مضمون الشبـهة:
يزعم أعداء الإسلام أن الإسلام أمر الـمسلمين بشرب بول ودم النبي محمد، ويستشـهد أعداء الإسلام ببعض الروايات الضعيفة الـمكـذوبة والتي سنذكرها لكم ثم سنرد عليـها.
الرد على هذه الشبـهة السخيفة:
أولاً:
العديد من الآيات القرآنـية قد حرَّمت علينا شرب الدم ولم يستـثـن القرآن أي دم بل حرَّم علينا شرب جميع أنواع الدم سواء كان دم النبي أو غيره.
قال الله تعالى:
﴿إِنَّـمَا حَرَّمَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡـمَیۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَـحۡمَ ٱلۡـخِنزِیرِ﴾ [البقرة ١٧٣]
﴿حُرِّمَتۡ عَلَیۡكُمُ ٱلۡـمَیۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَـحۡـمُ ٱلۡـخِنزِیرِ وَمَاۤ أُهِلَّ لِغَیۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡـمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡـمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡـمُتَرَدِّیَةُ وَٱلنَّطِیحَةُ وَمَاۤ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّیۡتُمۡ وَمَا ذُبِـحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ﴾ [الـمائدة ٣]
﴿إِنَّـمَا حَرَّمَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡـمَیۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَـحۡمَ ٱلۡـخِـنزِیرِ﴾ [النحل ١١٥]
وأما بول الإنسان فهو نـجس، ولذلك كان النبي يتطهر منه ويتوضأ.
ولو كان بول النبي مباحـاً، لـما كان النبي تـطهر وتـخـلص منه أصلاً.
------------
ثانياً:
الروايات التي فيـها شرب بول النبي محمد هي روايات مكـذوبة ضعيفة الإسناد ولم تصح أصلاً. وسنعرض لكم هذه الروايات واحدةً تلو الأخرى ثم سنرد عليها:
الرواية الأولى:
[أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، ثنا أَبُو الْـحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَـامِدٍ الْعَطَّارُ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْـحَــسَنِ بْنِ عَبْدِ الْـجَبَّارِ ، ثنا يَـحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، عَنْ حَـجَّاجٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْـجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَتْنِي حُكَيْمَةُ بِنْتُ أُمَيْمَةَ ، عَنْ أُمَيْمَةَ أُمِّـهَا ، أَنّ النَّبِيَّ كَانَ يَـبُولُ فِي قَدَحٍ مِنْ عِيدَانٍ ، ثُمَّ وَضَعَ تَـحْـتَ سَرِيرِهِ فَبَالَ ، فَوَضَعَ تَـحْتَ سَرِيرِهِ فَـجَاءَ فَأَرَادَهُ ، فَإِذَا الْقَدَحُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ ، فَقَالَ لامْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا بَرَكَةٌ كَانَتْ تَـخْـدُمُهُ لأُمِّ حَبِيبَةَ جَاءَتْ مَعَهَا مِنْ أَرْضِ الْـحَبَشَةِ : أَيْنَ الْبَوْلُ الَّذِي كَانَ فِي هَذَا الْقَدَحِ ؟ قَالَتْ : «شَرِبْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ»]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة جـداً ؛ فالـمرأة التي روت هذه الرواية هي حكيمة بنت أميمة وهي امرأة مـجهولة الـحال ولم يُذكَر فيـها توثيقاً في كتب الـجرح والتعديل.
وكذلك الراوي/ أبو الـحسن محمد بن أحمد بن حـامد العطار هو راوٍ مـجهول الـحال ولم يُذكَر له توثيقاً في كتب الرجال.
وكذلك الراوي/ أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة هو راوٍ مـجهول الـحال ولم يُذكَر له أي توثيق في كتب الرجال.
ثم إن هذه الرواية ليس فيـها أن النبي أمر الـمرأة بشرب بوله بل الـمرأة هي مَن فعلت ذلك من تلقاء نفسـها.
٭ ولذا قال الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله الراجـحي في كتـابه (شرح سنن النسائي - الراجـحي ٢/٣١) ما يلي:
[وقد جـاء في الروايات: أن بركة مولاة لـ أم حبيبة شربت بول النبي ﷺ، وأن النبي سألـها لـمَّا لم يـجـد شيئًا في الإناء، فقالت: إنـها شربته. وهذا لا يصح؛ لأن أصل الحديث ليس بصحيح، ولا يُشرب بوله؛ لأن الأصل في البول أنه نـجس، فلا يـجوز شربه، هذا هو الأصل. فالـحديث أصله غير صـحيح، فلا يصح ما بُني عليه من الشرب.]
وقد وردت نفس هذه الرواية الضعيفة بـهذا الشكل الآتي:
[حَـدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادٍ الْـحَذَّاءُ الرَّقِّيُّ ، ثنا حَـجَّـاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْـجٍ ، قَالَ : حَدَّثَتْنِي حُكَيْمَةُ بِنْتُ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ ، عَنْ أُمِّهَا ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ يَـبُولُ فِي قَدَحِ عِيدَانٍ ، ثُمَّ يَرْفَعُ تَـحْتَ سَرِيرِهِ ، فَبَالَ فِيهِ ثُمَّ جَاءَ فَأَرَادَهُ ، فَإِذَا الْقَدَحُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ ، فَقَالَ لامْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا بَرَكَةُ كَانَتْ تَـخْدُمُ أُمَّ حَبِيبَةَ ، جَاءَتْ بِهَا مِنْ أَرْضِ الْـحَبَشَةِ : «أَيْنَ الْبَوْلُ الَّذِي كَانَ فِي الْقَدَحِ ؟» قَالَتْ : «شَرِبْتُهُ» ، فَقَالَ : «لَقَدِ احْتَظَرْتِ مِنَ النَّارِ بِـحِظَارٍ».]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة كمـا قلنا منذ قليل نظراً لأن حكيمة هي امرأة مـجهولة الـحـال وليس لها توثيق معتمد ، وكذلك الراوي/ أحمد بن زياد الـحذاء الرقي هو رجل مـجهول.
وقد أخطأت بعض الكتب وزعمت أن عبد الرزاق ذكر هذه الرواية في مصنفه، ولكنني رجعت إلى مصنف عبد الرزاق ولم أجـدها بل وجـدت مـجرد نقط وهذا ما أشار إليه الـمحقق في هامش الكتـاب. ثم إن هذه الكتب عندما نسبت هذه الرواية إلى مصنف عبد الرزاق فإنـها أوردت الرواية هكـذا:
[عن عبد الرزاق، عن ابن جريـج، قال: «أُخبرت أن النبي ﷺ كان يـبول في قدح من عيدان، ثم يوضع تـحت سريره، قال: فوضع تـحت سريره، فـجاء فأراده فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لـها: بركة - كانت تـخـدم لأم حبيبة، جاءت معها من أرض الـحبشة -: «أين البول الذي كان في القدح؟» - قالت: شربته. قال:«صـحـة يا أم يوسف»- وكانت تُكنى أم يوسف - فما مرضت قط، حتى كان مرضـها الذي ماتت فيه»]
ولكن هذه الرواية ☝️غير موجودة في مصنف عبد الرزاق أصلاً ، ثم إن الرواية تقول أن ابن جريـج أُخـبر بكـذا بكـذا.
وكلمة (أُخبر) هنا مبنية للـمجهول ، فمن الذي أخبر ابن جريـج بهذا الكلام؟!
ولذا هذه الرواية ضعيفة منقطعة الإسناد نظراً لأن ابن جريـج لم يقابل النبي أصلاً. وقد أخذها ابن جريـج من الشائعات الـمكذوبة. وهذا الشـخص وُلد بعد مـمات النبي بـحوالي ٧٠ سنة وكان ابن جريـج معروفاً بالتدليس.
وقد أفتى الشيخ عدنان العرعور في ديوان السُنة - قسم الطهارة ٦/٣٤٢ — وقال:
[هذا الـحديث إسنادُه ضعيفٌ، وضعَّفه ابن القطان.]
وقد وردت رواية أخرى أن أم أيـمن شربت بول النبي ، ولكن هذه الرواية مكذوبة وهي كالتالي:
[حَدَّثَنَا الْـحُسَيْنُ بْنُ إِسْـحَـاقَ التُّسْتَرِيُّ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، ثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكٍ النَّخَعِيُّ ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ ، عَنْ أُمِّ أَيْـمَنَ ، قَالَتْ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ مِنَ اللَّيْلِ إِلَى فَـخَّـارَةٍ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ ، فَبَالَ فِيـهَا فَقُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ ، وَأَنَا عَطْشَانَةُ فَشَرِبْتُ مَا فِيـهَا ، وَأَنَا لا أَشْعُرُ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ ، قَالَ : «يَا أُمَّ أَيْـمَنَ ، قَوْمِي فَأَهْرِيقِي مَا فِي تِلْكَ الْفَخَّـارَةِ» . قُلْتُ : «قَدْ وَاللَّهِ شَرِبْتُ مَا فِيـهَا» . قَالَتْ : فَضَحِـكَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِـذُهُ ، ثُمَّ قَالَ : «أَمَا إِنَّكِ لا تَـتَّجِعِينَ بَطْنَكِ أَبَدًا.»]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة جداً ؛ فالذي رواها هو أبو مالك النـخعي وهو راوٍ ضعيف ومتروك الـحديث. وقد نسب هذه الرواية إلى (نُبيح العنزي) عن (أم أيـمن)
ولكن نُبيح العنزي لم يقابل أم أيـمن أصلاً؛ فقد عاش هذا الرجل في الكوفة بعيداً عنها، وقد كانت الكوفة والبصرة بلداً تعـج بالشائعات والأكاذيب. فالرواية ضعيفة ومـكذوبة أصلاً.
وهذا التضعيف قد ذُكر في كتـاب (التلخيص الـحبير - ط أضواء السلف الـمقدمة/٤٧)
ونفس التضعيف ذكره الشيخ/ مـحمد الـمختار الشنقيطي في كتـابه (شرح سنن النسائي | شروق أنوار الـمنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية ١/١٨٣)
وقد علَّق الشيخ شـحاته صقر في كتـابه (دليل الواعظ إلى أدلة الـمواعظ ٢/٣٤٦) مشيراً إلى أن هذه القصة مـكذوبة ومُفتَراة.
وقال العامري الـحرضي في كتـابه (بـهجة الـمحـافل وبغية الأماثل ٢/١٩٥)
[أخرج الدارقطني بسند فيه ضعف أن أم أيـمن شربت بوله فقال: إذن لا تلج النار بطنك.]
وكذلك أشار البـهوتي إلى ضعف هذه الرواية في كتـابه (كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي ٥/٣١)
ثم إن الرواية ليس فيها أن النبي أمر الـمرأة بشرب بوله بل الـمرأة هي مَن فعلت ذلك أولاً من تلقاء نفسـها فضحك النبي على هذا الفعل الغريب.
وقد وردت رواية أخرى مكـذوبة وفيـها أن (سلمى) شربت الـماء الذي اغتسل منه النبي، وهذه الرواية كالتالي:
[حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الْـمَلِكِ السِّنْجَارِيُّ ، ثَنَا مَعْمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ سَلْمَى امْرَأَةِ أَبِي رَافِعٍ ، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ فَوْقَ بَيْتِهِ جَالِسًا ، فَقَالَ : «يَا سَلْمَى ، ائْتِينِي بِغَسْلٍ» ، فَـجِئْتُ إِلَيْهِ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءُ سِدْرٍ ، فُصَفَّيْتُهُ لَهُ ، ثُمَّ جَثَا عَلَى مِرْفَقَةٍ حَشْوُهَا لِيفٌ ، وَأَنَا أَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ، فَغَسَلَهُ ، وَإِنِّي لأَنْظُرُ إِلَى كُلِّ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ رَأْسِهِ فِي الإِنَاءِ ، كَأَنَّهُ الدُّرُّ يَلْمَعُ ، ثُمَّ جِئْتُهُ بِـمَاءٍ ، فَغَسَلَهُ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غَسْلِهِ ، قَالَ : «يَا سَلْمَى ، اهْرِيقِي مَا فِي الإِنَاءِ فِي مَوْضِعٍ لا يَتَـخَطَّاهُ أَحَدٌ» ، فَأَخَذْتُ الإِنَاءَ ، فَشَرِبْتُ بَعْضَهُ ، ثُمَّ أَهْرَقْتُ الْبَاقِي ، فَقَالَ لِي : «مَاذَا صَنَعْتِ بِـمَا فِي الإِنَاءِ ؟» قُلْتُ : «يَا رَسُولَ اللَّهِ ، حَسَدْتُ الأَرْضَ عَلَيْهِ ، فَشَرِبْتُ بَعْضَهُ ، ثُمَّ أَهْرَقْتُ الْبَاقِي عَلَى الأَرْضِ» ، فَقَالَ : «اذْهَبِي ، فَقَدْ حَرَّمَكِ اللَّهُ بِذَلِكَ عَلَى النَّارِ»]
ولكن هذه الرواية مكذوبة أصلاً؛ فالذي رواها هو محمد بن عبيد الله بن أبي رافع - وهو أحد رواة الكوفة وكان كذاباً يـخترع الروايات.
وقد ورد في السند ابنه معمر بن محمد بن عبيد الله - وهو متروك الـحديث وقد تركه العلماء لعدم وثاقته.
وأما نصر بن عبد الـملك السنجاري فهو مـجهول الـحال.
فهذه الرواية ضعيفة أصلاً وقد ضعَّفها ابن حـجر العسقلاني في كتـاب (التلخيص الـحبير - طبعة قرطبة ١/٤٧) حيث قال:
[وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَلْمَى امْرَأَةِ أَبِي رَافِعٍ: أَنَّهَا شَرِبَتْ بَعْضَ مَاءِ غُسْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ لَهَا: «حَرَّمَ اللَّهُ بَدَنَك عَلَى النَّارِ». أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِـهَا وَفِي السَّنَدِ ضَعْفٌ.]
----------
وأما روايات شرب دم النبي فهي روايات مـكـذوبة وهي كالتالي:
[أَخْبَرَنَا أَبُو الْـحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنبأ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَانَ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ ، نا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو سَلَمَةَ ، ثنا هُنَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُـحَـدِّثُ ، عَنْ أَبِـيهِ ، قَالَ : احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَعْطَانِي دَمَهُ ، وَقَالَ : «اذْهَبْ فَوَارِهِ لا يَبْـحَثُ عَنْهُ سَبُعٌ ، أَوْ كَلْبٌ ، أَوْ إِنْسَانٌ» ، قَالَ : فَتَنَحَّيْتُ عَنْهُ فَشَرِبْتُهُ ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ ، فَقَالَ : «مَا صَنَعْتَ؟» قُلْتُ : «صَنَعْتُ الَّذِي أَمَرْتَنِي» ، قَالَ : «مَا أَرَاكَ إِلا قَدْ شَرِبْتَهُ» ، قُلْتُ : «نَعَمْ» ، قَالَ : «مَاذَا تَلْقَى أُمَّتِي مِنْكَ».]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة أصلاً ؛ فالذي رواها هو هنيد بن القاسم وهو شـخص مـجهول عاش في البصرة ، ولم تذكر الكتب أي توثيق له. وقد كانت البصرة مليئة بالأكاذيب والشائعات آنذاك.
وهذا ما قاله ابن حـجر العسقلاني في كـتابه (الـمطالب العالية- الطبعة الـمحققة)
وقد زعم الـهيثمي في كتـابه (مـجمع الزوائد) أن الراوي هنيد بن القاسم ثقة ، ولكن رد عليه ابن حـجر العسقلاني وأثبت خطأه، ويـمكنك أن تراجع كتـاب (الـمطالب العالية- الطبعة الـمحققة) ١٥/ ٥٧٦
فمن الـمعروف جيداً أن الـهيثمي عاش في القرن الثامن الـهجري أي أنه من الـمتأخرين أصلاً وهو كثيراً ما يرتكب الأخطاء فيقوم بتوثيق الـمجاهيل؛ لأنه يعتمد على توثيقات ابن حبان بطريقة عمياء، مع العلم أن توثيقات ابن حبان لا يُعتمَد عليها عند علماء الـحديث لأن ابن حبان كثيراً ما يذكر الـمجهولين في كتـابه بل وصل الأمر إلى أنه ذكر أكثر من مائة راوٍ ضعيف في كتـابه (الثقات) ثم ذكرهم مرة أخرى في كتـابه (الـمجروحـين) الذي هو مـخصص للضعفاء!!!
-----------------
الرواية الثانية:
[حَدثنا ابنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، حَدَّثَنِي بُرَيَّهُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَفِينَةَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي سَفِينَةَ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ احْتَجَمَ ، ثُمَّ قَالَ لِي : «خُـذْ هَذَا الدَّمَ ، وَادْفِنْهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالنَّاسِ»، فَذَهَبْتُ فَبَغِيتُ لَهُ ، ثُمَّ جِئْتُ ، فَقَالَ النَبيُ: «مَا صَنَعْتَ؟»، قُلْتُ : «شَرِبْتُهُ» ، فَتَبَسَّمَ.]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة أصلاً ؛ فالذي رواها هو بُريَّه بن عمر بن سفينة ، وهو رجل مـجهول الـحال.
وقد نسبـها (بُريَّه) إلى أبـيه (عمر بن سفينة) ولكن أباه يُعتبَر من الـمجهولين أيضاً كـما قال البـخـاري عنه.
وأيضاً، قال مصنفو (تـحرير تقريب التـهذيب) عنه أنه مـجهول، وقد تفرد بالرواية عنه ابنه بُريَّه وهو ضعيف.
-----------------
الرواية الثالثة:
[حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ , ثنا عَلِيُّ بْنُ مُـجَـاهِدٍ , ثنا رَبَاحٌ النُّوبِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ , قَالَ : سَمِعْتُ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ , تَقُولُ لِلْـحَـجَّاجِ : إِنَّ النَّبِيَّ احْتَجَمَ فَدَفَعَ دَمَهُ إِلَى ابْنِي فَشَرِبَهُ , فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ : «مَا صَنَعْتَ ؟» ، قَالَ : «كَرِهْتُ أَنْ أَصُبَّ دَمَكَ» , فَقَالَ النَّبِيُّ: «لا تَـمَسَّكَ النَّارُ» , وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ , وَقَالَ: «وَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ وَوَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ» .]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة جداً ؛ فالذي رواها هو رَبَاح النوبي - وهو رجل مـجهول كـما قال عنه الذهبي.
وراها عنه علي بن مـجاهد الرازي - وهو كذاب وكان يـخترع الروايات.
ورواها عنهم محمد بن حميد التـميمي وهو متروك الـحديث كـذاب، وقد كان بعض الناس البعيدين عنه يظنون أنه موثوق نظراً لأنـهم لم يتعرفوه شـخصياً لكن علماء بلده القريـبين منه علموا أنه راوٍ كذاب ففضحوه وتركوه.
فهذه الرواية ضعيفة جداً.
------------
الرواية الرابعة:
[أنبأنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُوخٍ ، قَالَ : أنبأنا نَافِعٌ أَبُو هرمز ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : حَـجَمَ رَسُولُ اللَّهِ ، غُلامٌ لِبَعْضِ قُرَيْشٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حِـجَامَتِهِ أَخَذَ الدَّمَ فَذَهَبَ بِهِ مِنْ وَرَاءِ الْـحَـائِطِ ، فَنَظَرَ يَـمِينًا وَشِـمَالا فَلَمْ يَرَ أَحَدًا تَـحَسَّى دَمَهُ حَتَّى فَرَغَ ، ثُمَّ أَقْبَلَ ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ فِي وَجْهِهِ ، فَقَالَ : «وَيْـحَكَ مَا صَنَعْتَ بِالدَّمِ ؟ » - قَالَ : «غَيَّبْتُهُ مِنْ وَرَاءِ الْـحَائِطِ» ، قَالَ : «أَيْنَ غَيَّبْتَهُ ؟» فَقَالَ : «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَفِسْتُ عَلَى دَمِكَ أَنْ أُهْرِيقَهُ فِي الأَرْضِ فَهُوَ فِي بَطْنِي» ، قَالَ : «اذْهِبْ فَقَدِ أَحْرَزْتَ نَفْسَكَ مِنَ النَّارِ»]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة أصلاً ، فالذي رواها هو نافع أبو هرمز وهو متروك الـحديث كـذاب.
ولذا قال ابن الـجوزي في (العلل الـمتناهية) ما يلي:
[هَذَانِ حَـدِيثَانِ لا يَصِحَّانِ ، أَمَّا الأَوَّلُ : فقَالَ ابْنُ حَبَّانَ : لا يَـحِلُّ الاحْتِجَاجُ بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ ، وَأَمَّا الـحـَديثُ الثَّانِي ، فَقَالَ يَـحْيَى أن نَافِعٌ كَذَّابٌ ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنه مَتْرُوكٌ .]
----------------
الرواية الـخامسة:
[حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْـمُبَارَكِ ، حَدَّثَنَا سَعْدٌ أَبُو عَاصِمٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ كَيْسَانَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : أَخْبَرَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَعَهُ طَسْتٌ ، فَشَرِبَ مَا فِيهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَا شَأْنُكَ يَا ابْنَ أَخِي ؟ » - قَالَ : «إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ مِنْ دَمِ رَسُولِ اللَّهِ فِي جَوْفِي» ، فَقَالَ : «وَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ ، وَوَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ ، لا تَـمَسُّكَ النَّارُ إِلا قَسَمَ الْيَـمِينِ»]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة ، فالذي رواها هو كيسان مولى ابن الزبير ولكن هذا الرجل مـجهول أصلاً.
وقد رواها عنه سعد أبو عاصم وهو ليس راوٍ ثقة ولم يوثقه أحد من علماء الـحديث.
وقد وردت هناك زيادة ضعيفة بدون سند وهي كالتالي:
[قال أبو جَعفَرٍ: وزادَنِي بَعضُ أصـحابِ الـحديثِ عن أبي سلَمةَ: قال: فيُرَونَ أنَّ القوَّةَ التي كانَت في ابنِ الزُّبَيرِ مِن قوَّةِ دَمِ رسولِ اللَّهِ]
ولكن هذه الرواية☝️ بلا سند ولا نعرف مَن الذي نقل هذه الرواية لأصـحـاب الـحديث أصلاً.
-----------------
الرواية السادسة:
[أنبأنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أنبأنا عَمْرُو بْنُ الْـحَارِثِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ السَّائِبِ حَـدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ مَالِكًا أَبَا أَبِي سَعِيدٍ الْـخُـدْرِيِّ لَـمَّا جُرِحَ النَّبِيُّ يَوْمَ أُحُـدٍ مَصَّ جُرْحَـهُ حَتَّى أَنْقَاهُ وَلاحَ أَبْـيَضَ ، فَقِيلَ لَهُ : مُـجَّـهُ ، فَقَالَ : لا وَاللَّهِ لا أَمُـجُّـهُ أَبَدًا ، ثُمَّ أَدْبَرَ يُقَاتِلُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْـجَــنَّةِ ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا»، فَاسْتُشْـهِدَ.]
ولكن هذه الرواية ☝️ مرسلة ضعيفة؛ فهناك انقطاع في السند بين عمر بن السائب والنبي، وقد عاش هذا الراوي في مصر أصلاً ولم يقابل النبي بل عاش في زمن آخر.
ثم إن هذه الرواية لم تذكر أن النبي أمر الرجل بشرب دمه بل الرجل هو مَن فعل ذلك من تلقاء نفسه وقد فعل ذلك من أجل تطهير جرح النبي حيث كان الناس يطهرون الـجـروح قديـماً عن طريق شفط الدم. وقد أمر النبيُ بـمج الدم أي «رميه» وليس شربه.
فكمـا رأيتم ، فكل تلك الروايات هي روايات مكـذوبة ضعيفة الإسناد ولم يصح أن النبي أمر بشرب دمه.
وكذلك توجد بعض الكتب التي تزعم أن أبا طيبة الـحـجَّـام شرب دم النبي ، ولكن هذه كذبة تداولتـها الكتب بلا دليل ولا يوجد أي رواية صـحيحة تدل على هذا الـهراء، ولذلك ورد في هامش صفحة ١٥٠ من كتـاب (درج الدرر في تفسير الآي والسور - الـمجلد الأول) ما يلي:
[لم أجـد رواية صريـحـة بأن أبا طيبة شرب دم النبي ﷺ. ولكني وجدتُ عند ابن حبان في الـمجروحـين (٣/ ٥٩) روايةً عن غلام من قريش حـجم النبي وشرب دمه وذكر ذلك للنبي فقال له ﷺ: «أحرزت نفسك من النار» وهذا حديث موضوع، كذا حـكم عليه ابن حـجر في «تلخيص الـحـبير» (١/ ٤٢ - ٤٣).
وهناك رواية أخرى عن عبد الله بن الزبير أنه فعل ذلك فقال له النبي: «لا تـمسك النار» رواه الدارقطني في السنن (١/ ٢٢٨) وعزاها ابن حـجر للطبراني وفيـها ضعف بسبب علي بن مـجاهد. انظر تلخيص الحـبير (١/ ٤٢ - ٤٣). ووجدت رواية عند أبي نعيم (١/ ٣٣٠) عن عبد الله بن الزبير فعل ذلك، وهي ضعيفة كذلك.]
وقال ابن حـجر العسقلاني في كتـابه (التلخيص الـحبير - ط أضواء السلف ١/٦٢) ما يلي:
[أمّا الرِّواية الأولى فلم أر فيـها ذكرًا لأبي طيبة، بل الظّاهر أن صاحبـها غيره؛ لأن أبا طيبة مولى بني بـياضة من الأنصار، والذي وقع لي فيه أنّه صَدَرَ من مولًى لبعض قريش، ولا يصحّ]
وزعم البعض أن الإمام (علي) شرب دم النبي بعد الـحـجامة، ولكن هذا الـهراء ليس عليه دليل تاريـخي وليس هناك أي رواية مسندة تثبت ذلك. بل الإمام الروياني الذي عاش في القرن الـخـامس الـهجري هو أول مَن ذكر هذه الـحادثة ثم علَّق عليها بأنـها أمر مستبعد.
يقول الروياني في كتـابه (بـحر الـمذهب للروياني ١/٦٠) ما يلي:
[ورُوي أن النبي ﷺ دفع مـحـاجمه إلى علي، فقال: «واره حيث لا يراه أحد» فشرب دمه وقال: «واريته حيث لا يراه أحد»، فقال: «لعلك شربتـها». فقال: «نعم»، فلم ينكر عليه. ورُوي أن أم أيـمن شربت بوله فقال: «لا ينـجع بطنك». وهذا بعيد.]
إذن نستـنـتـج من كل ما سبق أن شرب بول ودم النبي ما هو إلا خرافة وأكاذيب اخترعها البعض وخصوصاً كذابي الكوفة والبصرة.
والأدهى من ذلك أن بعض الـمسيحيين الكـذابين يأخذون وينقلون فتاوي من كتب الشيعة ويتظاهرون بأنـها فتاوينا، فمثلاً: كتب الشيعة فيـها شرب أبوال الأئـمة الإثني عشر، ولكن الـمسيحيين يأخذون هذا الـهراء من كتب الشيعة الكفار ويُلصقونه بنا بالرغم من أن الشيعة الـجعفرية ليسوا مسلمين مثلما أن هؤلاء الـمسيحيين لا يعتبرون شـهود يـهوه مسيحيين أيضاً.
----------
الرد على الـمسيحيين من كتبـهم:
هل تعلم أن كتـاب الـمسيحيين هو مَن يأمرهم بالقذارة وبأكل لـحم إلـههم يسوع وشرب دمه.
إنـجيل يوحنا - الأصـحاح ٦:
٥٤- مَن يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية، وأنا أُقيمه في اليوم الأخـير
٥٥- لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق
٥٦- مَن يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه.
فها هو إله الـمسيحيين يأمر أتباعه بأن يشربوا دمه ويأكلوا جـثته لكي يـحصلوا على النعيم، ولكن هذا الأمر الـمقزز لم يعجب الـمسيحيين، لذلك لـجأوا إلى أسلوب اللف والدوران عبر ترميز النص وجعله مـجازياً لكي يتـهربوا من هذه الورطة!
بل إن الكتـاب الـمقدس يأمر بتلطيخ الأجساد والثياب والـجدران وأماكن العبادة بالدم.
سفر الـخروج ٢٩: ٢١
«وتأخذ من الدم الذي على الـمذبـح ومن دهن الـمسحة، وتنضح على هارون وثيابه، وعلى بنيه وثياب بنيه معه، فيتقدس هو وثيابه وبنوه وثياب بنيه معه.»
وفي الكـتاب الـمقدس ، يأمر الرب بتناول كعكة شعير بالـخرا
سفر حزقيال ٤: ١٢
«وتأكل كعكـاً من الشعير على الـخرء الذي يـخرج من الإنسان تـخـبزه أمام عيونهم».
٭وفي الدول الغربـية التي يفتخر بـها الـملاحدة والـمسيحيين ، فإنه يتم صناعة بعض أنواع الـخمر من بول الإنسان مثل أن يتم استخدام بول مرضى السكر لصناعة الـخمرة ، وكل هذه الأشياء موجودة وموثقة على شبكة الإنترنت، فهل يستطيع الـملحد أن يعترض على هذه الأشياء؟!
______________________
إلى هنا ، أكون قد فندت الشبـهة بالكامل
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
_____________________
فوائد حديثية:
قول أبي حاتم الرازي عن راوٍ معين أنه (يُكتَب حـديثه)، فإنه هذا لا يُعتبر توثيقاً لـهذا الراوي؛ فربـما يكون الراوي صدوقاً ولكن يُـخطئ أو يروي الـمناكير.
________________
مقالات أخرى ذات صلة :
٭ كـذبة أن النبي أباح الوضوء من بئر بضاعة الـمملوء بـجـيفة الكلاب والقاذورات:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2024/05/blog-post_4.html
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا