مضمون الشبهة:
بعض الـملاحدة يقولون: كيف يأمرنا الله بالصلاة تـجاه الـكعبة في حين أن الأرض كروية ومقوسة ولن تكون وجوهنا باتـجاه الـكعبة بل ستكون ناحية الفضاء؟!
وكثيراً ما يرسم الـملاحدة رسوماً للتشكيك في قِبلة الـمسلمين...، فما حقيقة هذه الرسوم؟!
------------
الرد على هذه الشبهة السخيفة:
أولاً:
بالنسبة للرسوم التي يرسـمها الـملاحدة عن قِبلة الـمسلمين، فإنها رسوم باطلة من مـحض خيال الـملاحدة للطعن في القرآن الكريم، وهي ليست رسوماً واقعيةً، فمثلاً: الـملاحدة يزعمون أن وجه الـمصلي يكون باتـجاه الفضاء الـخارجي، ولذا ينشر الـملاحدة مثل هذه الصور السـخيفة👇:
وأنا أرد عليهم وأقول:
هذه الصور ☝️غير واقعية، لأن الـمصلي لا يتـجه وجهه ناحية الفضاء ولا خارج الأرض...!
بل الرأى الراجـح في الفقه ورأي جمهور الفقهاء هو أن الـمصلي ينظر إلى موضع سـجوده على الأرض بالأسفل ولا ينظر الـمصلي إلى الأعلى ولا الأمام ولا يلتفت جانباً...، وبالتالي لا داع لأن يرسم الـملاحدة وجوه الـمصلييـن ناحية الفضاء الـخارجي؛ لأن وجه الـمصلي يكون أصلاً نـحو الأرضية وليس الفضاء الـخارجي.
وحتى في الركوع والسـجود يكون وجه الـمصلي نـحو الأرضية، ولذا لا داع لأن يرسم الـملاحدة مثل هذه الرسوم السـخيفة.
---------
ثانياً:
بعض الـملاحدة الأغبياء يزعمون أن جسم الـمصلي يـجب أن يقف مائلاً أثناء القيام لكي يكون متجهاً نـحو الكعبة. وبعض الـملاحدة يزعمون أن الـمصلي يـجب أن يصلي على شيء مائل بزاوية لكي يكون متوجهاً ناحية الكعبة، ولذا ينشر الـملاحدة صوراً سـخيفةً مثل هذه👇
وأنا أرد عليهم وأقول:
هذه صورة غير واقعية☝️، فالقرآن الكريم قال: {فولِّ وجهك}
القرآن الكريم ذكر كلمة (وجه)، إذن الوجه هو ما يكون مائلاً وناظراً نـحو الأسفل، أما باقي الـجسم فإنه يظل معتدلاً في القيام كـما هو، ولذلك النبي الذي علمَّنا الصلاة لم يكن جسمه مائلاً في القيام بل وجهه فقط هو الذي نظر ومال للأسفل من باب الـخشوع.
انظر إلى هذه الصورة لتعلم الفرق بين رسوم الـملاحدة الـمزوة وبين الرسوم الواقعية👇:
--------------
ثالثاً:
بعض الـملاحدة يقولون: إذا كان الـمصلي في النصف الآخر من الكرة الأرضية بعيداً عن الكعبة، فكيف سيصلي تـجاهها؟!
وأنا أرد عليهم وأقول:
القرآن الكريم لم يقل: [صلوا باتـجاه الـكعبة] ، بل القرآن الكريم قال: [فولِّ وجهَك شطر الـمسجد الـحرام]، وهذا من دقة النص القرآني.
قال الله تعالى:
﴿قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِی ٱلسَّمَاۤءِۖ فَلَنُوَلِّیَنَّكَ قِبۡلَةࣰ تَرۡضَىٰهَا فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَیۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥ وَإِنَّ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ لَیَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا یَعۡمَلُونَ﴾ [البقرة ١٤٤]
فالـمسجد الـحرام هو الـمنطقة الأرضية التي بُنيت عليها الكعبة وما حولها، فهذا اسـمه الـمسجد الـحرام.
وذكر الله كلمة (شطر) ولم يقل (تـجاه)، لأن كلمة (شطر) لـها معنيان، فهي تُستخدم بـمعنى (الـجهة)، وتُستـخدم أيضاً بـمعنى التنصيف للأشياء الكروية والدائرية، ولذلك يُقال في اللغة العربية: [شطر البطيخة] ، و [شطر التفاحة].
ولهذا يقول الإمام ابن بدران في كتـابه (جواهر الأفكار ومعادن الأسرار ٢/ ٣٨٣) ما يلي:
[وشطر البيت نـحوه وقبله، وأيضًا فشطر الشيء ما يقسمه نصفين؛ فكان الـمسجد الـحرام إذا أُخذ منه خط مستقيم إلى آخر نصف الكرة، وخط آخر إلى آخر نصفها الآخر فقد قسمها نصفين، كـما يقسم الدائرةَ قطرُها نصفين، ولا يلزم منه تساوي الـمقسومين في الـمقدار، ولا يُفهم من كلام العرب الشطر بـمعنى العين.]
إذن كلمة (شطر) تُستخدَم أيضاً بـمعنى التنصيف لشكل كروي...، فالـمصلي يكون وجهه بـمثابة منشار يشطر الكرة الأرضية إلى جزئين مروراً بنقطة الـمسجد الـحرام. ولهذا يستطيع الـمسلم أن يصلي لشطر الـمسجد الـحرام حتى وإن كان الـمسلم يسكن في أبعد نقطة عن مكة أو يسكن في الـجانب الآخر الـمعاكس من الكرة الأرضية.
وإذا دققت في كلام الإمام ابن بدران السابق، فإنه يؤكد أن شطر الـمسجد الـحرام لا يشترط أن تكون بالقرب من الكعبة في الصلاة ولا يُشترط أن ترى الكعبة بعينك أمامك في الصلاة بل الشطر يُستخدَم مع الأشكال الكروية أيضاً، ولهذا يـمكنك أن تصلي شطر الـمسجد الـحرام حتى وإن كنت بعيداً عنها.
- انظر إلى هذه الصور الصـحيحة لكي تفهم👇
وأما إذا كان الـمسجد الـحرام قريباً من الـمصلي بـحيث يكون الـمسجد في دائرة نطاق الـمصلي، فإن وجه الـمصلي يكون بـمثابة أداة تشطر الدائرة إلى نصفين مروراً بالـمسجد الـحرام هكذا👇.
ولذا يقول الشعراوي في (تفسيره ١/٦٣١) ما يلي:
[إن كل إنسان منا له دائرة على حسب نظره فإذا ارتفع الإنسان تـتسع الدائرة. . وإذا كان بصره ضعيفاً يكون أفقه أقل، ويكون هو في وسط دائرة نصفها أمامه ونصفها خلفه.
إذن الذي يقول الشطر هو النصف صـحيح والذي يقول أن الشطر هو الـجهة صـحيح.
وقوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام﴾ . . أي اجعل وجهك جهة الـمسجد الـحـرام أو اجعل الـمسجد الـحرام في نصف الدائرة التي أمامك.]
وهناك تفسير آخر جميل لـمعنى كلمة (شطر)، وهو أننا إذا شطرنا الكرة إلى نصفين بـحيث أن أحد الشطرين يـحتوي على الـمسجد الـحرام في وسطه ، والشطر الآخر يقف فيه الـمـصلي، إذن يتوجب على الـمصلي أن يصلي نـحو مركز الشطر الآخر الذي يـحتوي على الـمسجد الـحرام في وسطه.
ولذلك يقول الإمام/ عطية سالم في كتـابه (شرح بلوغ الـمرام ٥٧/٥) ما يلي:
[استقبال الوجهة: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ [البقرة:١٤٤] ﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة:١٤٤]، فمن كان في الـمدينة، لا يتأتى له أن يستقبل عين الكعبة، ويكون مسامتًا لها كالسهم، ثم إن خطوط الأرض بطولها وعرضها لا يـمكن أن تـُحصَر في سـمت الكعبة، فيكون هناك مشقة بتكليف البعيد استقبال عين الكعبة، والفقهاء يقولون: الناس بالنسبة إلى الكعبة من حيث القرب والبعد ثلاثة أقسام:..... القسم الثالث: مَن كان آفاقيًا خارج مكة إلى آخر مـحيط الدائرة في الكرة الأرضية، فإن قِبلته شطر الـمسجد الـحرام. فمثلاً: نـحن الآن في الـمدينة شـمال مكة، ومكة في الـجنوب، فكل من توجه إلى الـجنوب فهو مستقبل القبلة؛ لأن الشطر الـجهة، أو نصف الكرة، النصف التي هي فيه من هناك، والنصف الذي نـحن فيه من هنا.]
إذن الشطر يستخدم لتقسيم الشكل الكروي، وطالـما أن القرآن الكريم قال: (شطر الـمسجد الـحرام) فهذا معناه: أن يكون وجهك في نفس الـمستوى الذي يشطر الكرة الأرضية إلى جزئين مروراً بالـمسجد الـحرام. وهذا أمر بسيط حتى وإن كنت تصلي من النصف الآخر للكرة الأرضية.
إذن كلمة (شطر) تأتي مع الأشكال الكروية والدائرية، والـمسلم يكون وجهه صوب أرضية الـمسجد الـحرام بـحيث يشطرها نصفين، وهذا يـمكن أن يفعله الـمسلم حتى وإن كان يصلي في أبعد جزيرة في الكرة الأرضية... مثلما يـمكنك أن تشطر التفاحة إذا وضعت السكين على أي نقطة منها.
-----------
رابعاً:
بـحسب منطق الـملاحدة الأغبياء ، فإن الطائرة التي تغادر طوكيو وتتـجه ناحية لندن، فإن هذه الطائرة لا تـتـجه ناحية لندن بل ناحية الفضاء الـخارجي ، وبالتالي يـجب على الطيار أن يـخبر الـمسافرين بأن الطائرة لا تتـجه نـحو لندن بل الفضاء الـخارجي 🥴.
هذا هو منطق الـملاحدة الأغبياء!👇
-----------
خامساً:
بالنسبة لليـهود والـمسيحييـن الذين يظنون أنفسهم عقلانـيين وينتقدون قِبلة الإسلام بـحجة أن الأرض كروية!
فإنني أرد على هؤلاء وأقول:
في الكتـاب الـمقدس ، الرب أمر بالتوجه والصلاة ناحية الهيكل الـموجود في أورشليم؛ فالهيكل هو القِبلة بـحسب الكـتاب الـمقدس.
وقد كان النبي سليمان والنبي دانيال وغيرهم يصلون نـحو الهيكل بالرغم من أن الأرض كروية ومقوسة الشكل. وقد كان اليـهود منتشرين حول العالم مثل بلاد الرافدين وروما ومصر والـحبشة وغيرها، وبالرغم من ذلك ، فإنهم يصلون باتـجاه قِبلة الهيكل.
وحتى النبي دانيال كان في بلاد الرافدين وكان يصلي باتـجاه الهيكل البعيد عنه.
فهل إلهكم يا يهود ويا مسيحيين كان يـجهل أن الأرض كروية ومقوسة الشكل ؟!
وقد تكلمتُ عن موضوع قبلة أنبياء اليهود والـمسيحيين بالتفصيل في هذا الرابط:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2021/05/blog-post_10.html
________________
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركـاته
______________
الـمراجع:
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا