الرد على شبهة: نسخ السُنة للقرآن ، وهل حد الزنا هو الرجم أم الجلد

 

مقـدمـة:
سنستكمل طرح الشبهـات البسيطة التي يرددها منكرو السُنة مثل البغبـغـاء ثم سنرد عليها لكي نثبت هشاشتها....
__________________________________________________
 
الموضوع:
 
الشبهة الأولى:
هل النبي يعطي تشريعات ينسخ بها حكم الله؟!

الرد على الشبهة :
أولاً:
منكر السُنة هذا يرتكب مغالطة ؛ فهو يخـدع المستمع في بداية الأمر حيث يمرر للمستمع مقدمة غير صحيحة قائلاً أن أحاديث النبي هي من النبي نفسه وليست وحياً من الله ثم بعد ذلك يبني عليها سؤالاً خاطـئـاً قائلاً: كيف لبشر مثل النبي أن يغير كلام الله؟!

وطبعاً ، الكلام السابق غير صحيح ؛ فنحن نؤمن أن الله أنزل تشريعاته لنا عن طريق عدة مصادر منها: ما أنزله لنا مباشرةً في القرآن الكريم ، ومنها ما أنزله الله للنبي في الأحاديث القدسية ، ومنها ما أنزله الله للنبي في الحديث الشريف.....
 
وكل المصادر السابقة هي وحي من عند الله ، وبالتالي يجوز لها أن تنسخ بعضها بعضاً ولا يوجد أي مانع عقلي من ذلك ، فمثلاً:
التوارة الأصلية هي من عند الله والإنجيل الأصلي هو من عند الله أيضاً، وقد جاء الإنجيل الأصلي ونسخ بعض ما جاء في التوراة .... 
ومن هناك يتبين لنا أن مصادر الوحي قد تنسخ بعضها بعضاً.
 
ثانياً:
يجوز للأنبياء أن ينسخوا بعض الأشياء التي وردت في الكتب السماوية ولكن بشرط أن يكون الله هو من أمرهم بنسخ تلك الأشياء المحددة ، فمثلاً:
الله أمر اليهــود ببعض التشريعات المعينة في التوراة ثم جاء النبي عيسى ونسخ تلك التشريعات بناءً على أمر له من الله حيث يقول الله تعالى عن النبي عيسى:
 
[وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ][50][آل عمران]

فهنا النبي عيسى قد نسخ بعض التشريعات التي كانت موجودة في التوراة الأصلية التي تعتبر كلام الله.

وسأضع لكم في نهاية المنشور رابطاً لمقال يثبت أن هناك مصادر وحي بجوار الكتب السماوية.
__________________________________________________
 
الشبهة الثانية:
أحد منكري السُنة يقول: كيف للألباني أن يصحح تشريعات الله؟!
 
الرد على هذه الشبهة:
منكر السُنة هذا يخــدع متابعيه للمرة الثانية إما بقصد أو عن جـهـل؛ فهو يوهـمهم أن الألباني كان يُعدِّل في تشريعات الله كيفما شاء وعلى مزاجه.
 
وأساس المشكلة يكمن في أن هذا المنكر للسٌنة لا يعرف ما المقصود بمصطلح (تصحيح الحديث) عند رجال الجـرح والتعديل حيث أن هذا المنكر للسُنة يعتقد بالخطأ أن عبارة (تصحيح الحديث) يُقصد به التلاعـب في الحديث على مزاج المحدث 😂😂😂 ....

يا جماعة ، مصطلح (تصحيح الحديث) عند أهل الحديث يُقصد به البحث في مدى صحة الحديث : هل هو حديث صحيح أم ضـعيف؟! ، فإذا كان الحديث صحيح السند والمتن ، فإن هذا يدخل تحت مفهوم (تصحيح الحديث) ، وإذا كان الحديث ضـعيف السند والمتن ، فسيدخل تحت مفهوم (تضـعيف الحديث).
 
وكذلك عندما يقرأ الطلاب على مشايخهم ويرددون الأحاديث أمام مشايخهم ، فإذا أخطأ الطالب في قراءة ألفاظ الحديث ، فإن الشيخ يصحح له قراءته ويضبطها حتى لا يخطئ مرة أخرى ... ونفس الشئ يحدث عندما يقرأ الطالب القرآن أمام شيخه ، فإن شيخه يصحح له قراءته إذا أخطأ في قراءة القرآن الكريم.
 
هذا هو المقصود من مصطلح (تصحيح الحديث) ؛ فالألباني وغيره لا يخترعون أحاديث جديدة ولا يتلاعبون بها بل ينظرون إليها ليتأكدوا من مدى صحتها: هل هي صحيحة السند وواردة عن النبي فعلاً أم لا ؟!
فإذا كان الحديث صحيح السند وجاء إلينا عن طريق رواة موثوقين ، فإن الحديث يعتبر صحيحاً... وهكذا

ثانياً:
هل مفهوم (تصحيح الحديث وتضعيفه) ورد في القرآن الكريم ، وهل الأمر بالبحث في سند الرواة ورد في القرآن الكريم؟!

الإجابة : نعم ، يقول الله تعالى:
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ][6][الحجرات]

فهذه الآية السابقة تأمرنا بالتحقق من مدى مصداقية الأنباء ، وهل ناقلوها صادقون أم لا؟!

والقرآن الكريم والأحاديث النبوية يعتبرون من الأنباء ، ولذلك كان علماء السلف يحرصون على التأكد من سند نقل القرآن ونقل الحديث.
 
يقول الله تعالى مخاطباً الكفــار عن القرآن الكريم:
[قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ][68][ص]

وكلام النبي هو نبأ بل حتى كلام زوجات النبي هو نبأ أيضاً حيث يقول الله تعالى:
[وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ][3][التحريم]

وبالتالي وجب عليك التأكد ممن ينقل لك هذه الأنباء (القرآن والحديث)... وهذا ما فعله علماء الأمة عبر الأزمنة.

________________________________________________
 
الشبهة الثالثة:
هل الزانـي يستحق الجلـد أم الرجـم؟!

أولاً:
هدف منكري السُنة من هذا السؤال هو الطـعـن في السُنة النبوية لا أكثر ؛ فهم ليس غرضهم الإحتكام إلى كتاب الله ..... ولو كان غرضهم الاحتكام إلى كتاب الله لكانوا طالبوا بإقامة حد الزنـا في الدستور.... ، ولكنك لا ترى منكري السُنة إلا وهم يتلاعبون في الآيات القرآنية ويفسرونها على هواهم لكي تتطابق مع تشريعات الغرب العلماني، ولذلك ستجدهم يقولون أن حد قـطـع يد السـارق ليس هو قـطـع اليد ، والجَـلـد ليس معناه الجَـلـد ، والضـرب ليس معناه الضـرب ..... وأنا مش أنا 😂😂😂 
وطبعاً ، نحن رددنا في منشورات سابقة على هذا التفسير الشيطـاني الذي يتبناه منكرو السُنة ، ورددنا على من يحـرفـون مفهوم (الضـرب والجـلـد والرجـم).

ثانياً:
تشريع حد (الزنـا) قد مر بمراحل في الإسلام حيث أن الله أنزل عقوبة توبـيـخ المرأة الزانـيـة في البداية ؛ فكانت الزانـيـة تُزجَـر بالكلام ثم نزل تشريع حـبـس الزانـيـة في البيت إلى أن تموت بدون أن تُجـلَـد ثم نزل تشريع جـلـد الزانـيـة ثم استقر التشريع في النهاية على جـلـد الزانـيـة الغير متزوجة ورجـم الزانـيـة المتزوجة...
 
1- يقول الله تعالى:
[وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً] [النساء:16].
 
2- يقول الله تعالى:
 [وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً][15][النساء]

3- يقول الله تعالى:
[الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ] [النور:2].
 
4- ثم أرسل الله التشريع الأخير للنبي محمد ، وحينئذ أخبرنا النبي قائلاً:
[خذوا عني - قد جعل الله لهن سبيلاً: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم.] رواه مسلم وأبو داود والترمذي.
 
لو ركزت في حديث النبي فستجد أن النبي كان ينقل هذا التشريع من الله حيث قال النبي: (قد جعل الله لهن سبيلاً : البكر بالبكر جلد مائة...] ، وهذه العبارة هي نفس العبارة التي وردت في نهاية الآية 15 من سورة النساء.

وعلى فكرة ، الحديث الشريف لم يغير حد جـلـد الزانـيـة الوارد في سورة النور2 ؛ حيث أن الآية 2 من سورة النور قد أمرت بجـلـد الزانـيـة ، وكذلك الحديث الشريف قد أمر بأن تُجـلـد الزانية الغير متزوجة وكذلك ستُجـلـد الزانـيـة المتزوجة مع إقامة حد الرجـم عليها بعد ذلك.
إذن الحديث لم ينف جـلـد الزانـيـة المتزوجة كما يعتقد منكرو السنة بل إنه أقر بجـلـدها فعلاً ثم بعد ذلك تُـرجَـم..... ولهذا لا يوجد أي تناقض بين القرآن والحديث الشريف.
  
وأما بالنسبة لمن يسـخرون من حديث (الشيخ والشيخة إذا زنـيـا.....) ، فإن هؤلاء لا يعرفون شيئاً في القرآن الكريم؛ لأن القرآن الكريم قد أشار إلى ما يُعرف بنسخ التلاوة وهو أن يرفع الله بعض الآيات من القرآن الكريم حيث يقول الله تعالى:
 [يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ][39][الرعد]

وقال الله تعالى:
[مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ][106][البقرة]

ركزوا في كلمتي (يمحو) ، (نُنسِها) وستجد أن الله قد يمحو بعض الآيات أو يرفعها من عند خلقه.

ثم إنني أتعجب من منكر سُنة يسـخـر من علماء السلف بحجة أنهم اخترعوا الأحاديث وفي نفس الوقت يزعم منكر السُنة أنه متمسك بالقرآن فقط !
 
أليس علماء السلف هو من نقلوا القرآن مثلما نقلوا لنا الحديث ، فكيف يكونون كذابين في اختراع الأحاديث وفي نفس الوقت صادقين في نقل القرآن؟!

أنا أعرف أن هناك منكر سُنة أحـمـق قد يرد ويقول أن الله يحفظ كتابه بدليل قوله:
[إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون] 

وأنا أرد وأقول :
إذا كان علماء السلف مخـادعـيـن ومـزوريـن حسب زعم منكري السُنة ، فإنه يسهل على علماء السلف أيضاً أن يكونوا قد وضعوا هذه الآية في القرآن: [ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون] ؛ لكي يخدعوا المسلمين ويوهموهم أن الله يحفظ كتابه.

إذن أنت أمامك خياران أيها المنكر للسُنة :
إما أن تقول أن علماء السلف كانوا أمناء في نقل القرآن والحديث ، وإما أن تقول أنهم كانوا كانوا مـزوريـن فقاموا باختراع الأحاديث ثم ذهبوا إلى القرآن ووضعوا الآية [ إنا نحن نزَّلنا الذكر وإنا له لحافظون] لكي يوهموا المسلمين أن القرآن محفوظ !!


__________________________________________________
 
الشبهة الرابعة:
هل هناك تناقض بين إخبار القرآن الكريم بأن النبي لا يعلم الغيب وبين حديث العشرة المبشرين بالجنة....

لقد رددت على هذه الشبهة هنا:
 
__________________________________________________
 
مقالات أخرى لنـسـف جميع حجج منكري السنة :
1- وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً
2- أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم
3- فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون
          وغيرها من الحجج....
 
راجعوا هذا المقال الطويل وفيه نـسـف لكل حججهم:


__________________________________________________
 
لا تنسونا من صالح الدعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته👋👋👋

صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا