مضمون الشبهة:
أحد منكري السُنة يقول : يا أهل السُنة ، لماذا تقولون أن عثمان بن عفان هو من جمع القرآن بنفسه بالرغم من أن القرآن يخبرنا بأن الله هو من جمع القرآن وليس عثمان ثم استشهد منكر السُنة بالآية التي تقول:
﴿إِنَّ عَلَیۡنَا جَمۡعَهُۥ وَقُرۡءَانَهُۥ﴾ [القيامة ١٧]
____________________________
الرد على الشبهة :
أولاً:
جمع القرآن الكريم تمَّ في عهد أبي بكر الصديق حيث تم تجميع آيات وصفحات القرآن في كتاب واحد ، أما ما فعله عثمان بن عفان فكان جمع الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة التي جاء بها القرآن الكريم ؛ أي توحيد الرسم القرآني فيما يُعرف بالرسم العثماني....
إذن ، نستفيد مما سبق أن ذلك النكراني قد أخطأ حينما تكلم عن جمع القرآن الكريم....
ثانياً:
بالنسبة للآية التي تقول : {إِنَّ عَلَیۡنَا جَمۡعَهُۥ وَقُرۡءَانَهُۥ} ، هذه الآية تتحدث عن تجميع الله للقرآن في صدر النبي محمد. والدليل على ذلك هو أن الآية ذكرت كلمة (قرءانه) بعد كلمة (جمعه) ؛ أي أن الله سينزل الآيات ثم يجمعها مع بقية الآيات السابقة في صدر النبي محمد ثم يتم تعليم النبي محمد كيفية قراءة الآيات المُنزَّلة....... بل إننا لو نظرنا إلى الآيات التي تليها مباشرةً فسنجدها تقول : {فَإِذَا قَرَأۡنَـٰهُ فَٱتَّبِعۡ قُرۡءَانَهُۥ ١٨ ثُمَّ إِنَّ عَلَیۡنَا بَیَانَهُۥ} ؛ أي أن الله يأمر النبي محمد بأن يتبع جبريل في طريقة نطقه للآيات المُنزَّلة وبعد ذلك سيقوم جبريل بتبيين وتفسير الآيات للنبي....
إذن المقصود من (جمع القرآن) هنا هو تجميع القرآن في صدر النبي محمد....
ثالثاً:
حتى لو افترضنا أن الآيات تتكلم عن تجميع الله لآيات القرآن في كتاب واحد فإن هذا لا يتعارض مع جمع أبي بكر للقرآن الكريم ؛ لأنه من المعروف أن الله قد يفعل إرادته من خلال خلقه أنفسهم ، فمثلاً:
يقول الله تعالى :
{قَاتِلُوهُمْ يُـعَـذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ 14} سورة التوبة
الآية السابقة تتحدث عن القـتـال الذي وقع بين الكـفـار والمسلمين ، ونلاحظ أن الله سيفعل العــذاب بهؤلاء الكـفـار عن طريق أيدي المسلمين. والمقصود من العــذاب هنا هو الآلام التي تحل بالعدو عندما تصيبه الجـروح ويموت ولذلك ذكرت الآيات بعدها مباشرةً عبارة (ينصركم عليهم)....
إذن الآيات السابقة نسبت الفعل إلى الله نفسه برغم حصوله على أيدي المسلمين...
وكذلك لو نظرنا إلى آية: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 38} سورة المائدة
الآية السابقة أمرت ولي الأمر نفسه أن يقطع يد السارق ، وبالرغم من ذلك ، فإن الآية نسبت هذه العـقـوبة إلى الله نفسه حيث قالت الآية (نـكـالاً من الله).
وكذلك لو نظرنا إلى آية : {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 17} سورة الأنفال
الآية السابقة نسبت فعل الرمي والقـتـل إلى الله نفسه بالرغم من أن الذين باشروا الفعل هم المسلمون أنفسهم..........
وكذلك إنزال القرآن الكريم حيث أن الملاك جبريل هو من نزل بالقرآن ، وبالرغم من ذلك ، فإن الله نسب الفعل لنفسه حيث يقول الله تعالى:
{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ 193 } سورة الشعراء
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً 23} سورة الإنسان
بالإضافة إلى أن:
جمع القرآن لم يحدث إلا بمشيئة من الله حيث يقول الله تعالى:
{وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً 30} سورة الإنسان
إذن من خلال كل ما سبق ، نجد أن الله قد يفعل إرادته من خلال مخلوقاته. وبالتالي لا تعارض بين أن يجمع أبو بكر القرآن وبين أن ينسب الله فعل الجمع إلى نفسه..........
_________________________________
مواضيع أخرى مهمة:
1- الرد على شبهة جمع القرآن الكريم:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2020/09/blog-post_28.html
2- الرد على من يزعمون أن جمع القرآن تمَّ في عهد عبد الملك بن مروان :
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2021/01/blog-post.html
3- الرد على شبهة آيات القـتـال في القرآن الكريم:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2020/10/blog-post_12.html
______________________________________________
وفي النهاية ، أنا أود أن أقول أنه إن كان من توفيق فمن الله وحده. وإن كان من سهو أو زلل فمني ونرجو المسامحة عليه.
لا تنسونا من صالح الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا