مضمون الشبهة:
بعض الـمسيحيين يطعنون في نبوة النبي محمد ويـخترعون الأكاذيب لتشويه سـمعته، وسنذكر لكم أكاذيب هؤلاء الـمسيحيين ثم سنرد عليها واحدةً تلو الأخرى، مع العلم أن هؤلاء الـمسيحيين يعتمدون على الروايات الضعيفة في معظم الشبـهات التي يطرحونها.
--------
الشبهة الأولى:
أحد الـمسيحيين كتب على موقعه التنصيري ما يلي:
[محمد كان به شيطان كـما ذكرت الكتب الإسلامية؛ فقد جاء في (كتـاب مشكاة الـمصابـيح في باب البعث وبدء الوحي) في الطبعة الـمنشورة في باكستان، أنه عندما جاء جبريل إلى محمد في غار حراء رجع إلى خديـجـة يرجف فؤاده. وقال: زملوني زملوني (غطوني)، فغطوه. ويظهر أنه أغمى عليه، لأنهم رشوا عليه الـماء حتى صـحا لنفسه. وقيل أن خديـجة امتحنته لتعرف إن كان الشيطان هو الذي ظهر له.]
وأنا أرد على هذا الـمسيحي الكذاب وأقول:
أولاً:
الكتب الإسلامية لم تقل أبداً أن النبي محمد به شيطان، بل كـتاب الـمسيحيين هو ما قال عن رسولـهم بطرس أنه شيطان:
- ورد في إنـجـيل متَّى ١٦: ٢٣ ما يلي
[فالتفت يسوع وقال لبطرس: «اذهب عني يا شيطان! أنت معثرة لي، لأنك لا تـهتم بـما لله لكن بـما للناس».]
ثانياً:
كـتاب (مشكاة الـمصابـيح) بوَّب باباً بعنوان: (الـمبعَث وبدء الوحي) وليس (البعث وبدء الوحي). ولكن هذا الـمسيحي الأحمق لا يفرق بين (البعث) و(الـمبعث). ثم إنني فتـحتُ كـتاب (مشكاة الـمصابـيـح) على الباب الذي يقصده، ولم أجد فيه أن النبي أُغمي عليه بل الكـتاب يقول:
[فَـجُئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأرضِ فـجئتُ أَهلِي]
فالكـتاب يقول أن النبي (هوى إلى الأرض)؛ أي وقع على الأرض فـجـاء إلى أهله، ولم يقل الكـتابُ أن النبي أُغمي عليه. وهناك فرق بين العبارتين.
فلو كان النبي أُغمي عليه كمـا يزعم الـمسيحي الكـذاب، إذن كيف سيأتي إلى أهله من الغار؟!
ثم إنه من الواضـح أن ذلك الـمسيحي يُزوِّر في الـمراجع؛ لذلك أراد أن يوهم الناس بأن هذا الكلام موجود في طبعة باكستان البعيدة؛ لكي يُبعد الـمسيحيُ التـهمة عن نفسه!!!
لكن -في الـحقيقة- هذا الكلام غير موجود أصلاً في باكستان ولا غير باكستان بل هو اختراع من هوى هذا الـمسيحي.
ثم ماذا سيفعل هذا الـمسيحي الغبي عندما يعلم أن نبيه دانيال وقع على الأرض مرعوباً عندما رأى جبريل على جانب نهر دجلة، وكذلك هرب باقي الناس بسبب رعب أصابهم فـجأةً.
- ورد في سفر دانيال ١٠: ٩ ما يلي:
«وسمعتُ صوت كلامه. ولـما سمعتُ صوت كلامه كنت مسبخاً على وجهي، ووجهي إلى الأرض.»
ولذلك ورد في كـتاب (عظات آبائية على الأعياد السيدية) أن الأب القديس كيرلوس الأورشليمي قال أن النبي دانيال لم يتـحـمل رؤية الـملاك جبريل بل سقط على الأرض وتلاشى صوت النبي دانيال وقوته.
فهل يستطيع ذلك الـمسيحي أن يسخر من نبيه؟!
وكذلك حزقيال النبي وقع على وجهه لـما رأى شبه مـجد الرب وكلَّمه.
- ورد في سفر حزقيال ١: ٢٨
«كمنظر القوس التي في السحاب يوم مطر، هكذا منظر اللمعان من حوله. هذا منظر شبه مـجد الرب. ولـما رأيته خررتُ على وجهي، وسمعتُ صوت متكلم.»
بل إن رسوله بولس سقط على الأرض خائفاً مرعوباً عندما ظهر له يسوع وكلمه، بل وأصيب بولس بالعمى جرَّاء ذلك:
- ورد في سفر أعمال الرسل ٩:
٤- فسقط على الأرض وسمع صوتاً قائلاً له: «شاول، شاول! لـماذا تضطهدني؟»
٦- فقال وهو مرتعد ومتحير: «يا رب، ماذا تريد أن أفعل؟»
٧- وأما الرجال الـمسافرون معه فوقفوا صامتين، يسمعون الصوت ولا ينظرون أحداً.
٨- فنـهض شاول عن الأرض، وكان وهو مفتوح العينين لا يبصر أحداً. فاقتادوه بـيده وأدخلوه إلى دمشق.
فهل سيسخر ذلك الـمسيحي أيضاً من رسوله بولس الـمزعوم؟!
وكذلك نـجد والدي شمشون نذير الرب، قد أصابتهم الرهبة من رؤية الـملاك فسقطوا على الأرض:
- ورد في سفر القضاة ١٣:
٦- فدخلت الـمرأة وكلمت رجلها قائلة: «جاء إليَّ رجل الله، ومنظره كمنظر ملاك الله، مرهب جداً.
٢٠- فكان عند صعود اللهيب عن الـمذبـح نـحــو السماء، أن ملاك الرب صعد في لـهيب الـمذبـح، ومنوح وامرأته ينظران. فسقطا على وجهيـهما إلى الأرض.
-----------
الشبهة الثانية:
يقول ذلك الـمسيحي ما يلي:
[وجاء فيه أيضاً: أنه كان كل ما جاءه الوحي تظهر عليه علامات تـجعل الـحاضرين ينتظرون منه آية قرآنية. فعن عائشة: سئل رسول الله: كيف يأتيك الوحي؟ فقال: أحياناً يأتيني مثل: صلصلة الـجرَس وهو أشده عليَّ، فأغيب عن الوعي. وأحياناً يتـمثل لي الـملاك رجلاً، فيكلمني]
وأنا أرد على هذا الـمسيحي الكذاب وأقول:
لقد بـحثتُ في الـكتـاب في نفس الباب، ولكن الكـتاب لم يقل أن النبي غاب عن الوعي، بل الكـتاب قال ما يلي:
[وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الْـحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْـجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَـمَثَّلُ لِي الْـمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ»]
فالـرواية ☝️تقول أن الوحي كان يأتي للنبي ثم يُفصَم الوحيُ عن النبي، وقد وعي النبي ما قاله الوحي؛ أي أن الوحي يأتي للنبي ثم يرحل الوحي، وقد كان النبي يعي ويعرف ما يقوله الوحي.
فالرواية ليس فيها أن النبي أغمي عليه.
ثم إن كلمة (يُفصَم) في الرواية تعود على الوحي نفسه وليس على النبي، وهذا واضـح من سياق الرواية.
وعبارة (يُفصَم الوحيُ) معناها: يذهب وينكشف ويقلع الوحي كـما ورد في معجم لسان العرب والـمعجم الوسيط 👇
والرواية لا علاقة لـها بـمرض الفصام الذي نعرفه حالياً، فمرض الفصام يصيب الشخص نفسه وليس الوحي. ثم إن مرض الفصام يـجعل الشخص لا يعي ما حوله ، لكن الرواية تقول أن النبي كان يعي (الوعي).
وأما بالنسبة لـمجيء جـبريل أحياناً في صورة بشر، فهذا لا عيب فيه.
ثم إن الكـتاب الـمقدس نفسه يـخبرنا أن الـملائكة كانت تأتي للأنبياء والقديسين في صورة بشر، وهذا ما حصل مع النبي إبراهيم في سفر التكوين - الأصـحاح ١٨. وكذلك جاء الـملاك رافائيل في صورة بشر في سفر طوبـيا.
بل إن الـمسيحي يؤمن أن إلـهه نفسه نزل للناس وتكلم معهم في صورة بشر (ناسوت)...، بل وصل الـهبد عند الـمسيحيين إلى أنهم يؤمنون أن إلـههم الثالث نزل للناس على شكل جسم حمامة!
- ورد في إنـجيل لوقا ٣: ٢٢
«ونزل عليه الروح القدس بـهيئة جسمية مثل حمامة. وكان صوت من السماء قائلاً: «أنت ابني الـحبيب، بك سررت».
فها ☝️هو إلـههم الثالث (الروح القدس) ينزل على شكل جسم حمامة، مع العلم أنهم يؤمنون أن الروح القدس هو مَن يوحي للأنبياء والرسل.
---------
الشبهة الثالثة:
يقول هذا الـمسيحي ما يلي:
[جاء في كـتاب مشكاة الـمصابـيح أيضاً أن نبي الإسلام كان يعرق أثناء الوحي، ولـهذا قالت عائشة: لقد رأيته ينزل عليه الوحي، في اليوم الشديد البرد، فيغيب عن وعيه، ويتفصد جبينه عرقاً.]
وأنا أرد على هذا الـمسيحي الكذاب وأقول:
كـتاب (مشكاة الـمصابـيح) لم يقل أن النبي غاب عن وعيه، بل الكـتاب قال:
[قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا.]
الرواية ☝️ لم تقل أن النبي أُغمي عليه بل الرواية ذكرت أن الوحي كان ينزل على النبي فيخـبره ثم يُفصَم الوحيُ عنه؛ أي يرحل عنه.
وأما بالنسبة لتعرق النبي، فهذا لا يدل على أنه مريض بالصرع كمـا يزعم هذا الـمسيحي الكذاب؛ فهناك آلاف الناس الذين يعرقون وخصوصاً في الـمواقف الشديدة، وأنا شـخصياً أتعرق ولكنني لستُ مصاباً بالصرع، والـحمد لله.
ثم ماذا سيفعل هذا الـمسيحيى الغبي عندما يعلم أن إلـهه يسوع كان يصلي ويتواصل مع الآب فنزل منه عرق غزير مثل الدم، ولـهذا ورد في انـجيل لوقا ٢٢: ٤٤ ما يلي:
«وإذ كان في جهاد كان يصلي بأشد لـجاجة، وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض.»
فها هو ☝️ يسوع إله الـمسيحيين ، كان في كرب ويصلي للآب ويُـخاطبه في البستان وكان معه ملاك، وكان يسوع يتعرق بشدة بل وصل الـحال به إلى أن انفجرت أوعيته الدموية فصال عرقه دماً، ولهذا أكَّد علماء الـمسيحية بأن يسوع مصاب بـمرض hemosiderosis حيث تـتفجر الأوعية الدموية عند تعرض الشـخص لتوتر...
فهل يستطيع ذلك الـمسيحي الغبي أن يقول أن إلـهه يسوع مصاب بنوبات هلع وصرع واضطراب ؟!
------------
الشبهة الرابعة:
يقول ذلك الـمسيحي ما يلي:
[كان وجه نبي الإسلام يسود إذا نزل عليه الوحي، فقد روى مسلم: كان النبي إذا نزل عليه الوحي، امتلكه الكرب لذلك، وتربد وجهه(أي احمر بسواد).]
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي وأقول:
عبارة (تربد وجهه) تعني تغير لون وجهه، وهذه ليست مشكلة؛ لأنه من الـمعلوم أن أي إنسان يتغير وجهه عندما يـخاطب شـخصاً آخر عالي الـمقام مثل الـحاكم أو الرئيس أو غيرهم.
فهذا من طبيعة الإنسان، ولـهذا نـجد أن النبي كان يتغير وجهه عندما يأتيه جبريل؛ لأن جبريل ملاك عظيم ذو هيبة.
ثم إن تربد الوجه قد يُذكَر مع الألوان الأخرى غير السواد، ولذلك ورد في معـجم (لسان العرب) ما يلي:
[قال ابن شـميل: «لـما رآني تَرَبَّد لونه، وتربُّده: تلونه؛ تراه أَحمر مرة، ومرة أَخضر، ومرة أَصفر. ويَترَبَّد لونه من الغضب أَي يتلوّن.» والضرع يتربد لونه إِذا صار فيه لُـمَعٌ.].
إذن لا يـمـكننا أن نـجزم أن وجه النبي كان يسود بل من الـممكن أن يكون أي لون آخر بغض النظر عن رأي الـمفسر فلان أو علان.
ثم ماذا سيفعل هذا الـمسيحي الغبي عندما يعلم أن أنبياءه كان يتغير لون وجوههم عندما يرون الـملاك، فمثلاً:
ورد في سفر دانيال ١٠ ما يلي:
8- فبقيتُ أنا وحدي، ورأيتُ هذه الرؤيا العظيمة. ولم تبق فيَّ قوة، ونضارتي تـحولت فيَّ إلى فساد، ولم أضبط قوة.
فهنا☝️ النبي دانيال قد تغير وجهه وتـحولت نضارة وجهه إلى فساد وخارت قوته.
فهل سيسخر ذلك الـمسيحي الغبي من نبيه دانيال أيضاً؟!
--------
الشبهة الـخامسة:
يقول هذا الـمسيحي ما يلي:
[وقال ابن اسـحق: إن محمداً كان يُرقى من العين وهو بـمكة، قبل أن ينزل عليه القرآن. فلما نزل عليه القرآن أصابه مثلما كان يصيبه قبل ذلك، واشتهر على بعض الألسنة كـما ذكر الـحـلبي في كتـابه [إنسان العيون] أن آمنة أم محمد رقته من العين.]
وأنا أرد على هذا الـمسيحي الغبي وأقول:
أولاً: هذا الـخبر الذي ذكره ابن إسـحاق لا يـمكن إثبات موثوقيته؛ لأن الرواية مرسَلة ضعيفة؛ فقد أوردها ابن إسـحاق في السيرة النبوية هكذا:
[محمد بن إسـحق قال: حدثني عبد الله ابن أبي بكر عن أبي جعفر قال: كان رسول الله ﷺ تصيبه العين بـمكة، فتسرع إليه قبل أن ينزل عليه الوحي فكانت خديـجة ابنة خويلد تبعث إلى عـجوز بـمكة ترقيه، فلما نزل عليه القرآن فأصابه من العين نـحو مـما كان يصيبه، فقالت له خديـجة: يا رسول الله ألا أبعث إلى تلك العجوز فترقيك؟ فقال: أما الآن فلا.]
ولكن سند هذه الرواية ☝️ضعيف به انقطاع؛ حيث أن الراوي/ أبا جعفر محمد بن على وُلد بعد موت النبي بـحوالي ٤٥ سنة، ولم يكن مع النبي في صغره أصلاً. فكيف عرف هذا الأمر ؟!
وحتى لو افترضنا أن الـرواية صـحيحة وموثقة، فإنه لا يوجد أي إشكال في رقية النبي؛ لأن رقية النبي تعني الاستعانة بالله للـحماية من السحر والـحسد. ثم إن هذه الرواية تتـحدث عن رقية السيدة آمنة لابنها عندما كان صغيراً قبل البعثة النبوية. لكن عندما كبر النبي محمد، فإنه رفض أن يرقيه الآخرون؛ لأن النبي كان يرقي نفسه بنفسه. ولهذا ورد في الرواية أن السيدة خديـجة عرضت على النبي محمد أن يرقيه أحد، فقال لـها النبي: [أما الآن فلا]
فالآن بعد أن كبر النبي، كان النبي يرقي نفسه.
*************
وأما بالنسبة للـمسيحيين الذين زعموا أن الـمشركين هم مَن كانوا يرقون النبي بالرقية الوثنية، فإنني أرد على هؤلاء الـمسيحيين وأقول:
إذا أكـملتم كلام السيرة الـحـلبية، فستجدون أنها تقول ما يلي:
[واُشتهر على بعض الألسنة أن آمنة، يعني أمه ﷺ رقت النبي من العين، ولعل مستند ذلك ما تقدم عن أمه أنـها لـما كانت حاملاً به جاءه الـمَلك، وقال لـها: قولي إذا ولدتـيه:
«أعيذه بالواحد من شر كل حاسد. والظاهر أنها قالت ذلك.»]
فبـحسب كلام السير الـحلبية، فإن الـملاك☝️ أمر والدة النبي بأن ترقيه باسم الله الواحد وليس بالآلـهة الوثنية، وهذا بـحسب ما رواه ابن إسـحاق وما نقلته السيرة الـحلبية...
ولكن الـمسيحي النصاب حذف هذه الفقرة☝️ من مقاله؛ لكي يوهم الناس أن الـمشركين كانوا يرقون النبي بالرقية الوثنية!
*********
وأما بالنسبة للـمسيحيين الذين يزعمون أن والدة النبي كانت ترقي النبيَ عند امرأة عـجوز بـمكة، ويستشـهدون بـما يلي:
[قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن أبي جعفر قال: كان رسول الله ﷺ تصيبه العين بـمكة، فتسرع إليه قبل أن ينزل عليه الوحي، فكانت خديـجـة بنت خويلد تبعث إلى عـجوز بـمكة ترقيه، فلما نزل عليه القرآن فأصابه من العين نـحو مـما كان يصيبه، فقالت له خديـجة: يا رسول الله، ألا أبعث إلى تلك العجوز فترقيك؟ فقال: «أما الآن فلا».]
هذه الرواية ☝️ أصلاً ضعيفة؛ لأنها مرسلة وبها انقطاع بين الراوي أبي جعفر والنبي كمـا ذكرنا منذ قليل.
********
وأما بالنسبة لبعض الـمسيحيين الذين يزعمون أن السيدة آمنة كانت ترقي النبيَ محمد عندما كان يُغمى عليه ويقع على الأرض، فإنني أرد عليهم وأقول:
أولاً: الرواية التي يستدل بها هؤلاء الـمسيحيون هي رواية مرسلة ضعيفة بدون إسناد بين ابن إسحاق والنبي، وهي كالتالي:
[عن ابن إسحاق قال: كانت آمنة بنت وهب أم رسول الله ﷺ تُـحدِّث أنها أتيت حين حملت بـمحمد ﷺ، فقيل لـها: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع إلى الأرض فقولي: أعيذه بالواحد من شر كل حاسد]
ثم إن الرواية ☝️ لا تعني أن النبي محمد كان يُغمى عليه ويقع على الأرض بل الرواية تقصد أنه قيل للسيدة آمنة أن ترقي النبي عندما تـنجـبه؛ فعبارة (وقع إلى الأرض) تُذكَر في الكتب القديـمة عن ميلاد البشر ويكون معناها: (ولدته وجاءت به للـحياة)، ولذلك ستلاحظ أن الرواية تـتـحدث عن حمل السيدة آمنة بـجنين في بطنها ثم ستلده.
ثم إنه لو كان الـمقصود من الرواية أن النبي يُغمى عليه وينهار، لكانت الرواية قالت (وقع على الأرض) وليس (وقع إلى الأرض).
وعلى فكرة، نفس هذه الرواية قد ذكرها ابن سعد في كتـاب (الطبقات) وذكرها ابن الـجوزي في كـتابه (الـمنتظم) ، وقد أخذوا هذه الرواية من الراوي (الواقدي)، لكن الراوي (الواقدي) متروك الـحديث كذاب كـما هو معلوم عند علماء الـحديث. ولذلك هذه الرواية باطلة.
--------------
الشبهة السادسة:
يقول ذلك الـمسيحي ما يلي:
[وجاء في السيرة الـحلبية أن رسول الله قال لـخـديـجة: إذا خلوت سمعتُ نداءين: يامحمد يامحمد، [وفي رواية] أرى نوراً، وأسمع صوتاً، [وفي رواية أخرى] أخشى أن يكون الذي يناديني تابعاً من الـجن. [وفي رواية] أخشى أن يكون بي جنون. فإنه كان يصيبه ما يشبه الإغماء بعد حصول الرعدة، وتغمض عيناه، ويـحمر وجهه بسواد، ويغط كغطيط البَكْرِ أي الإبل.]
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي الكذاب وأقول:
أولاً: بالنسبة لـهذه الروايات التي ذكرها الـحلبي في كـتابه، فإنها روايات ضعيفة أصلاً، وقد اقتبسـها الـحـلبي من كـتاب (الطبقات) لابن سعد، وإذا قرأنا الرواية بالكامل فسنـجـدها تقول:
[أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حَبيبة عن داود بن الـحُصين عن عِكْرِمة عن ابن عبّاس قال: فبينا رسول الله، ﷺ، على ذلك وهو بأجْياد إذ رأى مَلَكًا واضعًا إحدى رجليه على الأخرى في أفق السماء يصيح: يا محمّد، أنا جـبريل، يا محمّد، أنا جبريل، فذُعر رسول الله، ﷺ، من ذلك، وجعل يراه كلّما رفع رأسه إلى السّماء، فرجع سريعًا إلى خديـجـة فأخبرها خبره وقال: «يَا خَدِيـجَةُ وَاللهِ مَا أبْغَضْتُ بُغْضَ هَذِه الأَصْنَامِ شَيْئًا قَطّ وَلا الكُهّانِ وَإنّي لأخْشَى أنْ أكُونَ كَاهِنًا.»]
هذه الرواية ☝️ رواها الواقدي ، والواقدي شيعي كذاب متروك الـحديث. وأما الراوي الثاني فهو إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وهو راوٍ ضعيف. وأما الراوي الثالث فهو داود بن الـحُصين، وهذا الراوي يروي أحاديث منكرة عن عكرمة. ولهذا قال ابن الـمديني: ((ما يرويه داود بن الـحُصين عن عكرمة فمنكر)).
وقال أبو زُرعة: [داود بن الـحصين لين]. وقال أبو داود: [أحاديث داود بن الـحصين عن عكرمة مناكير].
وكذلك جرَّحه الترمذي فيما يتعلق بالـحفظ.
إذن الرواية التي اقتبسها الـحلبي هي رواية ضعيفة أصلاً.
ثم إن الرواية لم تذكر أن ((النبي خشي أن يكون به تابعاً من الـجن))، بل هذه الـجملة هي جملة وضعها الـحلبي بنفسه في السيرة الـحلبية من أجل تفسير الرواية الضعيفة التي ذكرناها منذ قليل، ولذلك يقول الـحلبي:
[وفي رواية «والله ما أبغضتُ بغض هذه الأصنام شيئا قط ولا الكهان، وإني لأخشى أن أكون كاهناً»؛ أي فيكون الذي يناديني تابعا من الـجن، لأن الأصنام كانت الـجن تدخل فيها، وتـخـاطب سدنتـها، والكاهن يأتيه الـجني بـخبر السماء.]
فعبارة (أي فيكون الذي يناديني تابعاً من الـجن) هي عبارة تفسيرية من دماغ الـحلبي نفسه، ولذلك لم تُذكر هذه العبارة في أي رواية من قبل.
وعلى فكرة ، الـحلبـي عاش في القرن ١١ الـهجري بعد حوالي ١٠٠٠ سنة من موت النبي.
وأما الرواية التي تقول أن النبي كان يغمض عينيه وقت الوحي، فقد رواها:
[حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، عَنْ مَيْمُونٍ الْـمَرَائِيِّ ، عَنِ الْـحَسَنِ ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ عَرَفْنَا ذَلِكَ فِيهِ وَغَمَّضَ عَيْنَيْهِ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ.]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة؛ فقد رواها ميمون الـمَرَائي، وهو مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، وبالتالي يُشك في صـحة هذه الرواية، وخـصوصاً أن باقي طرق الرواية لم تذكر عبارة [غمَّض عينيه].
ولذلك ستـجد في باقي الروايات الصحيحة أن النبي كانت عيناه مفتوحتين عند نزول الوحي:
[قَالَ أَبُو يَعْلَى الْـمَوْصِلِيُّ : وثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْـحَـجَّاجِ , ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيَّادٍ , ثنا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ ، عَنْ أَبيه يعني عَنِ الْفَلْتَانِ بْنِ عَاصِمٍ ، قَالَ : كُـنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ ، وَكَانَ إِذَا أنْزِلَ عَلَيْهِ دَامَ بَصَرُهُ مَفْتُوحَةٌ عَيْنَاهُ وَفَرَغَ سَمْعُهُ وَقَلْبُهُ لِـمَا يَأْتِيهِ مِنَ اللَّهِ ، قَالَ : فَكُـنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ.]
وحتى لو افترضنا أن النبي كان يغمض عينيه؛ فإنني لا أرى أي عيب في ذلك؛ فالكثير من الناس يفعلون ذلك بشكل عادي.
وعلى فكرة، تغميض العين يقلل التشتت ويركز الذاكرة.
مع العلم أن هناك بعض الـمواقع الإلكترونية التي زعمت أن صحيح مسلم قال أن النبي كان يغمض عينيه، ولكني بـحثتُ في صحيح مسلم عن ذلك ولم أجده في صحيح مسلم، بل هذا سهو من صاحب الـموقع الإلكترونية.
وأما الـمسيحي الذي زعم أن فم النبي كان فيه رغوة ويسيل منه اللعاب، فهذا كذب، ولم يـحصل أبداً، بل هذه الكذبة اختراع من عقلية الـمسيحيين الـمريضة.
ثم إن أنبياء الكتـاب الـمقدس هم كان اللعاب يسيل من أفواههم، فمثلاً:
داود النبي في سفر صموئيل الأول ٢١: ١٣ فعل ما يلي:
«فغيَّر عقله في أعينهم، وتظاهر بالـجنون بين أيديهم، وأخذ يـخربش على مصاريع الباب ويسيل ريقه على لـحيته.»
وأما بالنسبة لاحمرار عين النبي، فهذا لم يكن دائـماً بل كان في مواقف مـحدودة وفي بعض الشدائد حيث كان النبي يـحذر الـمسلمين بشدة. وهذا شيء طبيعي يـحـدث لكل البشر ولا يدل على صرع أو عيب خلقي أو أي شيء غريب. بالإضافة إلى أن النبي كان يعيش في بيئة رملية يكثر فيـها الرمل الـمتطاير الذي يدخل العيون.
ثم إن يوحنا رسول الـمسيحيين يـخبرنا أنه رأى يسوع وكانت رجلاه وكأنها مـحمية (حمراء ملتـهبة) في فرن!
سفر رؤيا يوحنا ١: ١٥
«ورجلاه شبه النحاس النقي، كأنهما مـحـميتان في أتون. وصوته كصوت مياه كثيرة.»
وسنذكر لكم الـمزيد من الأمثلة في الكـتاب الـمقدس بعد قليل.
-------------
الشبهة السابعة:
يقول الـمسيحي: كيف لم يعرف محمد الـملاك عندما جاءه في غار حراء؟!
وأنا أرد على هذا الـمسيحي الغبي وأقول:
عندما قابل النبي محمد جبريلَ في غار حراء لأول مرة فإنه لم يكن يعرفه...، فهذه كانت بداية نزول الوحي عليه. وهذا شيء طبيعي لأي إنسان يلتقي شيئاً أو شـخصاً لم يعرفه من قبل.
ثم إن الكـتاب الـمقدس يـخبرنا أن بولس رسول الـمسيحيين لم يكن يعرف يسوع عندما ظهر له ليكلفه بـمهمة رسول:
ورد في سفر أعمال الرسل ٩:
٥- فقال: «من أنت يا سيد؟» فقال الرب: «أنا يسوع الذي أنت تضطهده. صعب عليك أن ترفس مناخس».
وأما بالنسبة لورقة بن نوفل، فإنه كان يعلم سمات الـملاك؛ نظراً لأنه كان له علم من بقايا الكتب الدينية القديـمة، وكان يعلم سمات الوحي الذي نزل على الأنبياء من قبل ومنهم موسى.
ثم إن بولس كان يتعلم على يد معلم الشريعة (غمالائيل)، ثم أصبح رسولاً بعد ذلك ، فلماذا الـمسيحيون لا يتهمون رسولهم بولس بأنه سرق تشريعاته من غمالائيل؟!
بل وقد كان بولس ينتمي أصلاً للـمدرسة الرواقية، وقد سرق منها بعض الأمور ، وكذلك سرق من شعراء الأمم بعض النصوص ووضعها في رسائله. وسأترك لكم رابط مقال عن ذلك في نهاية هذا الـمنشور.
-------------
الشبهة الثامنة:
يسأل ذلك الـمسيحي: كيف علمت السيدة خديـجة بـهوية الـملاك في حين أن النبي لم يعرف؟!
وأنا أرد على هذا الـمسيحي وأقول:
الرواية التي ذكرت ذلك هي رواية ضعيفة، وهي كالتالي:
[عن إسماعيل بن أبي حكيم أنَّ خديـجةَ قالت: أي ابنَ عمِّ أتستطيعُ أن تُـخبرني بصاحبِك إذا جاء؟ قال: نعم، فـجـاءَه جبريلُ، فقال: يا خديـجةُ، هذا جبريلُ، قالت قم فاجلس على فـخـذي اليسرى، ثم قالت: هل تراهُ؟ قال: نعم، قالت فتحولَ إلى الـيمنى كذلك، ثم قالت: فتحولْ فاجلسْ في حـجري كذلك، ثم ألقت خمارَها وتـحسَّرتْ وهو في حـجرِها وقالت: هل تراهُ؟ قال: لا، قالت: اثبُتْ، فواللهِ إنَّهُ لـملكٌ وما هو بشيطانٍ]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة أصلاً، وفيـها انقطاع بين الراوي إسماعيل وبين عصر خديـجـة والنبي.
فالراوي/ إسماعيل بن أبي حكيم لم يقابل أحداً من الصـحـابة...، فما بالك بالسيدة خـديـجة التي ماتت أصلاً قبل الـهجرة.
- وأما الرواية الأخرى التي تقول:
[فَـحَـدَّثَنَا ابْنُ حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْـحَدِيثِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْـحَسَنِ، فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُ أُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتَ الْـحُسَيْنِ تُـحَدِّثُ بِهَذَا الْـحَدِيثِ عَنْ خَدِيـجَةَ، إِلا أَنِّي قَدْ سَـمِعْتُهَا تَقُولُ: أَدْخَلَتْ رسول الله بينها وبين درعها، فذهب عند ذلك جبرئيل، فقالت لرسول الله: إِنَّ هَذَا لَـمَلَكٌ، وَمَا هُوَ بِشَيْطَانٍ.]
هذه الرواية ☝️مرسلة ضعيفة أيضاً، وفيها انقطاع؛ حيث أن فاطمة بنت الـحسين لم تسمع جدتـها فاطمة بنت محمد، ولا سمعت أم جدتـها (خديـجة).
وقد رواها الـهيثمي بعد أن عزاها للطبراني عن يحيى بن سليمان بن نضلة الـمديني، ولكن هذا الراوي ضعيف وقد خالف مَن هو أوثق منه.
فهذه الروايات ضعيفة ولم يثبت من خلالـها أن النبي جلس على فـخذ السيدة خديجة ولا في حـجرها ولا أنها خلعت خمارها أمام الـملاك.
وحتى لو جلس النبي هكذا، فليس هناك أي مشكلة طالـما أنها زوجته.
وأما الرواية الصـحيحة الـموجودة في صحيح البخاري ، فليس فيها أي شيء مـما سبق.
وأما بالنسبة لـموضوع خمار خديـجة، وهل كانت السيدة خـديـجـة تلبس الـخمار قبل نزول آية الـحـجـاب؟!
فإنني قد رددتُ من قبل وقلت أن بعض نساء الـجاهلية كُن يغطين رؤوسهن بشكل عادي.
وأما نزول آية الـحـجاب، فإنها لا تنفي كون بعض النساء كن يغطين رؤوسهن قبل ذلك.
فمثلاً: القرآن الكريم قد أمر بإكرام الـجار، وقد كان العرب يفعلون ذلك من قبل أصلاً.
إذن، نزول آيات القرآن لا ينفي وجود بعض الأفعال الـجيدة قبل نزولـها، بل آيات القرآن تُبقِي الأفعال الـجيدة وتُثـبِّـها وتنـهى عن الأفعال القبيحة وتزيلها.
وتغطية الرأس كان موجوداً في العديد من الـمناطق حول العالم.
ثم إن الـحلبي ذكر موضوع خمار خديـجة لكي يؤكد أن ما حصل للنبي لم يكن بسبب شيطان أو جني بل بسبب ملاك، ولكن الـمسيحي لم يذكر هذا الكلام في الـموضوع.
وإليك كلام السيرة الـحلبية صـ٣٥٩:
[وسيأتي أنه كان يعتريه وهو بـمكة قبل أن ينزل عليه القرآن ما كان يعتريه عند نزول الوحي عليه: أي من الإغماء إلى آخره، فبسبب إزالتـها ما تغطي به رأسـها عنها اختفى فلم يعد إلى أن أعادت غطاء رأسها عليه، فاستبانت: علمت علم اليقين أن ما يعرض له ﷺ هو الوحي: أي لا الـجني، لأن الـمَلك لا يرى الرأس الـمكشوف من الـمرأة بـخلاف الـجني.]
---------------
الشبهة التاسعة:
وقال ذلك الـمسيحي ما يلي:
[وورد في السيرة الـحلبية: وفي لفظ رواية «كان إذا نزل عليه ﷺ الوحي استقبلته الرعدة»]
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي وأقول:
صاحب السيرة الـحلبية نقل رواية ضعيفة أصلاً ؛ فالرواية الضعيفة تقول:
[أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَامِدٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّا ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أُمِّهَا خَوْلَةَ قالت: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ تُرْعَدُ لَـحْيَاهُ، وكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ اسْتَقْبَلَتْهُ الرَّعْدَةُ.]
ولكن هذه الرواية ☝️ضعيفة جداً ، فالراوية بنت خولة مـجهولة الـحال.
والراوي/ حفص بن سعيد القرشي لم تثبت وثاقته في كتب الرجال، ولم يوثقه سوى ابن حبان، ولكن توثيقه لا يُعمَل به نظراً لتساهله كـما هو معروف عند العلماء.
والراوي/ أبو عبد الرحمن محمد بن يونس متهم بالوضع
والراوي/ أبو بكر محمد بن عبد الله بن زكريا مـجهول الـحال.
وعلى فكرة، هذه الرواية الضعيفة لم تُرو عن أبي هريرة كـما يزعم ذلك الـمسيحي الكـذاب.
ثم إننا قد كـتبنا من قبل كيف أن أنبياء الكـتاب الـمقدس كانت تصيبهم الرعدة.
------------
الشبهة العاشرة:
واستدل ذلك الـمسيحي بأن النبي كان يُسمَع حوله دوي كدوي النـحل، وذكر الـمسيحي روايةً:
[عن عمر ابن الخطاب: أنه كان إذا نزل عليه الوحي يُسمع عند وجهه دويٌّ كدويِّ النحل]
وأنا أرد على هذا الـمسيحي الغبي وأقول:
هذه الرواية ☝️ ضعيفة أصلاً ، فالذي رواها هو الراوي/ يونس بن سُليم الصنعاني، وهو ضعيف.
ثم إن الرواية لا تعيب النبي محمد، فالصـحابة كانوا يسمعون الصوت بأنفسهم، وهذا ينفي نظرية صرع النبي التي يرددها الـمسيحيون.
ملحوظة: لا يُلتفت لتصحيـحات الـحاكم في الـمستدرك؛ فهو كثيراً ما يرتكب الأخطاء.
ثم إن حزقيال نبي اليـهود والـمسيحيين يـخبرنا بأنه كان عند نـهر خابور فانفتحت له السماوات ورأى كائنات سماوية غريبة الشكل وسمع منـها صوت خرير ماء وصوت ضـجة:
سفر حزقيال ١: ٢٤
«فلما سارت سمعتُ صوت أجنحتـها كـخرير مياه كثيرة، كصوت القدير. صوت ضـجة، كصوت جـيش.»
فهل يستطيع الـسيحي أن يقول أن نبيه حزقيال مصاب بالصرع؟!
------------
الشبهة الـحادية عشر:
يقول ذلك الـمسيحي:
[وأيضاً عن أبي هريرة: أنهم كانوا يضعون على رأسه الـحناء، بسبب ألم الرأس الذي كان يصيبه.]
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي وأقول:
الـرواية التي يذكرها هذا الـمسيحي هي رواية ضعيفة، ولذلك وضعها الألباني في السلسلة الضعيفة، وكذلك ضعَّفها السيوطي وغيرهم.
وهذه الرواية بالـكـامل تقول:
[حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَمِينَةَ قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ عَوَانَةَ قَالَ: ثَنَا الْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْـمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ صَدَعَ، فَيُغَلِّفُ رَأْسَهُ بِالْـحِنَّاءِ»]
الراوي الذي روى هذه الرواية☝️ هو الأحوص بن حكيم، وهو راوٍ ضعيف.
وكذلك الراوي/ سليمان بن الـحكم بن عوانة ضعيف الـحديث أيضاً.
ثم إن هذه الرواية الضعيفة تقول أن النبي هو مَن كان يضع الـحناء بنفسه على رأسه وليس الآخرون.
------------
الشبهة الثانية عشر:
يقول ذلك الـمسيحي ما يلي:
[وذُكر في كـتاب (إنسان العيون) عن زيد ابن ثابت: أنه لـما كان ينزل عليه الوحي، كان يثقل جداً، فمرة جاء ساقه على ساقي (أقسم بالله) أنني لم أر أثقل من ساق رسول الله. وكان يأتيه الوحي أحياناً وهو على الـجمل، فكانت تنوء تـحته وتـجـثو. وكلما كان الوحي ينزل على النبي، كان كأن نفسه تؤخذ منه، لأنه كان يـحصل له إغماء ويظهر كالثـمل؛أي السكران.]
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي الكذاب وأقول:
لقد رجعت إلى كـتاب (إنسان العيون)، ولم أجد فيها أن النبي كان يظهر كالـثمل أو السكران...، بل هذا الـمسيحي الـكـذاب يضيف كلاماً من دماغه ويـحلف بالله كذباً بالرغم من أن الـحلف مـحرم أصلاً في الـمسيحية بل إن أناجيلهم الـمزعومة تعتبر الـحالف شريراً آثـماً.
وأما الرواية التي شبـَّهت مظهر النبي بظهر السكران أثناء الوحي، فهي رواية ضعيفة جداً ذكرها ابن سعد كالتالي:
[أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ : " كَانَ إِذَا أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وُقِدَ لِذَلِكَ سَاعَةً كَهَيْئَةِ السَّكْرَانِ.]
هذه الرواية ☝️ ضعيفة رواها جابر بن يزيد الـجعفي وهو رافضي سبئي كذاب فاسد الدين، وكان يدلس.
ثم إن عكرمة لم يقابل النبي أصلاً ؛ فهذه الرواية مرسلة ضعيفة أيضاً.
وأما بالنسبة لإدعاء الـمسيحي أن النبي كان يصيبه الإغماء بعد الرعدة، فإن هذا الكلام لم يُذكر في أي رواية نبـوية صراحةً بل الـحلبي هو مَن أضاف هذا الكلام من دماغه عندما كان يفسر رواية ابن إسحاق الضعيفة.
وإليك كلام الـحلبي في كتـاب (إنسان العيون):
[وروى ابن إسـحـاق عن شيوخه «أنه ﷺ كان يرقي من العين وهو بـمكة قبل أن ينزل عليه القرآن، فلما نزل عليه القرآن أصابه نـحو ما كان يصيبه قبل ذلك». هذا يدل على أنه ﷺ كان يصيبه قبل نزول القرآن ما يشبه الإغماء بعد حصول الرعدة، وتغميض عينيه، وتربد وجهه، ويغط كغطيط البكر.]
فالـحلبي هو مَن أضاف عبارة (يصيبه الإغماء) من دماغه بالرغم من أنها لم تُذكَر في الرواية التي يعلق عليها. ثم إن الرواية التي يعلق عليها الـحلبي هي رواية ضعيفة أصلاً وقد وضـحنا سبب بطلانها منذ قليل.
إذن الكلام كله مرفوض من الأساس أصلاً.
***********
وأما كون الدابة تـنوء وتـجثو عندما يأتي الـملاك جبريل بالوحي للنبي، فإن الروايات التي ذكرت ذلك هي روايات ضعيفة ولا يـمكن الاعتماد عليها، وسأذكر هذه الروايات:
- الرواية الأولى الضعيفة تقول:
[حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى ، قَالَ : ثنا ابْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِـيهِ : أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا أُوحِيَ إِلَيْهِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ ، وَضَعَتْ جِرَانَـهَا ، فَمَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَـحَرَّكَ حَتَّى يُسَرَّى عَنْهُ.]
هذه الرواية ☝️ مرسلة ضعيفة؛ فقد رواها عروة بن الزبير وهو وُلد بعد موت النبي بسنوات ولم يره أصلاً.
- الرواية الثانية الضعيفة تقول:
[حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِـيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : إِنْ كَانَ لَيُوحَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ، فَتَضْرِبُ بِـجِرَانِـهَا.]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة، فالراوي/ عبد الرحمن بن أبي الزناد هو راوٍ ضعيف، ولذلك أخطأ فنسب الرواية إلى السيدة عائشة بالرغم من أنه كلام عروة بن الزبير نفسه وليس كلام السيدة عائشة.
- الرواية الثالثة الضعيفة تقول:
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ ، عَنْ صَالِـحِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي أَرْوَى الدَّوْسِيِّ ، قَالَ : رَأَيْتُ الْوَحْيَ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ وَأَنَّهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ ، فَتَرْغُو وَتَفْتِلُ يَدَيْهَا حَتَّى أَظُنَّ أَنَّ ذِرَاعَهَا تَنْقَصِمُ فَرُبَّـمَا بَرَكَتْ ، وَرُبَّـمَا قَامَتْ مُوَتِّدَةً يَدَيْهَا حَتَّى يُسَرَّى عَنْهُ مِنْ ثُقْلِ الْوَحْيِ ، وَإِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْـجُمَانِ.]
لكن ☝️ هذه الرواية ضعيفة جداً ؛ لأن الراوي/ صالـح بن محمد ضعيف،
والراوي/ أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة متهم بالوضع.
والراوي/ محمد بن عمر الأسلمي ضعيف.
- الرواية الرابعة الضعيفة تقول:
[نا مُحَمَّدُ بْنُ الْـحَسَنِ الأَسَدِيُّ ، قَالَ : نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أُمِّ عَمْرٍو بِنْتِ عَبْسٍ ، قَالَتْ : حَدَّثَنِي عَمِّي ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ فِي مَسِيرٍ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْـمَائِدَةِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ نَزَلَ فَانْدَقَّتْ كَتِفُ رَاحِلَتِهِ الْعَضْبَاءِ مِنْ ثِقَلِ السُّورَةِ.]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة؛ فالـمرأة الراوية أم عمرو بنت عبس، هي امرأة مـجهولة. ثم إن هذا السند مضطرب ؛ فمرة يذكر اسم (أم عمرو بنت عبس) ، ومرة أخرى يذكر مكانـها (أم عمرو بنت عيسى). وكذلك مرة يذكر (حـدثني عمي) ، ومرة أخرى يذكر (حدثتني عمتي)!!!
- الرواية الـخامسة الضعيفة تقول:
[حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ يَعْنِي شَيْبَانَ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ ، قَالَتْ : إِنِّي لَآخِذَةٌ بِزِمَامِ الْعَضْبَاءِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ , إِذْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ الْـمَائِدَةُ كُلُّهَا ، فَكَادَتْ مِنْ ثِقَلِهَا تَدُقُّ بِعَضُدِ النَّاقَةِ.]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة فقد رواها الراوي/ ليث بن أبي سليم القرشي وهو ضعيف، وكذلك رواها شهر بن حوشب وهو كثير الأوهام.
وقد وردت نفس الرواية بسند آخر ضعيف هكذا:
[حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثنا جَرِيرٌ ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ]
ولكن الراوي/ ابن حُميد متروك الـحديث.
- الرواية السادسة الضعيفة تقول:
[حَدَّثَنَا حَسَنٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَـهِيعَةَ ، حَدَّثَنِي حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْـحُبُلِيّ حَدَّثَهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ، يَقُولُ : " أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ سُورَةُ الْمَائِدَةِ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ ، فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَـحْمِلَهُ ، فَنَزَلَ عَنْـهَا]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة حيث رواها ابن لـهيعة وهو ضعيف، وكذلك رواها حُيي بن عبد الله ، وهو ضعيف.
فكل الروايات التي تـحدثت عن جثو ناقة النبي أثناء نزول الوحي عليه هي روايات ضعيفة.
وحتى لو افترضنا أنها روايات صـحيحة، فليس هناك أي عيب في ذلك؛ نظراً لأن الـملاك يتـميز بالقوة الشديدة، ولذلك من الطبيعي أن يكون للـملاك تأثير مزلزل على الكائـنات الأخرى أحياناً؛ ولـهذا ورد في الكـتاب الـمقدس أن الـملاك أرعب الدابة فنامت على الأرض حينما كان صاحبـها راكبـاً عليـها.
ورد في سفر العدد ٢٢: ٢٧
«فلما أبصرت الأتان ملاك الرب، ربضت تـحت بلعام»
فالدابة التي كان النبي بلعام يركبـها قد ربضت على الأرض؛ أي نامت على الأرض عندما رأت الـملاك وخافت منه.
وكذلك يـخبرنا الكـتاب الـمقدس أن الـملاك كان يُـحدث زلزلة للأرض إذا جاء:
ورد في إنـجيل متَّى ٢٨:
١- وبعد السبت، عند فـجر أول الأسبوع، جاءت مريم الـمجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر.
٢- وإذا زلزلة عظيمة حدثت، لأن ملاك الرب نزل من السماء وجـاء ودحرج الـحـجر عن الباب، وجلس عليه.
٣- وكان منظره كالبرق، ولباسه أبـيض كالثلج.
٤- فمن خوفه ارتعد الـحـراس وصاروا كأموات.
فإذا كانت الأرض تـتـزلزل من شدة الـملاك ويـخاف الناس من مظهر الـملاك، إذن لـماذا يعترض الـمسيحيون على الدابة التي يركبـها النبي محمد؟!
ثم إن رواية جثو الدابة إن صـحت، فإنـها تثبت أن ما حصل للنبي لم يكن بسبب الصرع؛ لأن صرع الإنسان لا يفعل هكذا في الدابة.
*********
وأما بالنسبة لصوت الغطيط، فمعناه تردد الصوت في خيشوم الإنسان؛ أي تـجويف الأنف، وهو يشبه صوت غطيط النائم. وهذا أمر موجود عند كل البشر أصلاً وليس فيه عيب.
ثم إن إله الكـتاب الـمقدس نفسه ينـخر ويصيح وينفخ مثل الـمرأة التي تلد:
سفر إشعياء ٤٢: ١٤
«كالوالدة أصيح. أنفخُ وأنـخرُ معاً.»
مع العلم أن الـنخر هو مد الصوت في خـيشوم الإنسان أي الشخر!
***********
وأما بالنسبة لاعتراض هذا الـمسيحي على عبارة (فـخـذه على فـخـذي)، فإن هذا الـمسيحي فهم العبارة بالـخطأ؛ فعبارة (فـخـذه على فـخذي) تعني أن زيد كان جالساً بـجوار النبي مباشرةً وليس معناها أن النبي كان نائـماً فوق جسم زيد.
فعبارة (فـخـذه على فـخـذي) استخدمها كثير من العرب قديـماً بـمعنى الـمجاورة.
وحتى اليوم ستـجد الناس يستخدمون ما يشبه هذه العبارة بـمعنى الـمصاحبة والـمجاورة، ولذلك يقول الناس:
[رِجـلي على رِجـلك ولن أتركك تذهب وحدك]؛ أي سأكون معك بـجوارك، وليس معناها أنه سينام فوق جسده.
- وقد ضرب الطبري مثالاً في (تاريـخه ٨/ ١١١) في فصل خلافة الـمهدي بعد وفاة والده الـمنصور:
[فلما رأيته في ناحية السرادق ورأيت موسى مصدراً، علمتُ أن الـمنصور قد مات قَالَ: فبينا أنا جالس إذ أقبل الـحسن بْن زيد، فـجلس إلى جنبي، فصارت فـخذه على فـخذي، وجاء الناس حتى ملئوا السرادق، وفيهم ابن عياش الـمنتوف، فبينا نحن كذلك، إذ سمعنا همساً من بكاء، فقال لي الـحسن: أترى الرجل مات.]
فعبارة (فـخذه على فـخذي) يعني الـمجاورة.
فـحرف الـجر (على) يُستخدم أيضاً بـمعنى الـمصاحبة والـمجاورة، وقد اُستخدم حرف الـجر (على) بـمعنى (مع) في القرآن الكريم؛ حيث يقول الله تعالى:
﴿وَیُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِینࣰا وَیَتِیمࣰا وَأَسِیرًا﴾ [الإنسان ٨]
﴿ ... وَلَـٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ وَٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلنَّبِیِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡـمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡـمَسَـٰكِینَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِیلِ وَٱلسَّاۤىِٕلِینَ وَفِی ٱلرِّقَابِ...﴾ [البقرة ١٧٧]
- وفي اللغة العربـية يُقال: (فلان واقف على الباب)؛ أي واقف بـجوار الباب وليس فوق الباب.
ثم إن فـخـذ النبي لم يكن مكشوفاً، ولذا قال الشيخ عبد القادر الأسطواني في كـتاب (أصل الزراري ١/ ٢٣٧) ما يلي:
[فإن القرينة الـحالية والـمقالية يدلان على أن قوله: (فـخـذه على فـخـذي)؛ أي: مع وجود الساتر بينهما لا مكشوف.]
ثم إن ظاهر الرواية تـخبرنا أن الأمر حصل بدون تعمد؛ لأن النبي كان مشغولاً بنزول الوحي عليه، ولذلك لم يفعل ذلك منذ البداية، بل فقط عندما نزل الوحي عليه.
وأما بالنسبة لعبارة [فـخذه كادت أن ترض فـخذي]، فهذه لا تدل على أن النبي كان نائـماً على جسد زيد، بل العبارة تتكلم عن الرضة والصدمة، والرضة قد تكون أفقية من شيء بـجوارك وليس شرطاً أن تكون رأسية.
فلو جاءت إليك سيارة وصدمتك أفقياً فهذا اسمه رضة أيضاً.
وأما عبارة (ثقلت عليَّ)، فلا تعني أن النبي كان نائـماً فوق جسد زيد؛ بل تُستخَدم هذه العبارة أيضاً مع الأشياء الـمجاورة؛ فمثلاً: لو أن هناك شـخصاً أعرج سـميناً وأنت تـمشيء بـجانبه وتسنده في الـمشيء بصعوبة، فإن هذا الرجل الأعرج السمين سيكون ثقيلاً عليك. فقد شرحنا من قبل أن كلمة (على) تأتي أيضاً بـمعنى الـمجاورة.
ولو أن هناك شـخصاً يضغط بقوة على جنبك؛ فإن يده ستكون ثقيلة عليك...، ولذلك ستـجـد الناس دائـماً يستخدمون مصطلح (يده ثقيلة).
ولو أن هناك شـخص يضغط بقوة على جسمك حتى ولو بشكل أفقي، فإن يده ستكون هكذا ثقيلة عليك...، ولذلك ستـجد الناس يقولون عن الـممرض: (يده ثقيلة في الـحقنة).
وحتى لو افترضنا أن فـخذ النبي كانت فوق فـخذ زيد رأسياً، فإن هذا ليس غريـباً أيضاً؛ لأن الناس عندما يـجلسون بـجوار بعضهم فإنهم يربعون أرجلهم ، وتكون رِجل أحد الـجالسين فوق رجل الـمجاور بدون تـحرش وتـتداخل هكذا👇
ثم إن الإسلام يُـحـرم أصلاً أن يـجلس الرجل البالغ فوق فـخـذ رجل آخر. راجع كـتاب (كفاية الأخيار) - صفـحـة ٣٥٣.
ثم إن أنبياء وقديسي الكـتاب الـمقدس كانوا يفعلون أكثر من ذلك، فمثلاً:
- ورد في سفر التكوين ٢٤: ٢ ما يلي
[وقال إبراهيم لعبده كبير بيته الـمستولي على كل ما كان له: «ضع يدك تحت فـخذي»]
- ورد في سفر التكوين ٤٧: ٢٩ ما يلي:
[ولـما قربت أيام إسرائيل أن يـموت دعا ابنه يوسف وقال له: «إن كنتُ قد وجدتُ نعمة في عينيك فضع يدك تـحـت فـخذي»]
فهنا☝️، أمر النبي إبراهيم خـادمه بأن يضع يده تـحت فـخذ إبراهيم!!!
ونفس الأمر فعله يعقوب مع يوسف!!!
وورد في الكـتاب الـمقدس أن التلاميذ كانوا يتكـؤون في حضن يسوع:
إنـجيل يوحنا ١٣: ٢٣
«وكان متكـئاً في حضن يسوع واحد من تلاميذه، كان يسوع يـحبه.»
وكذلك بولس نام فوق أفتيخوس كـما نام النبي إيليا واليشع على الطفلين وتـمددا على جسمهم وتـحرشوا بهم، وكل هذا حسب الكـتاب الـمقدس، وسأترك لكم رابط البـحث في نهاية هذا الـمنشور.
-----------
الشبهة الثالثة عشر:
واستشهد هذا الـمسيحي الـنجس بقصة شق صدر النبي عدة مرات واستخراج العلقة منه التي هي حظ الشيطان!
وأنا أرد على هذا الـمسيحي الغبي وأقول:
أولاً: بالنسبة لـحـادثة شق الصدر، فإنـنا إذا قمنا بـتحقيق الروايات وفرزها، فسنـجد أن هذه الـحادثة حصلت مرتين فقط، ولم يَثبت بسند صـحيح أنها حصلت ثلاث أو أربع مرات.
وكذلك لم يَثبت أنها حصلت للنبي عند بدء بعثـته. بل ثَبت فقط أنها حصلت له في صغره وهو عند حليمة السعدية، وحصلت له مرة أخرى في حادثة الإسراء والـمعراج فقط....؛ أي مرتين فقط.
ثم إن هذا الـمسيحي يعتقد أنه تم استخراج علقة الشيطان من صدر النبي عدة مرات، ولكن هذا غير صـحيح، ولم يُذكَر في الروايات الصـحيحة أن الـملاك استخرج علقة الشيطان من النبي عدة مرات، بل فقط ذُكرت العلقة مرة واحدة فقط في حادثة شق صدره وهو صغير عند حليمة السعدية.
وأما في رواية الإسراء والـمعراج، فذُكر فيـها شق صدر النبي حيث ملئ بالـحكمة، ولكن لم يُذكر إخراج القلب أو نزع علقة منه أو إزالة حظ الشيطان أو غير ذلك.
وإليك حديث الإسراء:
«فنزل جبريل ففتح صدري ثم غسله ...، ثم جاء بطست من ذهب مـمتلئ حكمة وإيـمانًا فأفرغها في صدري».
وقد أشار الـحافظ ابن حـجر في كـتابه (الفتح٧/ ٢٠٥) إلى هذه النقطة ، وكذلك تابعه الـمعلمي اليـماني في كتـابه (الأنوار الكـاشفة ١٢/ ١٨٩)؛ حيث أكدا أنه لم يتم استخراج العلقة من صدر النبي إلا مرة واحدة.
إذن استخراج العلقة كان مرة واحدة فقط، وقد أخطأ البعض فظنوا أنها في كل مرة.
وأما بالنسبة للعلقة، فهي عبارة عن قطعة دم متخثرة صغيرة عالقة، وقد استخرجها الـملاك من صدر النبي، وهذه العلقة لم يكن لـها أي تأثير في أفعال النبي وتصرفاته، ولم تسبب له أي انـحراف أو ضلال...، ولذلك يقول الإمام النووى في شرحه على صحيح مسلم ١٧/ ١٣٢ ما يلي:
[قال القاضي: واعلم أن الأمة مـجتمعة على عصمة النبي من الشيطان في جسمه، وخاطره، ولسانه.]
وليس من الـمعقول أن تقوم علقة صغيرة (قطعة دم متخـثرة) بإضلال طفل صغير وجعله شريراً.
وأما عبارة (هذا حظ الشيطان منك)، فليس لها علاقة بإضلال النبي، بل هذه العبارة تعني أن الشيطان سبَّب تـخثراً دموياً للنبي من أجل إمراضه وإماتـته، ولكن الـملاك جاء وأزال هذا التـخثر الدموي وحمى النبي من ذلك الـمرض. وليس هناك أي دليل على أن هذه العلقة تسبب الضلال، بل البعض أخطاوا وزعموا بدون دليل أنها تسبب الضلال..
وكمـا هو معلوم، فإن الشيطان كائن قد يسبب الأمراض للبشر مثله مثل أي كائن آخر؛ فمثلاً الثعبان قد يسبب لك الـمرض، وعضة الكلب وبرازه قد يسببان لك الـمرض، ولـمس بعض النباتات قد يسبب لك الـمرض، وحتى الإنسان قد يسبب الـمرض لغيره عن طريق اللمس أو العطس أو غير ذلك من وسائل.
فكذلك الشيطان مثل غيره من الـكائـنات قد يسبب لك الـمرض.
وقد ذكر القرآن الكريم أن الشيطان أصاب النبي أيوب بالـمرض والتعب، فأخرج الله له ماءً للشفاء.
وفي الكـتاب الـمقدس، هناك سفر كامل اسمه (سفر أيوب) حيث يـتـحـدث عن إمراض الشيطان للنبي أيوب.
بل إن الشيطان قد أصاب بولس بالأمراض وسأترك لكم رابط هذا الـموضوع في نهاية الـمقال.
★ وأما الرواية التي تزعم أن النبي حصلت له حادثة شق الصدر عندما كان عمره عشر سنوات، فإن هذه الرواية ضعيفة، وهي كالتالي:
[حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذٍ ، عَنْ مُعَاذٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ جَرِيئًا عَلَى أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ، عَنْ أَشْيَاءَ لَا يَسْأَلُهُ عَنْهَا غَيْرُهُ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَوَّلُ مَا رَأَيْتَ فِي أَمْرِ النُّبُوَّةِ ؟ فَاسْتَوَى رَسُولُ اللَّهِ جَالِسًا ، وَقَالَ : " لَقَدْ سَأَلْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ إِنِّي لَفِي صَـحْرَاءَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَأَشْهُرٍ ، وَإِذَا بِكَلَامٍ فَوْقَ رَأْسِي ، وَإِذَا رَجُلٌ يَقُولُ لِرَجُلٍ أَهُوَ هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَاسْتَقْبَلَانِي بِوُجُوهٍ لَمْ أَرَهَا لِـخَلْقٍ قَطُّ ، وَأَرْوَاحٍ لَمْ أَجِدْهَا مِنْ خَلْقٍ قَطُّ ، وَثِيَابٍ لَمْ أَرَهَا عَلَى أَحَدٍ قَطُّ ، فَأَقْبَلَا إِلَيَّ يَـمْشِيَانِ ، حَتَّى أَخَـذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَضُدِي ، لَا أَجِدُ لِأَخَذِهِمَا مَسًّا ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : أَضْـجِعْهُ ، فَأَضْـجَعَانِي بِلَا قَصْرٍ وَلَا هَصْرٍ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: افْلِقْ صَدْرَهُ ، فَهَوَى أَحَدُهُمَا إِلَى صَدْرِي ، فَفَلَقَهَا]
ولكن☝️ الراوي/ محمد بن معاذ مـجهول، والراوي معاذ هو اسم مبهم ولم يُذكَر له توثيق معتمد في كتب الرجال.
★ وهناك رواية أخرى تذكر أن حادثة شق الصدر حصلت ببطحاء مكة ، وهذه الرواية ضعيفة وهي كالتالي:
[حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : ثنا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِـيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ " كَيْفَ عَلِمْتَ أَنَّكَ نَبِيٌّ ؟ وَبِمَ عَلِمْتَ حَتَّى اسْتَيْقَنْتَ ؟ قَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ ، أَتَيَانِي وَأَنَا بِبَطْحَاءِ مَكَّةَ ، فَوَقَعَ أَحَدُهُمَا بِالأَرْضِ وَكَانَ الآخَرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : أَهُوَ هُوَ ؟ قَالَ : هُوَ هُوَ نَعَمْ . قَالَ : فَزِنْهُ بِرَجُلٍ . فَوَزَنَنِي بِرَجُلٍ فَرَجَـحْتُهُ ، قَالَ : فَزِنْهُ بِعَشَرَةٍ . فَوَزَنَنِي بِعَشَرَةٍ فَرَجَـحْتُهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : زِنْهُ بِـمِائَةٍ . فَوَزَنَنِي بِـمِائَةٍ فَرَجَـحْتُهُمْ ، ثُمَّ قَالَ : زِنْهُ بِأَلْفٍ. فَوَزَنَنِي بِأَلْفٍ فَرَجَـحْتُهُمْ ، ثُمَّ جَعَلُوا يَتَسَاقَطُونَ عَلَيَّ فِي كِفَّةِ الْـمِيزَانِ ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: شُقَّ بَطْنَهُ. فَشَقَّ بَطْنِي ، فَأَخْرَجَ قَلْبِي ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَغْمَزَ الشَّيْطَانِ وَعِلَقَ الدَّمِ فَطَرَحَهُمَا ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اغْسِلْ بَطْنَهُ غَسْلَ الإِنَاءِ وَاغْسِلْ قَلْبَهُ غَسْلَ الْـمُلاءِ . ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: خِطْ بَطْنَهُ . فَـخَاطَ بَطْنِي ، وَجَعَلَ الْـخَاتَمَ بَيْنَ كَتِفَيَّ كَـمَا هُوَ الآنَ ، وَوَلَّيَا عَنِّي كَأَنِّي أُعَايِنُ مُعَايَنَةً.]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة؛ بسبب الانقطاع بين عروة وأبي ذر؛ حيث لم يَثبت أن عروة بن الزبير سمع من أبي ذر الغفاري؛ فأبو ذر الغفاري مات سنة ٣١، أو ٣٢ هـجرياً. أما عروة بن الزبير فإنه وُلد سنة ٢٣ أو ٢٩ هـجرياً. وهذا يعني أن عروة كان صغيراً أثناء حياة أبي ذر. ولذلك فإن الإمام البزَّار روى رواية شق الصدر عن عروة عن أبي ذر ثم علَّق عليها قائلاً:
[ولا أعلم لعروة سماعاً من أبي ذر]
راجع كتـاب [تـحفة التحصيل في الـمراسيل (١/ ٣٤٣)]
- وكذلك الراوي/ جعفر بن عبد الله القرشي، وهو في حديثه اضطراب ووهم كـما قال أبو جعفر العقيلي.
وأما الرواية التي تزعم أن حادثة شق الصدر حصلت له عند بدء بعثـته، فهي رواية ضعيفة وهي كالتالي:
[حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو عِمْرَانَ الْـجَوْنِيُّ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ اعْتَكَفَ هُوَ وَخَدِيـجَةُ شَهْرًا ، فَوَافَقَ ذَلِكَ رَمَضَانَ ، فَـخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ وَسَمِعَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ، قَالَتْ : فَظَنَنْتُ أَنَّهُ فَـجَأَهُ الْـجِنُّ ، فَقَالَ : أَبْشِرْ ، فَإِنَّ السَّلامَ خَيْرٌ، ثُمَّ رَأَى يَوْمًا آخَرَ جِبْرِيلَ عَلَى الشَّمْسِ جَنَاحٌ لَهُ بِالْـمَشْرِقِ، وَجَنَاحٌ لَهُ بِالْـمَغْرِبِ، فَهِبْتُ مِنْهُ، قَالَتْ : فَانْطَلَقَ يُرِيدُ أَهْلَهُ، فَإِذَا هُوَ بِـجِبْرِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَابِ ، قَالَ : فَكَلَّمَنِي حَتَّى أَنِسْتُ بِهِ ، ثُمَّ وَعَدَنِي مَوْعِدًا ، قَالَ : فَـجِئْتُ لِـمَوْعِدِهِ ، وَاحْتَبَسَ عَلَيَّ جِبْرِيلُ ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ إِذَا هُوَ بِهِ وَبِـمِيكَائِيلَ ، فَهَبَطَ جِبْرِيلُ إِلَى الأَرْضِ ، وَبَقِيَ مِيكَائِيلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، قَالَ : فَأَخَذَنِي جِبْرِيلُ ، فَصَلَقَنِي لِـحَلاوَةِ الْقَفَا ، وَشَقَّ عَنْ بَطْنِي ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهِ ، ثُمَّ كَفَأَنِي ، كَـمَا يُكْفأُ الإِنَاءُ ، ثُمَّ خَتَمَ فِي ظَهْرِي حَتَّى وَجَدْتُ مَسَّ الْـخَاتَمِ ، ثُمَّ قَالَ لِي : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ سورة العلق آية 1 ، وَلَمْ أَقْرَأْ كِتَابًا قَطُّ ، فَأَخَذَ بِـحَـلْقِي حَتَّى أَجْهَشْتُ بِالْبُكَاءِ ، ثُمَّ قَالَ لِي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ....} ، قَالَ : فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدُ ، قَالَ: ثُمَّ وَزَنَنِي بِرَجُلٍ ، فَوَزَنْتُهُ ، ثُمَّ وَزَنَنِي بِآخَرَ ، فَوَزَنْتُهُ ، ثُمَّ وَزَنَنِي بِـمِائَةٍ ، فَقَالَ مِيكَائِيلُ : تَبِعَتْهُ أُمَّتُهُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ، قَالَ : ثُمَّ جِئْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَمَا تَلْقَانِي حَـجَرٌ وَلا شَـجَرٌ ، إِلا قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى خَدِيـجَةَ ، فَقَالَتِ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ»]
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة؛ فقد رواها راوٍ مـجهول.
-------------
الشبهة الرابعة عشر:
يقول ذلك الـمسيحي:
[ذكر ابن هشام أن زوج حليمة مرضعته قال: لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب (بـمس شيطاني) فالْـحِقِيهِ بأهله قبل أن يظهر ذلك به، فاحتملناه، فقدمنا به على أمه، فقالت: ما أقدمك به يا ظئر وقد كنت حريصة عليه، وعلى مكثه عندك؟
فقلت: قد بلغ الله بابني وقضيت الذي علي، وتخوفت الأحداث، عليه، فأديته إليك كـما تـحبين، قالت: ما هذا شأنك، فاصدقيني خـبرك. قالت: فلم تدعني حتى أخـبرتها. قالت: أفتخوفت عليه الشيطان؟ قالت: قلت نعم، قالت: كلا، والله ما للشيطان عليه من سبيل، وإن لبني لشأناً.]
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي الـكـذاب وأقول:
أولاً: هذه الرواية ضعيفة أصلاً ولم تصح، وسنذكر سبب ذلك بعد قليل.
ثم إنني رجعتُ إلى سيرة ابن هشام ولم أجد فيه عبارة [أصيب بـمس شيطاني]، بل هذه العبارة قد وضعها الـمسيحي بنفسه في وسط الكلام لكي يـخدع الناس.
بل ابن هشام ذكر فقط كلمة (أصيب)، وإليك كلام ابن هشام:
[فَقُلْنَا لَهُ: مَالك يَا بُنَيَّ، قَالَ: جَاءَنِي رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، فَأَضْجَعَانِي وَشَقَّا بَطْنِي، فَالْتَـمِسَا (فِيهِ) شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ. قَالَتْ: فَرَجَعْنَا (بِهِ) إلَى خِبَائِنَا. قَالَتْ: وَقَالَ لِي أَبُوهُ يَا حَلِيمَةُ، لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْغُلَامُ قَدْ أُصِيبَ فَأَلْـحِقِيهِ بِأَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ بِهِ]
وبـحسب كلام ابن هشام، فإن ابن هشام كان يتكلم عن حادثة شق النبي وتطهيره بواسطة الـملائكة عندما كان طفلاً يتربى عند حـليمة وزوجها. وقد ورد في القصة أن النبي أخبر حليمة وزوجها بـما حدث له، ولـهذا خاف زوج حـليمة من أن يكون محمد قد أصيب بـجرح خطير فيـموت على إثره، وقد يتـحمل الـمسؤولية، ولهذا نصح زوج حليمة بأن يُرجِع محمداً إلى أمه.
ثم إن هذه القصة كلها ضعيفة أصلاً، فابن هشام قد ذكر سند هذه القصة الطويلة كالتالي:
[قال ابن إسحاق: وحدثني جهم بن أبي جهم مولى الحارث بن حاطب الـجمحي، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، أو عمن حدثه عنه]
وراوي هذه القصة ☝️هو جهم بن أبي جهم مولى الـحارث، ولكن هذا الرجـل مـجهول أصلاً، ثم إن رواة القصة قد تشككوا: هل جهم أخذ هذه القصة عن عبد الله بن جعفر أم عن شـخص مـجهول آخر يُـحدِّث عن عبد الله بن جعفر!!
- ولذلك قال ابن حـجر في (لسان الـميزان) ٢/ ٤٩٩ ما يلي:
[جهم بن أبي الـجهم: روى عن ابن جعفر بن أبي طالب.وأخذ عنه محمد بن إسحاق. وهو لا يُعرَف. وله قصة حليمة السعدية.]
- ويقول ابن حـجر العسقلاني في كـتاب (الـمطالب العالية) ١٧/ ١٨٢ ما يلي:
[الـحديث بهذا الإِسناد فيه علتان:
١ - شك أحد الرواة، حيث قال: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَوْ عَمَّنْ حدثه عن عبد الله بن جعفر، ولم يُعيِّن ذلك، فيكون في إسناده مبـهم.
٢ - جهم بن أبي جهم، قال عنه الذهبي: لا يُعرف.
وعليه فالـحديث بهذا الإِسناد ضعيف.]
- وكذلك يقول ابن حـجر في (اتـحـاف الـمهرة) ١٦/ ٩١٨ ما يلي:
[عن ابن إسحاق، حدثني جهم بن أبي جهم، نـحـوه...
قلتُ: لكن في هذه الرواية عن جهم بن أبي جهم: حُدِّثْت عن عبد الله بن جعفر، ولم يـبيـن ذلك ابن حبان، وهي علة الـخبر.]
- وذكر الذهبي هذا الراوي في (ديوان الضعفاء) ٦٧ وقال:
[جهم بن أبي الـجهم: روى عنه ابن إسحاق، رضاع حليمة بطوله.]
- وورد في هامش (مسند أحمد)١٥/ ١١٧- طبعة الرسالة ما يلي:
[وهذا إسناد ضعيف....وجهم بن أبي الـجهم في عداد الـمجهولين.]
- وأما بالنسبة لـمن يـحاولون توثيق هذا الراوي، فإن الأستاذ الدكتور/ سعود بن عيد الصاعدي قد رد عليهم وفنَّد كلامهم، وقال في كـتابه (الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة) ٥/٤٣٤ ما يلي:
[وقال الـهيثمي: «ورجال البزار رجال الصحيح غير الـجهم بن أبي الجهم، وهو ثقة»، وهذا مـحل نظر؛ لأن ابن أبي الـجهم ترجم له البخاري في التاريـخ الكبير، وابن أبي حاتم في الـجرح والتعديل، ولم يذكرا فيه جرحًا، ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في الثقات، وهو تساهل منه]
فالأستاذ الدكتور/ سعود قد رد على الهيثمي في خطأه، وأخبر بأن الراوي/ جهم رجل مـجهول الـحال، فكيف يكون ثقة؟!
وأما توثيق ابن حبان لـ(جهم)، فإن ابن حبان يرتكب العديد من الأخطاء في توثيق الـمجاهيل. وهذا شيء معلوم عند علماء الـجرح والتعديل، ولـهذا لا يُعتمد على توثيقاته!
- قد ذكر الـمؤرخ/ بشار عواد في هامش (كـتاب الـتمهيد لابن عبد البر) ٥/ ٤١٠ ما يلي:
[وجهم بن أبي الـجهم، مـجهول، روى عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب والـمسور بن مـخرمة، وروى عنه محمد بن إسحاق وعبد الله العمري كـما في الـجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٢/ ٢١٥، وقال الذهبي في الـمغني (١٢٠٠): «لا أعرفه».]
- وجاء في الـمسند الـمصنف الـمعلل ٣٦/ ٢٠٤ ما يلي:
[قلنا: إِسناده ضعيفٌ؛ حيث قال الذهبي في الـمغني: جهم بن أبي الـجهم لا أعرفه، له قصة حليمة السعدية. وأيضاً، مـحمد بن إِسحاق بن يسار، صاحب السِّيرة، ليس بثقة. انظر فوائد الـحديث رقم (٩٤٢٥).]
----------------
الشبهة الـخامسة عشر:
يقول ذلك الـمسيحي:
[لم نسمع أبداً أن نبياً من أنبياء الكـتاب الـمقدس كان يُطرح أرضاً عندما كان الله يكلمه كمـا كان يـحصل لـمحمد]
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي الـجاهل وأقول:
أنبياء الكتـاب الـمقدس كانوا يتعرون من ثيابـهم وينطرحون على الأرض لكي ينزل عليهم الوحي؛ فقد أنشأ النبي صموئيل مدرسةً تُعرف بـ(مدرسة الأنبياء) حيث كانوا يتعرون من ثيابـهم وينطرحون على الأرض.
وهذا قد ذكره قساوسة وعلماء الـمسيحية في دائرة الـمعارف الـكتـابـية في الـمجلد الثامن - صفحة ١٧ 👇
---------------
الشبهة السادسة عشر
ويقول هذا الـمسيحي:
[هل الوحي من الله مرعب لـهذه الدرجة]
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي الـجاهل وأقول:
مشكلة الـمسيحيين أنهم من أجهل الناس بدينـهم على كوكب الأرض ؛ فهذا الـمسيحي الـجاهل لا يدري أن أنبياءه كان الرعب يصيبـهم عند وحي الرب؛ فمثلاً: النبي موسى كان مرعوباً عندما كان يتلقى الوحي من الله، ولذلك قال بولس في رسالة العبرانيـيـن ١٢: ٢١ ما يلي:
[وَكَانَ الْـمَنْظَرُ هَكَـذَا مُـخِـيفًا حَتَّى قَالَ مُوسَى: «أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ!».]
----------------
الشبهة السابعة عشر:
ويقول ذلك الـمسيحي السافل:
[أنا برأي أن الإسلام ومحمد هم صنيعة ورقة بن نوفل وخديـجة الذين خدعوا محمد وقالوا له أنه نبي من عند الله.]
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي وأقول:
كيف عرفت أن ورقة بن نوفل خدع النبي محمد، ومن أين أتيت بـهذا الـهراء، وما الذي سيستفيده ورقة من ذلك؟!
ثم إن السيرة النبوية ذكرت أن النبي لم يُقابل ورقة إلا لـحظات بسيطة، وقد مات ورقة بعدها بفترة قصيرة جداً...
ثم إنني أستطيع أن أعامل هذا الـمسيحي بنفس معاملته وأخبره أن بولس خدع الناس وأوهمهم أن أصدقاءه (مثل تـيموثاوس) هم رسل.
____________
الشبهة الثامنة عشر:
وقال ذلك الـمسيحي بأن الوحي كان دائـماً يأتي للنبي مثل صلصلة الـجرس بالرغم من الـجرس من مزامير الشيطان!
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي الغبي وأقول:
أولاً: الـحديث لم يقل أن الوحي كان دائـماً يأتي للنبي مثل صلصلة الـجرس، بل الـحديث يقول أنه أحياناً كان الوحي يأتي مثل صلصلة الـجرس وليس دائـماً. فالوحي يأتي بوسائل متعددة وليس بوسيلة واحدة.
ورد في صـحيح مسلم ما يلي:
[عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ الْـحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ: كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ ، فَقَالَ: أَحْيَانًا يَأْتِينِي فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْـجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ ، ثُمَّ يَفْصِمُ عَنِّي، وَقَدْ وَعَيْتُهُ.]
ثم إن الـحديث لم يقل أن الوحي مثل الـجرس بل قال: (مثل صلصلة الـجرس)؛ فالـحديث يتكلم هنا عن تشبيه شدة الوحي بشدة الصلصلة نفسها ولا يتكلم عن نغمة الـجرس، ولذلك إذا أكـملتَ الـحديث فستـجده يقول: [وهو أشده عليَّ].
فهناك فرق بين شدة الصوت ونغمته.
والصلصلة في اللغة العربـية هي ترجيع الصوت ومضاعفته، ولذلك ستـجـد الكلمة تـتكون من مقطعين: صل + صل.
وأما بالنسبة لكلمة (الـجرس)، فإن لـها معنيـيـن: الـمعنى الأول هو تلك الآلة الـمخروطية الشكل التي نعرفها 🔔.
أما الـمعنى الثاني لكلمة (جرس)، فهو يُطلَق على كل صوت من ذي صوت. ولذا ورد في كـتاب لسان العرب ما يلي:
[ قال ابن سيده: الـجَرْسُ والـجِرْسُ والـجَرَسُ؛ الأَخيرة عن كراع: الـحركةُ والصوتُ من كل ذي صوت.]
★ ومن هنا يتبين لنا أن هناك فرقاً بين حديث (صلصلة الـجرس)، وحـديث (الـجرس مزمار الشيطان):
فـحديث (الـجرس مزمار الشيطان) يتكلم أصلاً عن الـجرس العادي 🔔 الذي كانوا يضعونه حول رقبة الـحيوان قديـماً أثناء الـمشي... ولذلك ستـجد أن الإمام مسلم وغيره وضعوا الـحديث تـحت عنوان: [بَابُ كَرَاهَةِ الْـجَرَسِ فِي السَّفَرِ].
- وأما البـخاري فقد وضع باباً بعنوان: [ما قيل في الـجرس ونـحوه في أعناق الإبل].
- وأما الإمام يـحيى بن شرف النووي فقد وضع في كـتابه (رياض الصالـحين) باباً بعنوان:
[كراهية تعليق الـجرس على الدواب]
- وعلَّق القاضي وابن عَقيل قائلين:
[وَيُكْرَهُ لِلْمُسَافِرِ اتِّـخَـاذُ الْأَجْرَاسِ فِي الرَّكْبِ.]
- وقال السيوطي:
[الـجرس الـجـلجـل الذي يُعلَّق على الدواب.]
- وقال العلَّامة ابن عثيمين في شرحه على رياض الصالـحين ٦/ ٤٣١ ما يلي:
[والـجرس معلوم، وهو هذا الذي يُعلَّق على الدواب، ويكون له رنة معينة تـجـلب النشوى والطرب والتـمتع بصوته، فهذا نـهى عنه النبي ﷺ؛ نـهى عنه بالتحذير منه حيث أخبر أن الـملائكة لا تصحب رُفقة فيها جرس؛ لأنه مع مشي الدواب وهملجتها يكون له شيء من العزف والـموسيقى، ومن الـمعلوم أن الـمعازف حرام]
- وورد في كتـاب لسان العرب:
[وروي عن النبي، أَنه قال: لا تَصْحَبُ الـملائكةُ رُفْقَةً فيها جَرَسٌ؛ وهو الـجُـلْجُـلُ الذي يُعلَّق على الدواب؛ قيل: إِنـما كرهه لأَنه يدل عل أَصـحابه بصوته؛ وكان يـحب أَن لا يعلم العدوّ به حتى يأْتـيه فـجأَةً، وقيل الـجَرَسُ الذي يُعلق في عنق البعير.]
إذن الـجرس الـمذكور في حديث (الـجرس من مزامير الشيطان) هو الـجرس العادي الذي نعرفه🔔 حيث كانوا يعلقونه في عنق الدواب أثناء الـمشي والسفر.
أما حديث (الوحي مثل صلصلة الـجرس)، فهو هنا لا يتكلم عن الـجرس العادي 🔔 الذي يوضع حول رقبة الـحيوان، بل يتكلم عن صلصلة جر سلسلة على صفوان؛ فنـحن قلنا من قبل أن كلمة (جرس) قد تُطلَق أيضاً على أي صوت مـهما كان وليس شرطاً أن تُطلَق كلمة (جرس) فقط على تلك الآلة الـمخروطية الشكل التي نعرفها 🔔.
وإذا رجعنا لباقي الروايات وجمعناها معاً فسنعرف ذلك بسهولة...
وإليك الدليل على أن حديث (يأتـيني الوحي مثل صلصلة الـجرس) لا يتـحدث عن جرس الدواب الـموصوف بـمزمار الشيطان:
- ذُكر في سنن أبي داود:
[حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْـجٍ الرَّازِيُّ ، وَعَلِيُّ بْنُ الْـحُسَيْنِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالُوا : أخبرنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، أنبأنا الْأَعْمَشُ ، عَنْ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ ، سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ لِلسَّمَاءِ صَلْصَلَةً ، كَـجَـرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا ، فَيُصْعَقُونَ ، فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيلُ ، حَتَّى إِذَا جَاءَهُمْ جِبْرِيلُ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ، قَالَ : فَيَقُولُونَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَاذَا قَالَ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ: الْـحَقَّ ، فَيَقُولُونَ : الْـحَـقَّ ، الْـحَقَّ»]
- ذكر البـخاري في كـتاب (خلق أفعال العباد):
[حَدَّثَنَا عَبْدَانُ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : مَنْ كَانَ يُـحدِّثُنَا بِهَذِهِ الآيَةِ لَوْلا ابْنُ مَسْعُودٍ سأَلْنَاهُ : {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ}، سَـمِعَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ صَلْصَلَةً مثل صَلْصَلَةِ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفْوَانِ فَيَخِرُّونَ ، حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ , سَكَنَ الصَّوْتُ ، عَرَفُوا إِنَّهُ الْوَحْيُ , وَنَادَوْا ، مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا : الْـحَقَّ.»]
إذن، في اللغة العربـية ،كلمة (الـجرس) لا تُطلَق فقط على تلك الآلة التي نعرفها ونسميـها بالـجرس🔔، بل كلمة (الـجرس) تُطلَق أيضاً على أي صوت.
- ثم ماذا سيفعل هذا الـمسيحي عندما يعلم أن بطن إلـهه نفسه ترن مثل العود الـموسيقي:
سفر إشعياء ١٦: ١١
«لذلك ترن أحشائي كعود من أجل موآب وبطني من أجل قير حارس.»
- وكان الوحي يأتي ليوحنا رسول الـمسيحيين بصوت بوق.
سفر رؤيا يوحنا ١: ١٠
«كنتُ في الروح في يوم الرب، وسمعتُ ورائي صوتاً عظيماً كصوت بوق»
سفر رؤيا يوحنا ٤: ١، ٢
«بعد هذا نظرتُ وإذا باب مفتوح في السماء، والصوت الأول الذي سمعته كبوق يتكـلم معي، وللوقت صرتُ في الروح.»
- وفي الـكـتاب الـمقدس، سـمع موسى صوت بوق عندما جاءه الرب وكلـمه:
سفر الـخروج ١٩: ١٦- ١٩
«وحدث في اليوم الثالث لـما كان الصباح أنه صارت رعود وبروق وسـحاب ثقيل على الـجبل، وصوت بوق شديد جداً. فارتعد كل الشعب الذي في الـمحلة. فكان صوت البوق يزداد اشتداداً جداً، وموسى يتكلم والله يـجيبه بصوت.»
- وفي الكـتاب الـمقدس، الرب نفسه يزمـجر ويزأر:
- سفر إرميا ٢٥: ٣٠
«وأنت فتنبأ عليهم بكل هذا الكلام، وقل لهم: الرب من العلاء يزمـجر، ومن مسكن قدسه يطلق صوته، يزأر زئيراً على مسكنه، بـهتاف كالدائسين يصرخ ضد كل سكان الأرض.»
- سفر يوئيل ٣: ١٦
«والرب من صـهيون يزمـجر، ومن أورشليم يعطي صوته»
- سفر عاموس ١: ٢
«إن الرب يزمـجر من صـهيون، ويعطي صوته من أورشليم»
- وكذلك صوت إله الـكـتاب الـمقدس مثل صوت الـماء!
سفر حزقيال ٤٣: ٢
«وإذا بـمجد إله إسرائيل جاء من طريق الشرق وصوته كصوت مياه كثيرة، والأرض أضاءت من مـجده»
- وكذلك صوت الـملائكة كصوت الـمياه الكثيرة والرعد والقيثارة:
سفر رؤيا يوحنا ١٩: ٦
«وسمعتُ كصوت جمع كثير، وكصوت مياه كثيرة، وكصوت رعود شديدة قائلة: «هللويا! فإنه قد ملك الرب الإله القادر على كل شيء.»
سفر رؤيا يوحنا ١٤: ٢
«وسمعتُ صوتاً من السماء كصوت مياه كثيرة وكصوت رعد عظيم. وسمعتُ صوتاً كصوت ضاربـيـن بالقيثارة يضربون بقيثاراتهم»
--------------
الشبهة التاسعة عشر:
كذلك ذكر هذا الـمسيحي موضوع الرقية وقال أن النبي كان يأمر غيره أن يرقوه ثم استدل بالـحديث التالي:
[عن عائشة: قالت أمرني رسول الله أو أمر أن يُسترقى من العين]
وأنا أرد على هذا الـمسيحي الـكـذاب وأقول:
الـحديث السابق☝️ ليس فيه أن النبي أراد من أحد أن يرقيه، وكلمة (يُسترقى) مبنية للـمجهول، بل الـحديث فيه أن النبي أمر الناس أن يرقوا أنفسهم.
ولهذا ستـجد باقي الروايات قد وضَّـحت الـمعنى أكثر؛ فقد روى الإمام مسلم من طريق عبد الله بن نـمير عن سفيان: «كان يأمرني أن أسترقي»؛ أي أن النبي أمر السيدة عائشة بالرقية.
وكذلك روى الإمام مسلم عن مسعر عن معبد بن خالد: «كان يأمرها»
وروى ابن ماجه من طريق وكيع عن سفيان أن النبي «أمرها أن تسترقي»، وكذلك رواها الإسماعيلي في رواية عبد الرحمن بن مهدي.
والـمقصود من (الرقية) هنا هو تلاوة آيات قرآنية وأذكار وأدعية من أجل دفع الشرور والـحسد.
وكل هذا الكلام الذي أنا ذكرتُه موجود في نفس الرابط الذي وضعه ذاك الـمسيحي، ولكن ذاك الـمسيحي كالدابة يقرأ ولا يفهم ما يقرأ.
---------------
الشبهة العشرون
استدل هذا الـمسيحي بالـحديث التالي:
[عن أم سلمة أن النبي رأى في بيتـها جارية في وجهها سفعة، فقال: استرقوا لها فإن بها النظرة.]
وأنا أرد على هذا الـمسيحي السخيف وأقول:
لا يوجد أي عيب في هذا الـحديث؛ فالـحديث يأمر بالرقية؛ أي تلاوة الآيات والأذكار والأدعية للـحماية من الـحسد.
وعلى فكرة ، الـحسد مذكور أيضاً في الكـتاب الـمقدس، فمثلاً:
- سفر الأمثال ٢٧: ٤
«اَلْغَضَبُ قَسَاوَةٌ وَالسَّخَطُ جُرَافٌ، وَمَنْ يَقِفُ قُدَّامَ الْـحَسَدِ؟»
- سفر يشوع بن سيراخ ١٤: ٨
«لاَ أَخْبَثَ مِـمَّنْ يَـحْسُدُ بِعَيْنِهِ، وَيُـحَوِّلُ وَجْهَهُ، وَيَـحْتَقِرُ النُّفُوسَ.»
- سفر يشوع بن سيراخ ١٤: ١٠
«الْعَيْنُ الشِّرِّيرَةُ تَـحْسُدُ عَلَى الْـخُبْزِ، وَعَلَى مَائِدَتِـهَا تَكُونُ فِي عَوَزٍ»
- رسالة يعقوب ٤: ٢
«تشـتـهون ولستم تـمتلكون. تقتلون وتـحـسدون.»
---------------
الشبهة الواحدة والعشرون:
يقول ذلك الـمسيحي ما يلي:
[ذُكر أن محمداً كانت عيناه مـحمرة، بـحسب الـحوار الذي دار ميسرة والراهب، حيث قال ميسرة: في عينيه حمرة ما تفارقه، قال الراهب: هو هو.]
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي وأقول:
لقد تـتبعتُ الروايات في جميع الكتب، ووجدت أن الروايات التي ذكرت هذه الـجزئية هي روايات في غاية الضعف ومعظمها صادر عن الواقدي الـكـذاب، فمثلاً:
١- تذكر الكتب روايةً عن [الواقدي قال: أخبرنا عبد الله بن وابصة العبسي، عن أبـيه، عن جده، قال:
فقال لهم ميسرة: ميلوا بنا إلى فدك; فإن بها يهود نسائلهم عن هذا الرجل. فمالوا إلى يهود فأخرجوا سفرا لهم، فوضعوه ثم درسوا ذكر رسول الله ﷺ النبي الأمي العربي، يركب الـحمار ويـجتزئ بالكسرة، ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا بالـجعد ولا بالسبط، في عينيه حمرة.]
هذه الرواية الضعيفة ☝️ رواها الواقدي وهو راوٍ ضعيف كذاب، وقد نسبها إلى الراوي عبد الله بن وابصة العبسي، ولكن هذا الرجل مـجهول أصلاً، وكذلك أبوه وابصة العبسي مـجهول. فالرواية ضعيفة جداً.
٢- وهناك رواية أخرى رواها الواقدي الكـذاب عن عثمان بن الضحاك عن يزيد بن الـهادي عن ثعلبة بن أبي مالك عن عمر بن الـخطاب أنه سأل أبا مالك عن صفة النبيّ ﷺ في التوراة وكان من علماء اليهود، فقال: «صفته في كـتاب بني هارون الذي لم يغير ولم يبدّل أحد من ولد إسماعيل بن إبراهيم، ومن آخر الأنبياء، وهو النبي العربي الذي يأتي بدين إبراهيم الـحنيف، يأتزر على وسطه، ويغسل أطرافه، في عينيه حمرة، وبين كتفيه خاتم النبوّة مثل زر الـحـجلة، ليس بالقصير ولا بالطويل، يلبس الشملة، ويـجرى بالبلغة، ويركب الـحـمار، ويـمشي في الأسواق ...
ولكن هذه الرواية ضعيفة ☝️وهي من كلام الواقدي الكـذاب، ثم إن الراوي عثمان بن الضحاك ضعيف.
٣- وهناك رواية أخرى ضعيفة ذكرها محمد بن سعد من محمد بن عمر الواقدي، قال: حدثني سليمان بن داود بن الـحصين، عن أبـيه، عن عكرمة عن ابن عباس: قال: رجل ليس بالقصير ولا بالطويل، في عينيه حمرة، يركب البعير، ويلبس الشملة.
فهذه الرواية☝️ رواها الواقدي الكـذاب، ونسبـها إلى سليمان بن داود بن الـحُصين ، وهو رجل مـجهول الـحال، وقد أورده ابن أبي حاتم في الـجرح والتعديل ولم يذكر له توثيقاً. وهذا ما ذُكر في الـموسوعة الـحديثية - ديوان الوقف السني ٣/١٣٨
٤- وكذلك رُويت رواية أخرى ضعيفة من طريق عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ السِّنْدِيِّ، قَالَ: ثنا النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ سَعِيدٍ الْمُسَاحِقِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، وَرُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي مَالِكَ بْنَ سِنَانٍ، يَقُولُ: جِئْتُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَوْمًا، لِأَتَحَدَّثَ فِيهِمْ، وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ فِي هُدْنَةٍ مِنَ الْحَرْبِ، فَسَمِعْتُ يُوشَعَ الْيَهُودِيَّ يَقُولُ: أَظَلَّ خُرُوجُ نَبِيٍّ، يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ يَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ، فَقَالَ لَهُ خَلِيفَةُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْأَشْهَلِيُّ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِهِ: مَا صِفَتُهُ؟ قَالَ: رَجُلٌ لَيْسَ بِقَصِيرٍ، وَلَا بِالطَّوِيلِ، فِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ، يَلْبَسُ الشَّمْلَةَ، وَيَرْكَبُ الْـحِمَارَ، سَيْفُهُ عَلَى عَاتِقِهِ.
ولكن هذه الرواية ضعيفة جداً ☝️، فالراوي/ أبو بكر بن عبد الله العامري هو راوٍ ضعيف بسبب سوء حفظه كمـا أخبرنا الذهبي في سير أعلام النبلاء ٧/ ٣٣٠.
وأما الراوي/ عبد الـجبار بن سعيد الـمساحقي، فهو ضعيف الـحديث.
وأما الراوي النضر بن سلمة؛ فهو من الـكذابين الذين يـخترعون أحاديث زائفة ويروي عن الضعفاء.
وهناك علل أخرى في الـحديث.
٥- وكذلك الواقدي روى القصة في كـتابه وبدأ كلامه[حدثني محمد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر، ومحمد بن صالح، ومحمد بن يحيى بن سهل، وابن أبي حبيبة، ومعمر بن راشد، في رجال ممن لم أسمهم، فكل قد حدثني ببعض هذا الـحديث، وبعض القوم كان أوعى له من بعض، وقد جمعت كل الذي حدثوني...]
ولكننا لا يـمكننا التأكد من مصداقية هذا الـخبر☝️؛ فالواقدي كذاب، ثم إنه ينسب هذا الـخبر لبعض الناس الـمجهولين حيث يقول: [في رجال مـمن لم أسمهم]
وحتى بعض الأشـخـاص الذين ذكر الواقدي أسماءهم، فإنهم مجهولون، مثل: محمد بن يحيى بن سهل.
٦- وهناك رواية أخرى ضعيفة من طريق محمد بن عمر، أخبرنا موسى بن شَيبة عن عُميرة بنت عُبيد الله بن كعب بن مالك عن أمّ سعد بنت سعد عن نَفيسة بنت مُنْيَة أخت يَعْلَى بن مُنْيَة قالت: قال الراهب لأبى طالب: فقال الراهب: في عينيه حمرة، قال ميسرة : نعم ، لا تفارقه
ولكن هذه الرواية ☝️ ضعيفة حيث يرويهـا الواقدي الكـذاب عن عُميرة بنت عبيد الله بن كعب، وهي مـجهولة. وهذا هو ديدن الواقدي فهو يذكر روايات وينسبها إلى أناس مـجهولين!
٧- وهناك رواية أخرى يبدأ سندها بـ[قرأت بـخط أبي الـحسن رشأ بن نظيف وأنبأنيه أبو القاسم النسيب وأبو الوحش المقرئ عنه نا أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي الكاتب نا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد أنا العكلي عن ابن أبي خالد عن الهيثم قال بلغه أن سعيد بن العاص قال: في عينيه حمرة...]
وهذه الرواية ☝️ ضعيفة جداً ، ففيها انقطاع بين الـهيثم وسعيد بن العاص، ولا نعلم مَن الذي أبلغه هذا الـخبر.
ثم إن الراوي أبو بكر محمد بن الـحسن بن دريد هو راوٍ ضعيف الـحديث وكان يسكر ويـخلط الأسانيد.
وأما الراوي/ أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي الكاتب، فكـان ضعيفاً في الرواية والـحديث بسبب لينه وتـخليطه.
وهناك عيوب أخرى في هذه الرواية.
فهذه الروايات كلها ضعيفة ولم يثبت فيـها أن في عين النبي حمرة. ومعظم هذه الروايات الضعيفة وردت على لسان الواقدي الكـذاب حيث ينسبـها إلى أشـخاص مـجـهولين. وكذلك جاء بعض الـمؤرخين الـمتأخرين مثل الـمقريزي وأخذ بعضاً من هذه الروايات الضعيفة وحذف إسنادها.
وحتى لو افترضنا أن في عين حمرة، فهذا لا يشين النبي؛ لأن حمرة العين قد تكون بسبب أشياء عادية مثل أن الشخص يسهر الليالي. وبالفعل فإن النبي كان يسهر الليالي في الصلاة والتقرب إلى الله ويهجر النوم لدرجة أن قدميه الشريفين كانت تظهر عليهما آثار التعب من كثرة الصلاة.
أما بولس رسول الـمسيحيين، فقد كانت صفاته الشكلية مـخيفة حيث ذُكر عنه أنه كان قزماً، وكان ظهره منحنياً مقوساً، وكان أصلعاً، ووجهه طويل، وعيناه مـخيفتان كأنـهما تُـخرجان ناراً. وقد كتبتُ مقالاً عن هذا من قبل، ووضعت فيه الـمراجع الـمسيحية، وسأضع لكم الرابط في نهاية الـمنشور.
وكذلك يـخبرنا الكـتاب الـمقدس أن النبي أيوب احمر وجهه من كثرة البكاء:
سفر أيوب ١٦: ١٦
«احمر وجهي من البكاء، وعلى هدبي ظِل الـموت.»
ويـخبرنا الكـتاب الـمقدس أن عين يسوع كانت كالنار:
سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي ٢: ١٨
[واكتبُ إلى ملاك الكنيسة التي في ثياتيرا: «هذا يقوله ابن الله، الذي له عينان كلهيب نار، ورجلاه مثل النحاس النقي!»].
---------------
الشبهة الثانية والعشرون:
وذكر هذا الـمسيحي أن النبي خاف من الـملاك عندما جاءه لأول مرة في غار حراء، ثم استنكر الـمسيحي هذا الـخوف وسـخر من النبي!
وأنا أرد على هذا الـمسيحي العبيط وأقول:
لقد ذكرنا من قبل كيف أن الأنبياء والقديسين في الكـتاب الـمقدس كانوا يـخـافون من الـملائكة عندما تظهر لهم.
وأيضاً، سأعطيكم أمثلة أخرى على ذلك:
ورد في إنـجيل لوقا - الأصحاح الأول ما يلي:
١١- فظهر له ملاك الرب واقفاً عن يـمين مذبـح البخور.
١٢- فلما رآه زكريا اضطرب ووقع عليه خوف.
١٣- فقال له الـملاك: «لا تـخف يا زكريا»
فهنا ☝️، خاف زكريا والد يوحنا الـمعمدان من ظهور الـملاك له.
- وكذلك مريم العذراء اضطربت من الـملاك عندما جاءها وتـحدثت معه:
ورد في إنـجيل لوقا- الأصـحـاح الأول:
٢٨- فدخل إليها الـملاك وقال: «سلام لك أيتها الـمنعم عليها! الرب معك. مباركة أنت في النساء».
٢٩- فلما رأته اضطربت من كلامه، وفكرت: «ما عسى أن تكون هذه التحية!»
٣٠- فقال لها الـملاك: «لا تـخـافي يا مريم»
- وكذلك خاف الرعاة عندما ظهر لهم الـملاك لكي يبشرهم بولادة يسوع:
ورد في إنـجيل لوقا ٢ ما يلي:
٩- وإذا ملاك الرب وقف بهم، ومـجـد الرب أضاء حولهم، فـخــافوا خوفاً عظيماً.
١٠- فقال لهم الـملاك: «لا تـخافوا!»
- وكذلك خاف القديس البار كرنيليوس من ظهور الـملاك له:
ورد في سفر أعمال الرسل ١٠:
٣- فرأى ظاهراً في رؤيا نـحو الساعة التاسعة من النهار، ملاكاً من الله داخلاً إليه وقائلاً له: «يا كرنيليوس!»
4 فلما شـخص إليه دخله الـخوف.
فهذا ☝️ما فعله كرنيليوس مع الـملاك، مع العلم أن بطرس قد صدقه ونصَّبه كأسقف على قيصرية.
- وكذلك خافت القديسة مريم الـمجدلية ومريم الأخرى عندما جاءها الـملاك وتـحدث معها:
وورد في إنـجيل متَّى ٢٨:
٨- فـخرجتا سريعاً من القبر بـخوف وفرح عظيم، راكضتين لتخبرا تلاميذه.
- وكذلك خاف بولس عندما ظهر له الـملاك:
ورد في سفر أعمال الرسل ٢٧:
٢٣- لأنه وقف بي هذه الليلة ملاك الإله الذي أنا له والذي أعبده،
٢٤- قائلاً: «لا تـخف يا بولس»
------------
الشبهة الثالثة والعشرون:
وذكر هذا الـمسيحي أن الـملاك قد غت النبي أي خنقه، واستدل هذا الـمسيحي برواية في تاريـخ ابن كثير (البداية والنهاية):
[رِوَايَةُ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أبِـيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ خَائِفٌ يُرْعَدُ: «مَا قَرَأْتُ كِتَـابًا قَطُّ، وَلَا أُحْسِنُهُ، وَمَا أَكْتُبُ، وَمَا أَقْرَأُ»، فَأَخَذَهُ جِبْرِيلُ، فَغَتَّهُ غَتًّا شَدِيدًا، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَقَالَ لَهُ: «اقْرَأْ». فَقَالَ مُحَمَّدٌ ﷺ: «مَا أَرَى شَيْئًا أَقْرَأُهُ، وَمَا أَكْتُبُ».]
وأنا أرد على هذا الـمسيحي الـكـذاب وأقول:
هذا الرواية مرسلة ضعيفة أصلاً؛ فالراوي سليمان بن طرخان التيمي أبو الـمعتمر البصري هو رجل لم يقابل النبي أصلاً ، فقد وُلد سنة ٤٦ هـ ، ومات سنة ١٤٣هـ، وعاش بالبصرة.
ثم إن هذه الرواية ☝️ مـخالفة لـما ورد في الصـحيحين، فالرواية التي وردت في الصحيحين تقول: «غطني» وليس «غتني» ، وهناك فرق بين الكلمتين. وقد أشار ابن كثير إلى هذا الأمر بعد أن أورد روايته الضعيفة.
وأما الـمقصود من كلمة (عطني) هو أن جبريل احتضن النبي بشدة، حتى أحس النبي وكأن أحداً يعصره، وهذا نظراً لقوة الـملاك.
وهذا الأمر ليس فيه أي عيب؛ فأنت مثلاً عندما تقابل شـخصاً يشتاق إليك، فقد يـحتضنك بشدة حتى تشعر أنه يعصرك.
وعندما يكون هناك أمر مفرح، فإن صديقك قد يـحتضنك حتى تشعر أنه يعصرك، وهذا نشاهده كثيراً في حياتنا اليومية.
ثم إن الكـتاب الـمقدس يـخبرنا أن الـملاك قد يستخدم القوة مثلما فعل مع بطرس حين ضربه في جنبه ليوقظه.
سفر أعمال الرسل ١٢:
٧- وإذا ملاك الرب أقبل، ونور أضاء في البيت، فضرب جنب بطرس وأيقظه قائلاً: «قم عاجلاً!» فسقطت السلسلتان من يديه.
بل إن الكـتاب الـمقدس يصف ملائكة الرب بأنهم أشرار أصلاً، ولذلك لا تستغرب منهم ما يلي:
ورد في سفر الـمزامير ٧٨: ٤٩
«أرسل عليهم حمو غضبه، سـخـطاً ورجزاً وضيقاً، جيش ملائكة أشرار.»
وأما باقي الرواية الإسلامية، فليس فيها أي شيء معيب؛ فباقي الرواية تقول أن النبي كان يرى رؤى صادقة قبل حـادثة غار حراء.
-----------
الشبهة الرابعة والعشرون:
استدل ذلك الـمسيحي الأحمق بـما يلي:
[قَالَتْ عائشة : كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَـجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا]
وأنا أرد على ذلك الأحمق وأقول:
الرواية ليس بـها أي عيب؛ فقد كان النبي يعيش مع زوجته عائشة في بيت صغير مكون من غرفة واحدة ضيقة ذات سقف منخفض، وقد كان النبي يستيقظ ليلاً للصلاة، وكان الظلام منتشراً آنذاك حيث لم يكن هناك مصابـيح كهربائية في ذاك الزمان.
وعندما كان النبي يسجد فإنه يتأكد من خلو الـمكان الذي يسـجد فيه، وإذا كان هناك شيء يعترضه، فإنه يدفعه حتى يستطيع السـجود.
وكانت السيدة عائشة نائـمة، وكانت رجلها تعترض مكان سـجود النبي نظراً لضيق الـحجرة، لذلك كان النبي يغمزها؛ أي ينكزها بـيده؛ لكي يُبعِد رجلها عن السجود مثلما أنت تـنكز بـيدك شـخصاً يعترض طريقك وتنبـهه لكي يبتعد وتـحاول أن تـمر.
------------
الشبهة الـخامسة والعشرون:
زعم الـمسيحي أن النبي مصاب بالصرع لـمجرد أنه رأى نوراً وسمع صوتاً!
وأنا أرد على هذا الـمسيحي الغبي وأقول:
بنفس منطق ذلك الـمسيحي ، فإنه سيسخر من رسوله بولس الـمزعوم؛ فبولس زعم أنه رأى نوراً وسمع صوتاً من السماء
ورد في سفر أعمال الرسل ٩:
٣- وفي ذهابه حدث أنه اقترب إلى دمشق فبغتة أبرق حوله نور من السماء،
٤- فسقط على الأرض وسمع صوتاً قائلاً له: «شاول، شاول! لـماذا تضطهدني؟»
وقد كرر بولس نفس الكلام السابق في رسائله، فهل يستطيع ذلك الـمسيحي أن يسخر ذلك من رسوله بولس الـمزعوم؟!
مع العلم أن بولس يـخبرنا بأن الشيطان قد يظهر في شكل ملاك نور (٢ كورنثوس ١١: ١٤)، وبالتالي ربـما يكون الشيطان هو مَن ظهر لبولس على شكل نور.
★ وكذلك حزقيال النبي انفتحت له السماوات ورأى لـمعاناً وكائنات غريبة عند نـهر خابور:
ورد في سفر حزقيال ١:
١- كان في سنة الثلاثين، في الشهر الرابع، في الـخامس من الشهر، وأنا بين الـمسبيين عند نهر خابور، أن السماوات انفتحت، فرأيت رؤى الله.
٢- في الـخامس من الشهر، وهي السنة الـخامسة من سبي يوياكين الـملك،
٣- صار كلام الرب إلى حزقيال الكاهن ابن بوزي في أرض الكلدانيـين عند نـهر خابور. وكانت عليه هناك يد الرب.
٤- فنظرت وإذا بريـح عاصفة جاءت من الشمال. سـحابة عظيمة ونار متواصلة وحولـها لـمعان، ومن وسطها كمنظر النحاس اللامع من وسط النار.
بل إن علماء الـمسيحية يؤكدون أن أنبياءهم كانوا يرون أشياء لا يراها البصر الطبيعي، ويسمعون أشياء لا تسمعها الأذن الطبيعية. ويـمكنك بنفسك أن تراجع دائرة الـمعارف الكـتابـية- الـجزء الثامن - صفحة ١٤
------------
الشبهة السادسة والعشرون:
هذا الـمسيحي أخذ يسخر من النبي محمد عندما تـمكن النبي من إخضاع عفريت من الـجن، واستشهد الـمسيحي بالأحاديث التالية:
[إن عفريتًا من الـجنِّ تفلَّت البارحةَ ليقطعَ عليَّ صلاتي، فأمكنني اللهُ منه فأخذتُه، فأردتُ أن أربطَه على ساريةٍ من سواري الـمسجدِ حتى تنظروا إليه كلُّكم ، فذكرت دعوةَ أخي سليمانَ : {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} . فرددتُه خاسئًا.]
[إن عفريتاً من الـجن تفلت علي البارحة ليقطع علي الصلاة، فأمكنني الله منه، فذعته، وأردت أن أربطه إلى سارية من سواري الـمسجد حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم ، فذكرت قول أخي سليمان: {رب اغفر لي وهب لي مُلكاً لا ينبغي لأحد من بعدي}، فرده الله خاسئاً.]
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي وأقول:
أولاً: الـحديث لم يقل أن النبي ربط الـجني في سارية الـمسجد بل الـحديث يقول أن النبي أراد ذلك ثم تراجع عن الأمر ولم يفعله.
ثم إن كـتاب الـمسيحيين يقول أن الـملاك أمسك الشيطان وربطه.
ورد في سفر رؤيا يوحنا - الأصـحاح ٢٠:
1- ورأيت ملاكاً نازلاً من السماء معه مفتاح الـهاوية، وسلسلة عظيمة على يده.
2- فقبض على التنين، الـحية القديـمة، الذي هو إبليس والشيطان، وقيَّده ألف سنة،
3- وطرحه في الهاوية وأغلق عليه، وختم عليه لكي لا يضل الأمم في ما بعد، حتى تتم الألف السنة. وبعد ذلك لا بد أن يـُحل زمانا يسيراً.
فهنا ☝️ نـجد الـملاك قد أمسك بالشيطان وربطه بالسلسلة لـمدة ألف سنة.
ثانياً: الـحديث النبوي يذكر أن الله أعطى النبي محمد حينـها القدرة على إخضاع ذلك الـجني، حتى ذعته النبيُ؛ أي أن النبي دافعه بعنف.
ثالثاً:
الـحديث النبوي ليس فيه أي شيء مضحك؛ وقد كان الشيطان نفسه يأخذ إله الـمسيحيين ويـجربه في البرية بل ويطير به إلى الـجبل:
ورد في إنجيل متَّى - الأصحاح ٤:
ثم أُصعِد يسوع إلى البرية من الروح ليُجرَب من إبليس. فبعد ما صام يسوع أربعين نهاراً وأربعين ليلةً، جاع أخيراً. فتقدم إليه الـمجرب (إبليسُ) وقال له: «إن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الـحـجارة خبزاً».... ثم أخذه إبليس إلى الـمدينة الـمقدسة، وأوقفه على جناح الـهيكل،.... ثم أخذه إبليسُ أيضاً إلى جبل عال جداً، وأراه جميع مـمالك العالم ومـجدها، وقال له: «أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي».
فإبليس☝️ أخذ إله الـمسيحيين إلى عدة أماكن وكان يتناقش معه في كل مكان، فلماذا يسخر هذا الـمسيحي من النبي محمد؟!
والـكثير من معجزات يسوع في الأناجيل كانت مع إخراج الشياطين، فلماذا يسخر ذلك الـمسيحي من الشيوخ عندما يرقون الناس من الشياطين ؟!
---------
الشبهة السابعة والعشرون:
يقول ذلك الـمسيحي أن النبي كان يلبس ملابس زوجته حتى ينزل عليه الوحي، واستدل ذلك الـمسيحي بـحديث:
[فَقالَ لَـها: لا تُؤْذِينِي في عائِشَةَ؛ فإنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وأَنا في ثَوْبِ امْرَأَةٍ إلّا عائِشَةَ]
وأنا أرد على ذلك الـمسيحي الغبي وأقول:
كلمة (ثوب) في اللغة العربـية تأتي أيضاً بـمعنى قطعة قماش أو لـحاف.
والـمقصود من الـحديث السابق هو أن النبي كان جالساً في بيت السيدة عائشة ويغطي نفسه باللـحاف أو قطعة القماش الـموجودة في بيت السيدة عائشة، ونزل عليه الوحي هناك في ذلك الوقت.
ولـهذا عندما نرجع مثلاً إلى صحيح البخاري ونرى باقي الروايات، فسنـجد الرواية تذكر كلمة (اللـحاف) صراحةً:
[يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِـحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا.]
والآن، سأذكر لكم كلام علماء اللغة العربـية حول معنى كلمة (ثوب) و(لـحاف):
- يقول الدكتور/ رجب عبد الـجواد إبراهيم في كـتابه (الـمعجم العربي لأسـماء الـملابس ١/ ٤٥٢) ما يلي:
[وقال الأزهرى: ويُقال لذلك الثوب لـحِـاف ومِلْحف بـمعنى واحد كـما يُقال: إزار ومئزر، وقِرام ومِقرام، قال: وقد يُقال: مِلْحفة ومِقْرمة، وسواء أكان الثوب سِـمْطًا أم مُبطَّناً، يُقال له لـحاف......ولكن اللـحاف عند العرب كل ما التحف به من ثوب أو رداء أو كساء في قيام أو قعود أو اضطجاع.]
- وهذا نفس ما ذكره الصفدي في كـتابه (تصحيح التصحيف) ١/٤٥٢
- ويقول الـجوهري في كـتابه (الصـحاح في اللغة والعلوم) ١/ ٤٦٢٨ ما يلي:
[واللِـحافُ: اسمُ ما يُلْتَحَفُ به. وكلُّ شيء تغطَّيتَ به فقد الْتَحَفْتَ به. ولَـحَفْتُ الرجل ألْـحَفُهُ لَـحْفًا: طرحت عليه اللِـحافَ، أو غطَّيته بثوب.]
- ويقول الفيومي في كـتابه (الـمصباح الـمنير) ٢/ ٥٥٠ ما يلي:
[وَاللِّـحَافُ كُلُّ ثَوْبٍ يُتَغَطَّى بِهِ]
- ويقول الرازي اللغوي في كـتابه (مـختار الصـحاح) ١/ ٤٢٢ ما يلي:
[الْتَحَفَ بِالثَّوْبِ تَغَطَّى بِهِ.]
- وقال ابن سيده في كـتابه (الـمخصص) ١/ ٣٨٩ ما يلي:
[التَحَفْت بالثَّوْب وَلَـحْـفت بِهِ]
- ويقول مرتضى الزبـيدي في كـتابه (تاج العروس) ٢٤/ ٣٥٦ ما يلي:
[والتَحَفَ بهِ: إِذا تَغَطّى وَمِنْه الـحَدِيثُ: وهوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ مُلْتَحِفًا بِهِ]
- ويقول الـمُطرِّزي في كتـابه (الـمُغرِب في ترتيب الـمُعرِب) ١/ ٢٨٨ ما يلي:
[(وَاللِّـحَـافُ) كُلُّ ثَوْبٍ تَغَطَّيْتَ بِهِ]
- وقال ابن دُريد في كـتابه (جمهرة اللغة) ١/ ٥٥٥ ما يلي:
[وكل ثوب التحفت بِهِ فَهُوَ ملحف وَمِنْه اشتقاق اللـحاف.]
- وقال ابن مالك في كـتابه (إكـمال الإعلام) ٢/ ٥٦١ ما يلي:
[لـحاف: كل ثوب يتغطى بِهِ مُبطَّنا كَانَ أَو غير مُبطَّن.]
- وقال الـحميري في كتـابه (شمس العلوم) ٩/ ٦٠١٦ ما يلي:
[الـمِلْحَفة: الثوب يلتحف به.]
- حتى الـمستشرق الـهولندي الـمسيحي الأصل/ رينهارت دوزي في كـتابه(تكمـلة الـمعاجم العربـية) ٩/ ٢١٥ ما يلي:
[وفي مـحـيط الـمحيط: اللـحاف كل ثوب يلتحف به أي يُتغطّى. ويُطلَق عند الـمولدين على غطاء مـخصوص من قماش يُـحشى قطنًا ونـحوه) (بوشر ولين عادات ١، ٢٢٧، ابن بطوطة ٣٨٠:٣).]
- وورد في الـمعجم الوسيط ١/ ١٠٢ ما يلي:
[الثوب: لفة كاملة من القماش]
- ويقول الدكتور اللغوي/ أحمد مـختار عمر في معجم اللغة العربـية الـمعاصرة ١/ ٣٣٤ ما يلي:
[ثَوْب : لفَّة كاملة من القماش مـختلفة الـمقدار]
* ولذلك تُطلق عبارة [أثواب الكعبة]؛ أي أستار الكعبة.
- وكذلك نـجـد كلمة (ثوب) قد اُستخدمت في بعض الأحاديث بـمعنى قطعة قماش تغطي حائط البيت:
[أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يُـحَدِّثُ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : " كَانَ فِي بَيْتِي ثَوْبٌ فِيهِ تَصَاوِيرُ ، فَـجَعَلْتُهُ عَلَى سَهْوَةٍ فِي الْبَيْتِ ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : «يَا عَائِشَةُ ، أَخِّرِيهِ عَنِّي فَنَزَعْتُهُ فَـجَعَلْتُهُ وَسَائِدَ.»]
مع العلم أن الـحديث لم لم لم يذكر أبداً أن الوحي جاء للنبي وهو يضاجع زوجته، بل كل ما ذكره الـحديث هو أن النبي كان يغطي نفسه باللـحاف وقت أن جاءه الوحي.
مع العلم أن الـملاك قد يأتي أثناء النوم ويـخبر الأنبياء بشيء، ولذلك ذكر الـكتـاب الـمقدس قصة الـملاك مع إيليا النبي في سفر الـملوك الأول ١٩: ٥، ٦ ، ٧:
[واضطجع ونام تـحـت الرتـمة. وإذا بـملاك قد مسه وقال: «قم وكل». فتطلع وإذا كعكة رضف وكوز ماء عند رأسه، فأكل وشرب ثم رجع فاضطجع. ثم عاد ملاك الرب ثانية فمسه وقال: «قم وكل، لأن الـمسافة كثيرة عليك».]
وذكرت دائرة الـمعارف الكـتابـية الـمسيحية - الـجزء الثامن - صفحة ١٤ ، أن الرب قد يوحي إلى أنبيائه في الأحلام وهم نـيام.
---------------
الشبهة الثامنة والعشرون:
يزعم بعض الـمسيحيين أن الوحي لا يكون عن طريق الـملائكة!
وأنا أرد عليهم وأقول:
الكـتاب الـمقدس ذكر العديد من الأمثلة على أن الوحي قد يكون بالـملائكة، فمثلاً:
سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي ١:
«وبيَّنه مرسلاً بـيد ملاكه لعبده يوحنا»
- وورد في سفر التكوين ٢٢ كيف أن الرب أرسل ملاكه ليوحي إلى النبي إبراهيم:
١١- فناداه ملاك الرب من السماء وقال: «إبراهيم! إبراهيم!» فقال: «هأنذا»
١٢- فقال: «لا تـمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئاً، لأني الآن علمت أنك خائف الله، فلم تـمسك ابنك وحيدك عني».
١٥- ونادى ملاك الرب إبراهيم ثانية من السماء
١٦- وقال: «بذاتي أقسمت يقول الرب، أني من أجل أنك فعلت هذا الأمر، ولم تـمسك ابنك وحيدك،
١٧- أباركك مباركة، وأكثر نسلك تكثيراً كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر، ويرث نسلك باب أعدائه،
١٨- ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض، من أجل أنك سمعت لقولي».
وورد في سفر أعمال الرسل ٧ كيف أن ملاك الرب كان في العليقة؛ لكي يوحي أوامر الرب إلى النبي موسى:
٣٥- «هذا موسى الذي أنكروه قائلين: من أقامك رئيساً وقاضياً؟ هذا أرسله الله رئيساً وفادياً بـيد الـملاك الذي ظهر له في العليقة.
٣٨- هذا هو الذي كان في الكنيسة في البرية، مع الـملاك الذي كان يكلمه في جبل سيناء، ومع آبائنا. الذي قبل أقوالاً حية ليعطينا إياها.
--------------
ملحوظة مهمة أخيرة:
الكثير من أعداء الإسلام يرتكبون مغالطة (العزو) عند طرح الشبـهات؛ فهم لا يناقشون بالـحجة والدليل، بل يقولون لي أن الشيخ فلان قال كذا وكذا في الفيديو الفلاني!
وهذا أسلوب غير علمي؛ فالطرح يـجب أن يُبنَى على الدليل، وليس كلام فلان أو علان في الفيديو أو الـموقع.
-------------
مقالات أخرى ذات صلة :
١- بولس ينط على أفتيخوس مثلما نط النبي إيليا وإليشع على الأطفال وناموا عليهم:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2024/01/blog-post_97.html
٢- بولس مصاب بـمس من الشيطان مـما سبَّب له الأمراض، ولديه شكل مرعب:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2021/09/blog-post_6.html
٣- بولس يسرق من الفلسفة الرواقية:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2023/02/blog-post_19.html
٤- بولس يسرق من كـتابات الوثنيين:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2022/11/blog-post_18.html
٥- بولس يسرق من أشعار الوثنيين اليونان:
https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2021/08/blog-post_29.html
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا