق والعقل ينفون ما يروجه أولئك العالمانجية ؛ لأن مجتمعاتنا العربية تتميز بالكثافة السكانية الهائلة لدرجة أن فرص العمل أصبحت شبه معدومة ولذلك أصبح الكثير من الشباب يهاجرون للخارج ، ولهذا أصبحت الدول العربية في استغناء عن مئات الأيدي العاملة من الشباب الذكور ، فما بالك بالإناث؟!
ثانياً:
الإسلام لم يحرم عمل المراة بالكامل بل إن الإسلام أباح عمل المراة ولكن بضوابط وشروط منها :
1- أن تكون المرأة محتاجة إلى المال نظراً لفقرها.
2- أن تلتزم المرأة بحجابها ولباسها العفيف وخلقها الحسن في العمل.
3- عدم الاختلاط مع الرجال ولا جذبهم بأنواع المغريات مثل العطور والإكسوارات.
4- أن يكون العمل مناسباً لها وفي حدود استطاعتها مثل (معلمة رياض الاطفال) أو طبيبة نساء.
5- ألا تضيع حق زوجها وأولادها.
6- عدم السفر للخارج بدون محرم.
ولذلك نجد بعض الصحابيات كن يساعدن أزواجهن الفقراء وذلك من باب التفضل منهن.
ثالثاً:
يوجد العديد من المهن والأعمال التي لا تستدعي خروج المرأة من بيتها مثل : مهنة الخياطة أو تخصيص جزء من بيتها كمكان لبيع سلع غذائية أو العمل في مجال التسويق الإلكتروني أو كتابة المقالات أو أن تفتتح عيادة أو صيدلية أسفل منزلها......
رابعاً:
خروج المرأة للعمل له الكثير من السلبيات مثلما أن له إيجابيات ، فمثلاً : خروج المرأة للعمل قد ضيَّع حق زوجها وأولادها عليها بل إن خروج المرأة للعمل قد ضيَّق على الذكور فرص العمل المتاحة ولذلك نجد الشباب الذكور يسافرون للخارج بحثاً عن فرصة عمل. وهناك العديد من السلبيات الأخرى مثل انتشار التبرج والزنــا والعلاقات الغرامية والخـيـانـة وانشغال الشباب بمفاتن النساء في الطرق والجامعات وغير ذلك...
خامساً:
في الإلحاد ، المرأة ليست سوى كائن أقل تطوراً من الرجل ولذلك لا يمكنها أن تكون بمثل كفاءة الرجل في العمل. وهذا يجعلني لا أحب الملحدين الذين يتظاهرون بمظهر الدفاع عن حقوق المرأة في حين أن فـضـائحهم قد ملأت السوشيال ميديا وخاصة اليوتيوب.
______________________________________________
ملحوظة مهمة:
أنا ذكرت أن كل أمر موجه إلى النبي أو زوجاته أو صحابته فهو موجه إلى المسلمين ككل وليس للنبي وحده ، ولكن هناك حالات معينة يكون فيها الأمر مقصوراً على النبي وحده مثل موضوع زواج النبي من أكثر من أربعة نساء ؛ فهذا الأمر خاص بالنبي وحده دون المسلمين ؛ نظراً لوجود قرائن من القرآن والسُنة النبوية تدل على أن هذا الأمر مخصوص بالنبي فقط ، وبالتالي نستنتج أنه إذا كانت هناك قرينة تدل على أن الأمر مخصوص بالنبي دون غيره ، فإننا لا نعمم الحكم هنا لكن إذا لم يوجد هناك قرينة ، فإننا نعمم الحكم على جميع المسلمين. وهذا القاعدة مقبولة عقلاً ومنطقياً.
____________________
مواضيع أخرى هامة:
الرد على شبهة القـتـال الذي دار بين الصحابة ، وهل خرجت السيدة عائشة لقتال الإمام علي:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2020/07/blog-post_12.html
___________________
وفي النهاية ، أنا أود أن أقول أنه إن كان من توفيق فمن الله وحده ، وإن كان من سهو أو زلل فمني ونرجو المسامحة عليه.
لا تنسونا من صالح الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جميل. شكرا على التفصيل. قد رديت على شبهة يروجها الكثير من المشاققين.
ردحذف