مضمون الشبـهة:
يزعم أعداء الإسلام أن النبي أمر بصنع الـخمر وشربـها حتى لو كانت ذات تركيز بسيط، ويستدل أعداء الإسلام بـحـديث مـكـذوب كـالتالي:
[عن الْكَـلْبِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِـحٍ ، عَنِ الْـمَطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّـهْمِيِّ ، قَالَ : طَافَ رَسُولُ اللَّهِ بِالْبَيْتِ فِي يَوْمٍ قَائِظٍ شَدِيدِ الْـحَـرِّ ، فَاسْتَسْقَى رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ ، فَقَالَ : «هَلْ عِنْدَ أَحَـدٍ مِنْكُمْ شَرَابٌ فَيُرْسِلُ إِلَيَّ ؟» , فَأَرْسَلَ رَجُـلٌ مِنْهُمْ إِلَى مَنْزِلِهِ فَـجَـاءَتْ جَـارِيَةٌ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ نَبِيذُ زَبِيبٍ ، فَلَمَّا رَآهَا النَّبِيُّ قَالَ : «أَلَا خَمَّرْتِيهِ وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرِضُهُ عَلَيْهِ» ، فَلَمَّا أَدْنَى الْإِنَاءَ مِنْهُ وَجَدَ لَهُ رَائِـحَـةً شَدِيدَةً , فَقَطَّبَ وَرَدَّ الْإِنَاءَ , فَقَالَ الرَّجُـلُ : «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ يَكُنْ حَرَامًا لَمْ نَشْرَبْهُ» ، فَاسْتَعَادَ الْإِنَاءَ وَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَقَالَ الرَّجُلُ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَدَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَصَبَّهُ عَلَى الْإِنَاءِ ، وَقَالَ : «إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْكُمْ شَرَابُكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَـذَا»]
-------------------------
الرد على هذه الشبـهة السخيفة:
أولاً: الـحـديث السابق هو حـديث مكـذوب وليس صـحيحـاً؛ فالذي رواه هو أبو صالـح الكـذاب وقد كان يـخـترع الأحـاديث ، وهو بنفسه اعترف بكـذبه فقال: [كل ما حـدثـتك به فهو كذب]
أما الكـلبي فهو حمـاد بن السائب الكـلبي وهو شيعي مرجئ كـذاب وكان يـخـترع الأكـاذيب بل وهناك مَن كفَّره.
فهذه الرواية مكـذوبة، ولذلك وضعها الـجورقاني في كتـاب (الأباطيل والـمناكير والـمشاهير)، ثم علَّق عليـها قائلاً:
[هَذَا حَـدِيثٌ بَاطِلٌ ، وَالْكَـلْبِـيُّ وَأَبُو صَالِـحٍ مَتْرُوكَانِ.]
------------------------
أما الـحديث الذي يقول:
[قَالَ ابْنُ الْـمُثَنَّى : حَـدَّثَنَا الضَّحَّاكُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْـجٍ ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ ، قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ بِقَدَحِ لَبَنٍ مِنَ النَّقِيعِ لَيْسَ مُـخَـمَّرًا ، فَقَالَ : «أَلَّا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ عُودًا»]
هذا الـحـديث ليس فيه أمر بشرب الـخـمر بل الـحـديث يتكلم عن تـخمير القَدَح.
والقَدَح هو الإناء في اللغة العربـية، وأما تـخمير القدح فيعني: تغطيته.
٭ فكلمة (خمَّر) في معاجم اللغة العربـية تعني (غطَّى) ، ولذلك تُطلَق كلمة (الـخمار) على الغطاء الذي يغطي الـمرأة.
وطبعاً، أعداء الإسلام قاموا باقتطاع الـحديث من سياقه لكي يـخفوا الـمعنى الـحقيقي لهذا الـحـديث؛ فأنت إذا أنت أكـملت باقي الـحـديث، فستجـد أن الصـحـابي الذي روى هذا الـحديث قد أخـبرنا بـمعنى الـحديث قائلاً:
[قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ : إِنَّـمَا أُمِرَ بِالْأَسْقِيَةِ ، أَنْ تُوكَأَ لَيْلًا وَبِالْأَبْوَابِ أَنْ تُغْلَقَ لَيْلًا]
فالصـحـابي أبو حميد يفسر معنى الـحـديث ويقول أن النبي أمرهم بوكاء السقاء.
ووكاء السقاء في زمانـهم معناه أنهم كانوا يـحضرون قطعة قماش نظيفة ثم يغطون بـها الوعاء جيداً ويلفون حبلاً حول القماشة بـحيث يُـحـكِمون إغلاق الإناء حتى لا تدخـله أي أتربة أو حشرات أو غير ذلك. ووكاء السقاء يدل على تغطية الإناء بشكل عام.
وكلمة (عود) في الـحـديث يعني أنك إذا لم تـجـد أي حبل لإحـكام غلق الإناء، فيـمكنك أن تضع قطعة قماش ثم تضع عوداً فوقها بشكل عرضي على حـافتي الإناء بـحيث لا تطير القماشة وتقع.
إذن عبارة (تـخمير الإناء أو القدح) تعني تغطيته.
وتعالوا بنا ننظر إلى علماء اللغة العربـية وماذا قالوا عن معنى (تـخمير الإناء):
يقول عالم اللغة الـمشـهور/ الـخـليل بن أحمد الفراهيدي - في كتـابه (العين) - الـمجـلد الرابع - صفحة ٢٦٣ ما يـلي:
[وخَمَّرْتُ الإناء: غطيته، قال رسول الله: «خَمَّرْوا شرابكم ولو بعودٍ»]
يقول ابن منظور في كتـابه (لسان العرب) الـمجـلد الرابع - صفـحـة ٢٥٥ ما يـلي:
[والتَّخْمِيرُ: التَّغْطِيَةُ، يُقَالُ: خَمَّرَ وجْهَهُ وخَمِّرْ إِناءك.]
ويقول العالم اللغوي/ ابن سيده - في كتـابه (الـمحـكم والـمحيط الأعظم) - الـمجـلد الـخـامس - صفحة ١٨٧ ما يلي:
[وخَمِر الشَّيْء يَـخْمُره خَمْرًا، وأخْمره: أي سَتره.
وخَمَر شَـهَادَته وأخْمرها: أي كَتمَها]
ويقول العالم اللغوي/ الـجوهري - في كتـابه (الصحـاح في اللغة والعلوم) صفحـة ١٣٧٢ ما يلي:
[والتَخْميرُ: التَغْطيةُ. يقال: خَمِّر وجْهَك، وخَمِّرْ إناءَكَ]
ويقول اللغوي/ أحمد رضا - في كتـابه (معجم متن اللغة) - الـمجـلد الثاني - صفحة ٣٣٢ ما يلي:
[الـخمر: الساتر من شـجر متكـاثف وغيره: وهو كل ما واراك من أكمة أو جبل رملٍ أو وهدة.]
ويقول اللغوي/ مرتضى الزبـيدي - في كـتـابه (تاج العروس من جواهر القاموس) - الـمجـلد ١١- صفحة ٢١١ ما يلي:
[الـخَمْر: أي (السَّتْر)، خَمَرَ الشَّيْءَ يَـخْمُره خَمْرًا: سَتَرَه.
والـخَمْرُ: أي الكَتْمُ، كالإِخْمَارِ، فِيـهِما: يُقَال، خَمَرَ الشيْءَ وأَخْمَرَه أي سَتَرَه.]
ويقول اللغوي/ ابن فارس - في كتـابه (مجـمل اللغة) ١/ ٣٠٢ ما يلي:
[وفي الأمثال: خـامري أم عامر، والتخميرُ: أي التغطية.... والـخمرُ هو ما واراك من شـجـر، وأخمروا: أي تواروا.
والـخُمرةُ: السجادة الصغيرة]
وورد في الـمعـجم الوسيط ١/ ٢٥٥ ما يلي:
[(خامر) بِهِ استتر.... وخمر الشَّيْء أي غطاه يُقَال خمرت الْـمَرْأَة رَأسـهَا بالـخمار]
ويقول اللغوي/ ابن مالك في كتـابه (إكمـال الإعلام بتثليث الكلام) ١/ ١٩٩ - ٢٠٠ ما يلي:
[خمر الشىء: ستره، وَالشَّـهَادَة: أي كتمها. والْـخـمر: مَا ستر من شـجر أَو بِنَاء أَو نَـحْو ذَلِك]
ويقول اللغوي/ ابن القطاع الصقلي - في كتـابه (كتاب الأفعال) ١/ ٢٨٢ ما يلي:
[و«خَمرْتُ» الشيءَ خَمرًا أي سترتُه، وخمَّر الشـهادةَ أي كتَمتُـها]
ويقول اللغوي/ الـحميري في كتـابه (شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم) - الـجزء الثالث - صـفحة ١٩١٦ ما يلي:
[الـخَمَر: ما واراك من شـجر ونـحوه.]
ويقول اللغوي/ الفيروزآبادي - في القاموس الـمحيط ٣٨٧ ما يلي:
[والتَّخْمِيرُ: أَي التَّغْطِيَةُ]
ويقول سعدي أبو جيب - في القاموس الفقهي ١/ ١٢٢ ما يلي:
[خمره خمراً: أي ستره.]
ويوجـد الـمزيد من عشرات العلماء في اللغة والذين قالوا نفس الشيء ولكني أفضل الاختصار منعاً للملل.
إذن الـحـديث يعني أن النبي أمر بتغطية الإناء من باب النظافة
-----------------
إلى هنا، أكون قد فندت الشبـهة بالكامل
لا تنسوا نشر الـمقال أو نسـخـه
لا تنسونا من صالـح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0 comments:
إرسال تعليق
التعليقات المسيئة يتم حذفها فوراً وأتوماتيكياً ولا تُعرض هنا