مضمون الشبـهة:
القاديانـية الكفار يـحـاولون إثبات موت الـمسيح، وكذلك ينفون رجوعه قبل يوم القيامة، ويستشهد هؤلاء الكفار بعدة أشياء سنذكرها لكم لكي نرد عليها واحدةً تلو الأخرى.
-------
أولاً:
أعداء الإسلام يزعمون أن الـمسيح مات ولن يعود في آخر الزمان، ويستشهدون على ذلك بأن القرآن يقول ما يلي:
﴿إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَىٰۤ إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَرَافِعُكَ إِلَیَّ﴾
﴿فَلَمَّا تَوَفَّیۡتَنِی كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِیبَ عَلَیۡهِمۡ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدٌ﴾
وأنا أرد عليهم وأقول:
بالنسبة لكلمة (متوفيك) أو (توفيتني)، فليس شرطاً أن تعني الـموت؛ بل كلمة (الوفاة) في القرآن الكريم تعني أيضاً الدخول في حالة نوم، ولذلك قال الله تعالى:
﴿ٱللَّهُ یَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِینَ مَوۡتِهَا وَٱلَّتِی لَمۡ تَـمُتۡ فِی مَنَامِهَا فَیُمۡسِكُ ٱلَّتِی قَضَىٰ عَلَیۡهَا ٱلۡـمَوۡتَ وَیُرۡسِلُ ٱلۡأُخۡرَىٰۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمًّىۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ﴾ [الزمر ٤٢]
- وعندما نرجع إلى معاجم اللغة العربـية، فسـنـجد أن (التوفي) في اللغة العربـية يأتي بـمعني (الأخـذ)، ولذلك يُقال في اللغة العربـية:
[فلان توفى ماله]؛ أي أخذه كاملاً.
فعندما نقول أن الله توفى الـمسيح، فالـمقصود هنا أن الله أخذ الـمسيح إلى الأعلى.
---------
والشبهة الأخرى هي أن أعداء الإسلام يستشهدون بأن البـخاري ذكر في كتـابه عن ابن عباس ما يلي:
[متوفيك: أي مـميتك]
وأنا أرد عليهم وأقول:
عند الرجوع إلى كتـاب البـخاري، ستجدون البـخاري ذكر هذا القول عن ابن عباس بدون إسناد؛ أي أن هذه الرواية ضعيفة لا تصح.
فهذه الرواية ليست على شروط البخاري في صـحة الـحديث. والبخاري ذكر هذه الرواية على سبيل الاستـئناس وليس الاحتجـاج، وكذلك ذكرها لكي ينبه الناس إلى أن هذا الكلام نُسب إلى ابن عباس بدون سند قوي.
وأما بالنسبة لابن أبي حاتم وابن جرير وابن الـمنذر عندما أرادوا أن يصلوا سند هذه الرواية، فإنـهم رووا الرواية عن معاوية بن صالـح عن علي بن طلحة عن ابن عباس....
ولكن علي بن طلحة لم يسمع أصلاً من ابن عباس باتفاق العلماء، فالرواية منقطعة باتفاق العلماء. ثم إن الإمام أحمد بن حنبل قال عن (علي بن طلحة) أنه له منكرات، فهذا الراوي عليه بعض الـملاحظات.
وعلى فكرة ، هذا السند الضعيف اسـمه (تفسير الوالبي)، ولا يـمكن الاعتماد على كل ما فيه جميعاً بل أحياناً ستجده مـخالفاً لكلام ابن عباس نفسه في الكثير من الروايات، لأن التفسير فيه بعض الدس. لذلك العلماء يذكرون هذا التفسير على سبيل الاستـئناس وليس الاحتـجـاج.
وأما الراوي عبد الله بن صالـح الـموجود في سند الرواية فهو راوٍ ضعيف.
وهناك علل أخرى في الـرواية، ولكني اختصرت.
★ولذلك قال شيخ الإسلام (ابن تيـمية) في (نقض التأسيس) ما يلي:
«وهذا إنـما هو مأخوذ من تفسير الوالبي عليّ بن أبي طلحة الذي رواه عبد الله بن صالـح عن معاوية بن صالـح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ... وأما ثبوت ألفاظه عن ابن عباس، ففيها نظر. لأن الوالبي لم يسمعه من ابن عباس ولم يدركه، بل هو منقطع»
------------
وكذلك أعداء الإسلام يستشهدون بالآيات التالية:
﴿مَّا ٱلۡـمَسِیحُ ٱبۡنُ مَرۡیَمَ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُ﴾
﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُ﴾
وأنا أرد عليهم وأقول:
بالنسبة للآية الأولى، فإنها تتكـلم عن خلو الرسل قبل الـمسيح وليس عن الـمسيح نفسه. وبالتالي من الغباء أن يستشهد أعداء الإسلام بهذه النقطة أصلاً.
وأما الآية الثانـية ، فإنها تتكلم عن الرسل الذين قبل النبي محمد ومن ضـمنهم عيسى. والآية دقيقة لغوياً؛ فقد استخدمت الآيةُ عبارةَ (خلت الرسل) وليس (ماتت).
وكلمة (خلا) في اللغة العربـية تأتي بـمعنى: مضى وأُرسِل وتقدم وذهب.
★ ولذا ورد في معجم اللغة العربـية الـمعاصرة ١/ ٦٩١ ما يلي:
[خلا الوقتُ وغيره: أي مضى، ذهب وتقدَّم]
★ وذكر اللغوي مرتضى الزبـيدي في كـتابه (تاج العروس٣٨/ ١١) ما يلي:
[خَلا الشَّيءُ خُلُوًّا: أي (مَضَى)؛ وَمِنْه قوْلُه تَعَالَى: ﴿وإنْ من أُمَّةٍ إلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ﴾؛ أَي مَضَى وأُرْسِل..... خَلا عَن الشَّيءِ: أَرْسَلَهُ.]
★ وورد في معـجم (مـختار الصِّـحاح١/ ٩٦) ما يلي:
[وقوله تعالى: {وإِن مِنْ أَمة إِلا خلا فِيهَا نذير}؛ أَي مضى وأُرسل]
- فكلمة (خلت) في الآية ليست دليلاً صريـحاً على موت الـمسيح بل هي تعني أن الـمسيح تقدم في البعثة عن النبي محمد ومضى ثم سيعود الـمسيح مرة أخرى في آخر الزمان.
- فكلمة (خلا) قد تُطلق على أي رسول قديم سواء مات أو لم يـمت.
ولذلك علَّق البقاعي في نظم الدرر على هذه الآية قائلاً:
[﴿قَدْ خَلَتْ﴾؛ أيْ: بِـمُفارَقَةِ أُمَـمِهِمْ؛ إمّا بِالـمَوْتِ؛ أوِ الرَّفْعِ إلى السَّماءِ(أي عيسى)]
---------
ويستشهد أعداء الإسلام بالآية التالية:
﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْـخُلْدَ﴾
وأنا أرد عليهم وأقول:
هذه الآية ليست دليلاً على موت الـمسيح في الـماضي، بل كل ما ذكرته الآية هو أن الـمسيح ليس خالداً.
ونـحن كـمسلمين نؤمن أن الـمسيح ليس خالداً بالفعل، بل هو سيأتي في آخر الزمان ويعيش بيننا فترة من الزمن ثم يـموت.
إذن الآية لا تعني أن الـمسيح مات في الـماضي بل هو سيموت في الـمستقبل لأنه ليس خالداً.
دعني أضرب لك مثالاً:
الـملائكة ليست خالدة، ولكن هذا لا يعني أنها ماتت بل هي ستـموت في الـمستقبل عند يوم القيامة.
وأما طول عمر الشخص أو بقاءه فترة طويلة على قيد الـحياة، فليس دليلاً على خلوده الأبدي...؛ فمثلاً: إبليس ما زال يعيش منذ مئات السنين ولكن هذا لا يعني خلوده الأبدي بل هو سـيموت حتماً في النهاية.
----------
ويستشهد أعداء الإسلام بكلام الـمسيح في القرآن الكريم:
﴿وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَیَّ یَوۡمَ وُلِدتُّ وَیَوۡمَ أَمُوتُ وَیَوۡمَ أُبۡعَثُ حَیࣰّا﴾
وأنا أرد عليهم وأقول:
هذه الآية ☝️ ليست دليلاً على موت الـمسيح في الـماضي، بل كل ما ذكرته الآية هو أن السلام كان على الـمسيح يوم ولادته، وكذلك يكون السلام عليه يوم موته.
ونـحن كـمسلمين نؤمن أن الـمسيح سينزل في آخر الزمان ويعيش بيننا فترة من الزمن ثم يـموت ويكون عليه السلام وقتها.
فهذه الآية ☝️ لم تقل أبداً أن الـمسيح مات في الـماضي...، وبالتالي لا داع لأن يستدل بها أعداء الإسلام الـكذابين.
--------
ويستشهد أعداء الإسلام بأن النبي قال:
[لو كان موسى وعيسى حيين، لـما وسعهما إلا إتباعي]
وأنا أرد عليهم وأقول:
هذا الـحديث☝️ لا أصل له وليس له سند موثق، بل هو حـديث مـحرف حيث تم اقتباسه بالغلط فـتـم تغييـر متنه عن طريق الـخطأ ابتداءً من القرن السادس الهجري.
أما الـحديث الأقدم فهو:
[لو كان موسى حياً، لـما وسعه إلا اتباعي]
فالـحديث الأقدم ليس فيه عبارة:
[لو كان عيسى حياً...]
- ولذلك قال الشيخ الألباني في هامش كـتاب شرح العقيدة الطـحاوية وقال:
[وهو حديث مـحفوظ، دون ذِكر عيسى فيه، فإنه منكر عندي لم أره في شيء من طرقه، وهي مُـخرَّجة في «الإرواء» «١٥٨٩».]
★ وأول من ذكر عبارة: [لو كان موسى وعيسى حيين] هو ابن الـجوزي في القرن السادس الـهجري؛ حيث أخطأ في نقل الـحـديث الأصلي فأضاف كلمة (عيسى) بالـخطأ، ثم أنه لم يذكر سنداً لهذا الـحديث الـجديد الـخطأ الذي وضعه في كـتابه أصلاً.
ثم إن ابن الـجوزي لم ينكر عودة عيسى في آخر الزمان بل قال بعدها مباشرةً:
[فَإِذا نزل عِيسَى صلى مَأْمُوماً لِئَلَّا يدنس بغبار الشُّبْـهَة وَجه لَا نَبِي بعدِي]
فابن الـجوزي يؤمن أن عيسى سيعود في آخر الزمان ويصلي مأموماً.
ثم جاء أبو حيان الأندلسي في (البـحر الـمحيط ٧/ ٢٠٤)، ورد على ابن الـجوزي وصـحَّـح له الـحديث فقال:
[وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ كَانَ مُوسَى وَعِيسَى حَيَّيْنِ لَمْ يَسَعْهُمَا إِلَّا اتِّبَاعِي».، وَلَكنَ مَذْهَبُ الْـمُسْلِمِينَ أَنَّ عِيسَى حَيٌّ وَأَنَّهُ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَعَلَّ الْـحَدِيثَ: «لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا لَمْ يَسَعْهُ إِلَّا اتِّبَاعِي».]
- وكذلك أخطأ ابن كثير ونقل الـحديث بالـخطأ وبغير إسناد، ولذلك رد عليه الـمحقق سامي بن محمد سلامة في هامش الـمـجلد الثاني صفحة ٦٨ وقال:
[لم أجد من ذكر عيسى في الحديث]
- وكذلك في القرن الثامن الـهجري، أخطأ ابن القيم أيضاً ونقل هذا الـحديث الـخاطيء بدون إسناد في كـتابه (مدارج السالكين ٣/ ٢٩٠)، ولكنه لم ينكر عودة الـمسيح في آخر الزمان، بل قال بعدها مباشرةً ما يلي:
[وإذا نزل عيسى ابن مريم فإنّـما يـحكم بشريعة محمّدٍ]
- وكذلك نقلها السبكي في السيف الـمسلول بدون إسناد، وقد عاش في القرن الثامن الـهجري.
- وكذلك نقلها ابن أبي العز في شرح العقيدة الطـحاوية بدون إسناد، ولكنه مع ذلك لم ينكر عودة عيسى في آخر الزمان بل هو قال بعدها مباشرةً:
[وَلَوْ كَانَ مُوسَى وَعِيسَى حَيَّيْنِ لَكَانَا مِنْ أَتْبَاعِهِ، وَإِذَا نَزَلَ عِيسَى إِلَى الْأَرْضِ، إِنَّـمَا يَحْكُمُ بِشَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ]
فابن أبي العز نقل نفس الـخطأ من أستاذه ابن كثير بدون أن ينتبه...، ولكنه مع ذلك لم ينكر عودة الـمسيح في آخر الزمان.
وعلى فكرة، سواء نظرنا إلى الـحديث الأقدم أو الـحديث الـجديد الـمحرف؛ فإن كلاهما ضعيف؛ فالـحديث الأقدم في سنده الراوي (مـجالد بن سعيد الـهمداني) وهو ضعيف. وأما الـحديث الـجديد الـمحرف فهو بلا إسناد أصلاً.
ثم إن الشيوخ الذين نقلوا الـحديث الـجديد الـخاطئ، فإنهم لم ينكروا عودة الـمسيح في آخر الزمان، ولذلك لا داع لأن يستشهد بهم القاديانـية الكـفار.
وأما بالنسبة لـمن يستشهدون بـموقع الـموسوعة الـحديثية، فإن هذا الـموقع قد أخطأ في وضع حكم الـمـحدث؛ فابن كثير لم يقل أن الـحديث صـحيح بل هو ذَكَرَ الـحديث بدون أن يقول عنه صـحيح، ولكن موقع الـموسوعة الـحديثية قاموا بوضع كلمة (صحيح) بالـخـطأ.
--------
ثانياً:
استشهد أعداء الإسلام بكلام الآلوسي حين قال:
[أنَّ الـمُرادَ إنِّي مُسْتَوْفٍ أجْلَكَ ومُـمِيتُكَ حَتْفَ أنْفِكَ لا أُسَلِّطُ عَلَيْكَ مَن يَقْتُلُكَ، فالكَلامُ كِنـايَةٌ عَنْ عِصْمَتِهِ مِنَ الأعْداءِ وما هم بِصَدَدِهِ مِنَ الفَتْكِ بِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ لِأنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ اِسْتِيفاءِ اللَّهِ تَعالى أجْلَهُ ومَوْتِهِ حَتْفَ أنْفِهِ ذَلِكَ]
في الاقتباس السابق☝️، لا يوجـد أي إشارة إلى أن الـمسيح مات في الـماضي، فالاقتباس لم يـحـدد أصلاً زمن موت الـمسيح، بل كل ما ذكره الاقتباسُ هو أن موت الـمسيح سيكون طبيعياً بدون قتله. وهذه العبارة لا تشترط أن الـمسيح مات في الـماضي بل قد تعني أيضاً أن الـمسيح سيأتي في آخر الزمان ويعيش فترة بيننا ثم يكون له موت كسائر البشر.
ثم إن أعداء الإسلام قد بتروا كلام الآلوسي من سياقه، فالرجل قد أورد عدة أقوال في تفسير الآية القرآنـية، ولكن أعداء الإسلام أخذوا الرأي الثاني وحرفوه وتركوا الرأي الأول بدون ذكره.
فالرأي الأول الذي ذكره الآلوسي هو:
[وفي قَوْلِ الرسول ﷺ: «”إنَّ عِيسى لَمْ يَـمُتْ وإنَّهُ راجِعٌ إلَيْكم قَبْلَ يَوْمِ القِيامَةِ“،»]
فالآلوسي قبلها مباشرةً أشار أولاً إلى أن الـمسيح لم يـمت وأنه سيرجع قبل يوم القيامة.
-----------
ثالثاً:
أعداء الإسلام يستشهدون بكلام ابن حزم حين قال أن الـمسيح مات، ولكن الذي لا يعلمه هؤلاء الـمعادين للإسلام أن ابن حزم أكَّد أن عيسى ابن مريم سيرجع قبل يوم القيامة أيضاً ، ولذلك يقول:
[مَسْأَلَة بَيَان أَنْ عِيسَى بْن مريم سينزل آخِر الزمان: إلَّا أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ سَيَنْزِلُ وَقَدْ كَانَ قَبْلَهُ أَنْبِيَاءُ كَثِيرَةٌ مِـمَّنْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْهُمْ لَمْ يُسَمِّ؛ وَالْإِيـمَانُ بِـجَمِيعِهِمْ فَرْضٌ. بُرْهَانُ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ؛ قَالُوا: حَدَّثَنَا حَـجَّاجٌ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ - عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْت النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ».]
فابن حزم لم ينكر رجوع عيسى بن مريم قبل يوم القيامة، ولذلك لا داع لأن يقوم القاديانـية الكفار بالاقتصاص من كلامه.
وكذلك ابن حزم أنكر صلب أو قتل الـمسيح؛ فابن حزم يقول:
[وَأَنَّ عِيسَى لَمْ يُقْتَلْ وَلَمْ يُصْلَبْ وَلَكِنْ تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ رَفَعَهُ إلَيْهِ.... وَمَنْ قَالَ إنَّهُ قُتِلَ أَوْ صُلِبَ فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ حَلَالٌ دَمُهُ وَمَالُهُ لِتَكْذِيبِهِ الْقُرْآنَ وَخِلَافِهِ الْإِجْمَاعَ.]
فابن حزم ينفي قتل أو صلب الـمسيح، وهذا يـهدم أكاذيب القاديانية الذين يزعمون أن الـمسيح صُلب فأُغمي عليه وهو على الصليب، ثم نزل من على الصليب وهرب إلى كشمير.
-------------
رابعاً:
أعداء الإسلام يستشهدون بكلام بعض الكُـتَّاب الـمعاصرين مثل: محمد الغزالي أو محمد أبو زهرة أو عبد الوهاب النـجار أو أحمد شلبـي غيرهم...
وأنا أرد عليهم وأقول:
الـحـجة تكمن في الدليل نفسه وليس فيما يزعمه فلان أو علان وخاصة في عصرنا هذا الذي انتشر فيه الكذب.
وأما بالنسبة لـمحمد الغزالي، فإن منهجه أصلاً منـحرف، فهو يسير على منـهج أسلافه من الـمعتزلة، وقد سلك مسلك أستاذه الـمنحرف محمد عبده، ولكن الإعلام هو ما فـخَّم محمد الغزالي أمام الناس لكي يغوي الناس به.
إن محمد الغزالي أنكر الكثير من الأحاديث النبوية الصـحيحة لـمجرد أنها تـخالف هواه، وعلى الـجانب الآخر أخذ ببعض الأحاديث الضعيفة، فهو يأخذ ما يروق له، فيصنع منه إسلاماً جديداً!!!
وأما محمد أبو زهرة، فكان مشهوراً من الناحية الفقهية لكن وقع له بعض الأخطاء وقد رد عليه بعض العلماء.
وأما عبد الوهاب النـجار ، فقد وقع أيضاً له أخطاء في كتـابه (قصص الأنبياء)، وقد أشار إليها الدكتور الشيخ/ عثمان الـخميسي وغيرهم.
وكذلك وقع عبد الوهاب النـجار في أخطاء عند وضعه لكـتابه (الـخلفاء الراشدون)، فقد نقل بعض الروايات الشيعية الـمكذوبة.
وأما كلام أحمد شلبـي في كتـاب (الـمسيحية)، فهو نقل آراء بعض الناس، وقد قرأتُ هذه الآراء، ووجدت أنها سـخيفة، فمثلاً:
هم أنكروا بعض أحاديث رجوع عيسى بـحـجـة أنها أحاديث آحاد، وهذا كلام غير صـحيح، فنزول عيسى وعودته ورد في أحاديث نبـوية متواترة كمـا قال العلَّامة ابن باز.
وحتى لو افترضنا أن عودة عيسى هي من أحاديث الآحاد، فهذا لا يضر شيئاً لأن أحاديث الآحاد حـجة أيضاً.
وأما بالنسبة لـمَن يرفضون أحاديث الآحاد، فهؤلاء يذكرونني بكفار قريش عندما رفضوا القرآن وتعاليم النبي بـحـجة أن الذي بلَّغهم ذلك هو شـخصٌ واحدٌ فقط، ولذلك قال الله تعالى:
﴿فَقَالُوۤا۟ أَبَشَرࣰا مِّنَّا وَ احِدࣰا نَّتَّبِعُهُۥۤ إِنَّاۤ إِذࣰا لَّفِی ضَلَـٰلࣲ وَسُعُرٍ﴾ [القمر ٢٤]
وهناك من قام بتأويل آية رفع الـمسيح، فزعم أن الرفع هنا يعني رفع الـمكانة وليس رفع الـجسد، ولكن هذا الرأي غريب جداً ومـخالف لظاهر الآية: {إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَىٰۤ إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَرَافِعُكَ إِلَیَّ}
فالآية لم تـتطرق للـحديث عن مكانة عيسى أصلاً، بل تكلمت عن عيسى نفسه، ثم إن الآية ذكرت كلمة (إليَّ) عند الـحديث عن الرفع، وهذا يشير إلى أن الـموضوع ليس رفع مكانة بل هو رفع الـمسيح إلى السماء عند الله. لأنه ليس من الـمعقول أن أقول أن ((مكانة فلان رُفعت إلى الله))!!!
وهناك من زعم أن الآية تعني رفع روح الـمسيح، بالرغم من أن الآية لم تذكر الروح أصلاً بل ذكرت عيسى كـما هو.
__________
مقالات أخرى ذات صلة:
وأما عن سبب اعتقاد القاديانية (الأحمدية) الكـفار بـموت الـمسيح، فإنني قد كتبتُ مقالاً من قبل لفضحهم، وهذا هو الرابط:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2024/03/blog-post_21.html
وكذلك كتبتُ مقالاً آخر لتفنيد أكاذيب الـمسيحيين واستدلالاتهم الـمزعومة حول صلب الـمسيح:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2024/04/blog-post_27.html
----------------------
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا