الرد على شبهة أن مَن يسب الله ويتوب فإنه لا يُقتَل لكن مَن يسب الرسول فإنه يُقتَل حتى ولو تاب

 مضمون الشبـهة:

أعداء الإسلام يزعمون أن الـمسلمين يفضلون النبي محمد على الله، ويـتـحـجـج أعداء الإسلام بأن: «الإسلام يوجب قتل أي شـخص يسب النبي حتى ولو تاب، ولا يوجب الإسلام قتل التائب الذي سب الله ثم تاب!»


------------

الرد على هذه الشبـهة السخيفة:

أولاً: سأرد على الـمسيحيين بنفس منطقهم الغبي:

في أسفار العهد القديم: يوجـد إقامة حـد الردة؛ فإذا قام أحد الناس الذين عاشوا في عهد موسى بشتم النبي موسى، فسيتم إقامة حد الردة عليه. وقد كانوا بالفعل يفعلون ذلك قديـماً.

لكن الـمسيحيين اليوم يستنكرون إقامة حـد الردة على الـمسيحي الـمرتد الذي يَسب يسوع. وبالتالي بنفس منطق الـمسيحيين، فإن موسى أفضل من يسوع؛ فقد كان يُطبَق حد الردة قديـماً على مَن يسب موسى أو ينكر نبوته لكن الـمسيحيين الآن لا يقيمون حد الردة على مَن يسب يسوع أو ينكره!


وكذلك ورد في العهد الـجديد أنه مسموح لك أن تسب يسوع لكن غير مسموح لك أن تسب الروح القدس. وهذا يعني أن الروح القدس أفضل من يسوع. وسأترك لكم رابط هذا الـموضوع في نـهاية هذا الـمنشور.


وأما بالنسبة للادينييـن، فإنهم يبيحون للآخرين الـحرية في شتم الإله وانتقاده، لكن نفس اللادينيين يرفضون أن يشتمهم أحد أو أن ينتقدهم بل ويرون أن ذلك جريـمة تستحق الـمقاضاة والعقوبة. وبالتالي فإن اللادينيين يعتبرون أنفسهم أفضل من رب الكون!


---------

ثانياً:

بالنسبة لـموضوع [وجوب قتل الشخص الذي سب النبي ثم تاب]، فإن هذا أمر فيه خلاف بين الفقهاء وليس أمراً مؤكداً. فليس جميع الفقهاء أفتوا بوجوب قتل الساب الذي تاب.

وقد أفتى بعض العلماء بأن ذلك التائب لا يُقتَل طالـما أنه تاب وحسنت توبته👇.


الرد على شبهة أن مَن يسب الله ويتوب فإنه لا يُقتَل لكن مَن يسب الرسول فإنه يُقتَل حتى ولو تاب


وأما بالنسبة للفقهاء الذين أفتوا بقتل التائب الذي شتم النبي ثم تاب، فإنني قد استـمعتُ لرأي هؤلاء الفقهاء الذي أفتوا بقتل ذلك التائب، فوجدتُ أن أدلتـهم هشة جداً وغير صـحيحة؛ فمثلاً: هم استشـهدوا بقصة قتل قينـتـي ابن خطل بسبب شتـمهما للنبي!


وأنا أرد على ذلك وأقول:

هذه الواقعة لا تدل على وجوب قتل الشاتم الذي تاب؛ لأن قصة قتل قينتـي ابن خطل لم تذكر توبتـهما أصلاً. وبالتالي من الـخطأ أن يستشهد أحد الفقهاء بقصة القينـتين على وجوب قتل الشاتم الذي تاب.


ثم إن واقعة قتل قينتي ابن خطل لم تثبت بإسناد صـحيح، فقد رواها البيـهقي عن عروة بن الزبير الذي وُلد بعد موت النبي بـحوالي ١٢ سنة ولم يـحضر الواقعة. ويوجـد في السند ابن لـهيعة وهو ضعيف. 

وكذلك رواها البيـهقي عن موسى بن عقبة بسند مرسل ضعيف. مع العلم أن موسى بن عقبة لم يذكر هذه القصة في مغازيه الـموجودة بين أيدينا.

 وكذلك رواها الواقدي الكـذاب عن يعقوب بن يـحيى بن عباد ، الذي هو راوٍ مـجهول أصلاً ، وهذه هي عادة الواقدي في روايته عن الـمجـاهيل!

 ويوجد أيضاً في السند عيسى بن معمر وهو راوٍ ضعيف لين الـحديث كمـا قال أبو الفتح الأزدي وابن حـجر والذهبي.


وأما بالنسبة لقصة الـمرأة اليـهودية الـمخنوقة التي شتـمت النبي، فإن هذه القصة ليس لـها علاقة بـموضوع قتل الشاتم التائب؛ لأن قصة الـمرأة اليـهودية لم تذكر توبتـها أصلاً...، وبالتالي من الـخطأ قياس هذا على ذاك.

 ثم إن قصة هذه الـمرأة اليـهودية قد رواها الشعبي عن (علي) مع العلم أن الشعبي لم يسمع من (علي) إلا حـديثاً أو حـديثين فقط غير هذه الرواية. ولـهذا تُعتبَر هذه الرواية مرسلة ضعيفة بسبب انقطاع الإسناد بين الشعبي و(علي بن أبي طالب)

وعلى فكرة ، معظم علماء الـجرح والتعديل اليوم يُضعِّفون الـمراسيل عامةً حتى لو كانت مراسيل الشعبي أو سعيد بن الـمسيب، ولا يُلتفت لقبول تلك الـمراسيل قديـماً.


وكذلك بالنسبة لقصة قتل كعب بن الأشرف الذي حارب الإسلام ، فإن القصة لم تذكر توبته أصلاً. وبالتالي فإن هذا قياس فاسد.


وكذلك بالنسبة لقصة أم الولد التي شتـمت النبي، فإن القصة أيضاً لم تذكر توبتـها ثم إن راوي هذه القصة هو أبو منصور الـحارث بن منصور وهو راوٍ مُـخـتلَف فيه وحـديـثه فيه اضطراب وأوهام.

 

فالروايات السابقة ☝️ ذكرت أشـخاصاً شتـموا النبي ، ولكن لم تذكر الروايات أبداً أنهم تابوا بل ظلوا على مـحاربتـهم للنبي وأذاهم للمسلمين. وبالتالي من الـخطأ والـمغالطة أن يستشـهد بعض الفقهاء بهذه الروايات على وجوب قتل التائب الذي شتم النبي ثم تاب.


وأما بالنسبة لـمن يستشـهدون بالرواية التي تـحـكي رغبة النبي في قتل (عبد الله بن أبي سرح) بـحـجة أنه ارتد وسب النبي ثم تاب، فإنني قد رددتُ من قبل في مقال سابق وأثبتُ ضعف هذه الرواية أصلاً. وبالتالي تسقط خرافة أن النبي أراد قتل عبد الله بن أبي سرح بالرغم من توبته. وسأترك لكم رابط هذا الـموضوع في نـهاية هذا الـمقال.


----------

ثالثاً:

بالنسبة لـموضوع  [عدم وجوب قتل الشـخص الذي يسب الله ثم يتوب]، فإن هذا الأمر فيه خلاف أيضاً بين الفقهاء، ومنهم من رأى وجوب قتل هذا الشاتم حتى ولو تاب.


الرد على شبهة أن مَن يسب الله ويتوب فإنه لا يُقتَل لكن مَن يسب الرسول فإنه يُقتَل حتى ولو تاب


وبالتالي من الـسخافة أن يأتي أعداء الإسلام ويقولوا أن الإسلام يقتل مَن يسب النبي ولا يقتل مَن يسب الله!!!!

فالأمر كله فيه خـلاف بين الفقهاء وليس مؤكداً ، وأنا قد طرحتُ لكم أدلة الفقهاء الذي أفتوا بقتل التائب الذي سب النبي وتاب، ثم رددتُ على هذه الأدلة وأثبتُ هشاشتـها.


وأما بالنسبة لي ، فإنني أعتقد اعتقاداً جـازماً بأن الشخص الذي سب الله أو رسوله ثم تاب ، فيـجب علينا أن نـختبره، فإذا تأكدنا أنه تاب توبةً نصوحاً بدون نفاق، فعلينا أن نتركه وشأنه ولا نقتله.

وفي نفس الوقت، علينا أيضاً أن نأخـذ حذرنا طوال الوقت من هذا التائب؛ فربـما يعود إلى أسلوبه الكفري القديم. وبالتالي لا يـجب أن نوليه مناصب عليا في الدولة حتى لا يقهر الـمسلمين لو ارتد مرة أخرى في يوم من الأيام.


يقول الله تعالى:

﴿وَهُوَ ٱلَّذِی یَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَیَعۡفُوا۟ عَنِ ٱلسَّیِّـَٔاتِ وَیَعۡلَمُ مَا تَفۡعَلُونَ﴾ [الشورى ٢٥]


﴿أَلَمۡ یَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ یَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَیَأۡخُذُ ٱلصَّدَقَـاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ﴾ [التوبة ١٠٤]


﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا جَاۤءَكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ مُهَـٰجِرَ اتࣲ فَٱمۡتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِیـمَـٰنِهِنَّ فَإِنۡ عَلِمۡتُمُوهُنَّ مُؤۡمِنَـاتࣲ فَلَا تَرۡجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلۡكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلࣱّ لَّهُمۡ وَلَا هُمۡ یَـحِلُّونَ لَهُنَّ وَءَاتُوهُم مَّاۤ أَنفَقُوا۟﴾ [الـممتحنة ١٠]


-------------

رابعاً:

لقد تـحدثت مراراً عن مغالطة (العزو) التي يرتكبـها الـملاحدة حينما يطرحون الشبـهة؛ فهم يقولون انظر إلى كلام الشيخ فلان وعلان!!!

وهذا أسلوب سـخيف في طرح الشبـهة؛ فالإسلام مبني فقط على كلام الله ورسوله وليس على كلام فلان أو علان. 

ووظيفة الفقيه أو الشيخ هي أن يعطي الأدلة من القرآن الكريم والسُنة النبوية لا أن يـخترع الفتاوي.


وبناءً على ذلك، إن أتى أحد الفقهاء بفتوى لا أساس لـها من القرآن الكريم أو السُنة النبوية أو حتى القياس والعقل، فلا قيمة لـهذه الفتوى.


حتى موقع (إسلام ويب) الذي يتـحـجـج به الـملاحدة ، فإن الـموقع أفتى بأنه يـجب على الشاتم أن يتوب وأن يستر على نفسه ولا يذهب للـحاكم لإقامة الـحد عليه👇

الرد على شبهة أن مَن يسب الله ويتوب فإنه لا يُقتَل لكن مَن يسب الرسول فإنه يُقتَل حتى ولو تاب


-----------------

مقالات أخرى ذات صلة :

١- الكـتاب الـمقدس يسمح بشتم يسوع ولا يسمح بسب الروح القدس:

https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2022/12/blog-post.html


٢- كذبة أن النبي أراد قتل عبد الله بن أبي سرح بالرغم من توبته:

https://the-way-to-happiness-in-life3.blogspot.com/2024/05/blog-post_89.html


______________

لا تنسونا من صالـح دعائكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

صاحب مدونة درب السعادة

جميع المنشورات على هذه المدونة متاحة لجميع المسلمين للنسخ والتنزيل....
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 comments:

إرسال تعليق

التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا