مضمون الشبهة:
يزعم منكرو السُنة أن السُنة النبوية ليست وحياً بحجة أن هناك أحاديث ضعيفة وأحاديث صحيحة بخلاف الآيات القرآنية التي لا يوجد منها إلا آيات صحيحة فقط!!!
----------------------------------
الرد على هذه الشبهة السخيفة:
هذه الشبهة هي من أسخف الحجج التي يستدل بها منكرو السُنة الكفار ضد المسلمين ، وهي مبنية على جهل هؤلاء النكرانيين بالسُنة النبوية وجهلهم بالقرآن أيضاً.
وإذا أردنا الرد على هذه الشبهة باختصار فعلينا أولاً أن نعرف معنى الحديث الضعيف والحديث الصحيح.
باختصار ، الحديث الضعيف هو الحديث الذي لم تَثبُت نسبته إلى النبي ، أما الحديث الصحيح فهو الحديث الذي ثبتت نسبته إلى النبي.
وإذا قال النبي أحاديث صحيحة وتعلمناها منه ثم جاء أشخاص من بعده وذكروا أحاديث أخرى مزيفة ، فليس من المعقول أن أرفض كل الأحاديث بلا استثناء بل سأعمل عملية فرز للأحاديث وأتمسك منها بالحق الصحيح الثابت عن النبي وسأترك الأحاديث الضعيفة جانباً. وهذا بالفعل ما فعله علماء الحديث عبر الزمان.
لكن لو أنا رفضت كل الأحاديث بلا استثناء ، فحينئذ سأكون قد ارتكبت مغالطة (القاضي الفاشل) الذي يقضي بنفس الحكم على كل الناس سواء البريء أو المذنب.
وعلى فكرة ، نفس الأمر ينطبق على آيات القرآن الكريم؛ فهناك قراءة قرآنية صحيحة السند ومتواترة، وهناك أيضاً قراءات شاذة ضعيفة السند مرفوضة. ولذلك قام علماء القراءات بفرز القراءات القرآنية إلى صحيح وشاذ ، ووضعوا القراءات الصحيحة في المصاحف التي بين أيدينا، ورفضوا القراءات الشاذة. وعلى هذا المنوال قام الإمام البخاري مثلاً بأخذ الأحاديث وعمل عملية فرز لها فوضع الأحاديث النبوية الصحيحة في كتابه وترك الأحاديث الضعيفة جانباً.
دعني أضرب لك أمثلة على قراءة قرآنية صحيحة نقرؤها في مصاحفنا وقراءة أخرى شاذة مرفوضة:
نحن عندنا في سورة العصر هذه القراءة القرآنية التالية:
﴿وَٱلۡعَصۡرِ ١ إِنَّ ٱلۡإِنسَـانَ لَفِی خُسۡرٍ ٢﴾ [العصر ١-٣]
ولكن على الجانب الآخر يوجد قراءة شاذة ضعيفة مرفوضة وهي كالتالي:
{والعصر ونوائب الدهر * إن الإنسان لفي خسر}
وهذه القرآنية الثانية هي قراءة شاذة ضعيفة ولم تَثبُت بالإسناد ولا بالتواتر؛ ولذلك رفضها علماء القرآن الكريم. وأنا كنت قد تكلمتُ عنها مسبقاً في منشور مستقل وسأترك رابطه بالأسفل.
دعني أعطيك مثالاً آخر:
نحن عندنا قراءة قرآنية صحيحة الإسناد والتواتر وهي كالتالي:
﴿إِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمۡ لَهَا وَارِدُونَ﴾ [الأنبياء ٩٨]
ولكن على الجانب الآخر ، يوجد قراءة شاذة ضعيفة الإسناد وهي كالتالي:
{إنكم وما تعبدون من دون الله حطب جهنم أنتم لها واردون}
ونظراً لأن هذه القراءة الثانية شاذة بدون إسناد صحيح متصل فإن علماء القراءات القرآنية رفضوها ولا نقرؤها في مصحفنا.
دعني أعطيك مثالاً آخر:
نحن عندنا قراءة قرآنية صحيحة الإسناد وهي كالتالي:
﴿ٱلنَّبِیُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِینَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡ وَأَزۡوَاجُهُۥۤ أُمَّهَـاتُهُمۡ﴾ [الأحزاب ٦]
ولكن على الجانب الآخر توجد قراءة شاذة ضعيفة الإسناد وهي كالتالي:
{النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أبوهم}
ونظراً لأن القراءة الشاذة السابقة هي قراءة ضعيفة الإسناد بلا تواتر فإن علماء القراءات رفضوها ولا نقرؤها في مصحفنا.
والأمثلة على ذلك كثيرة، ولكني أحببت أن أختصر وأن أوضح للقاريء أنه مثلما أن هناك أحاديث صحيحة وضعيفة ، فإن هناك أيضاً قراءة قرآنية صحيحة وضعيفة. ومثلما أن علماء القراءات القرآنية فرزوا القراءات ووضعوا القراءة الصحيحة في مصحف مستقل ، فإن الإمام البخاري فعل نفس الشيء مع الأحاديث النبوية. وهذا يبين لنا أن منكري السُنة هم جماعة من الكفرة الجاهلين بالقرآن ولا يعرفون أبسط بديهياته بل ويهدفون إلى ضرب القرآن ولكن بشكل غير مباشر.
وإذا أراد منكرو السُنة أن يرفضوا كافة الأحاديث بحجة أن هناك أحاديث ضعيفة مزيفة بجانب الصحيحة، إذن بنفس منطقهم سيتوجب عليهم أيضاً أن يرفضوا كافة الأخبار التي نسمعها يومياً بحجة أن هناك أخبار صحيحة ومزيفة ، وعليهم أيضاً أن يرفضوا كافة كتب التاريخ لأن هناك معلومات تاريخية صحيحة ومعلومات أخرى مزيفة ، وعليهم أيضاً أن يرفضوا كل الكتب العلمية لأن هناك معلومات صحيحة ومعلومات أخرى خطأ. وعليهم أيضاً أن يرفضوا كافة السلع بحجة أن هناك سلع سليمة وسلع أخرى مغشوشة.
وهذا يبين لك أن منكري السُنة ليسوا عقلانيين أبداً بل هم جماعة من الهمج المرتزقة الذين يرددون الهراء بلا عقل ولا تفكير.
وعلى فكرة ، نفس الأمر ينطبق على أصحاب الديانات الأخرى ، فمثلاً: المسيحيون يؤمنون بأربعة أناجيل ، ولكن على الجانب الآخر يوجد أكثر من 50 إنجيل آخر منحول يرفضه المسيحيون.
واليهود يؤمنون فقط بالتوراة العبرية ولكن على الجانب الآخر يوجد أشكال أخرى من التوراة مثل التوراة السامرية والتوراة اليونانية السبعينية وتوراة قمران التي تختلف عن التوراة العبرية الحالية في كثير من المواطن والنصوص والفقرات.
================
إلى هنا أكون قد فندت الشبهة بالكامل بفضل الله تعالى
لا تنسونا من صالح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
================
مقالات أخرى ذات صلة:
1- الرد على شبهة: آية {وأزواجه أمهاتهم وهو أبوهم}:
2- الرد على شبهة: آية {والعصر ونوائب الدهر}
3- الرد على شبهة: آية {حضب جهنم} بدلاً من {حصب جهنم}:
4- الأناجيل المنحولة: